محمد أمين

كاتب فلسطيني مقيم في بريطانيا

 

 أحيى فلسطينيو بريطانيا يوم أمس السبت الذكرى 104 لوعد بلفور المشؤوم، لكن هذه المرة عبر مبادرة عملية قانونية برفع قضية ضد المملكة المتحدة تطالب لندن بالاعتذار للشعب الفلسطيني عن وعد بلفور ودره ودورها في تأسيس كيان الاحتلال.

  مبادرة يقودها رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري نجحت أولا في توحيد فلسطينيي بريطانيا خلفها، ودعمهم للمسار القانوني الذي يعتزم الرجل المضي فيه، كما نجحت كذلك في الاشتباك مع الاحتلال بأدوات قانونية متاحة لكنها كانت تحتاج من يأخذ زمام المبادرة، ففي الوقت الذي يقف خلف اللوبي الصهيوني دولة ومؤسسات وروابط تقدم له تمويلا ضخما، يفتقد الفلسطينيون في كل مكان للدعم والتمويل، وقبل ذلك يفتقدون موقفا موحدا ورواية مجمع عليها في عرض قضيتهم.

 يبدو لي أن النضال في ساحات القانون الدولي، وأروقة المحاكم هي قضية لا تنفصل عن نضال وصمود الفلسطينيين في الداخل، فرفع قضية تطالب بريطانيا بالاعتذار عن وعد بلفور المشؤوم وعن دورها في تأسيس كيان الاحتلال هو نضال أساسي في ملاحقة إسرائيل والتضييق على داعميها وانتزاع حقوقنا الوطنية، فكل فلسطيني مطلوب منه الاشتباك بنفس وطني في معركة التحرر، أينما تواجد ، وبالطريقة التي يستطيعها.

من جهة أخرى وفي ظل الانقسام والانسداد السياسي ،والظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية والوطن العربي عموما ينبغي على الشعب الفلسطيني الابداع في وسائل المقاومة، فمحاصرة رواية إسرائيل دوليا وتضييق الخناق عليها يسهم بالتراكم  في احداث تغيير، وقد شاهدنا كيف أقدم مندوب إسرائيل الأممي جلعاد إردان، الجمعة الماضية على تمزيق تقرير لمجلس حقوق الإنسان، يدين جرائمها بحق الفلسطينيين، بدعوى أنه "منحاز"، مظهر غير حضاري ظهر به ممثل الاحتلال وهو يمزق التقرير  ويلقيه في سلسة المهملات المشهد الذي يكشف عن قدر الازعاج الذي تحدثه ملاحقة كيانه، وتعرية روايته الزائفة بأنه " الديمقراطية الوحيدة" وسط عالم عربي مضطرب، فتلك التقارير والقضايا تسهم في كشف زيف تلك الادعاءات وتبيان وجه إسرائيل الحقيقي ك " نظام فصل عنصري".

 تزخر الساحة في بريطانيا بالنشطاء والحقوقيين والجالية الفلسطينية كبيرة وعريضة مدعومة من الجاليات العربية، ولا بد من الإفادة من التواجد في ثان أهم عاصمة في العالم في العمل من أجل الضغط على صناع القرار للإقرار بالحقوق الفلسطينية، وينبغي أن تكون أجندة فلسطيني بريطانيا مختلفة عن أجندة وخلافات الفصائل، ففي لندن كلنا فلسطينيون تجمعنا قضية النضال من أجل وطننا وتحريره، والعمل على انتزاع حقوقنا الوطنية، والأجندة الوطنية واسعة في هذا السياق، فنحن شعب محتل نريد نيل حريتنا واستقلالنا والاعتراف بحقوقنا الوطنية، وإقامة دولتنا المستقلة ككل شعوب الكرة الأرضية، نريد الانعتاق من نظام الفصل العنصري المتمثل في إسرائيل، والتي ساعدتها بريطانيا عبر وعد بلفور في تأسيس دولة على أنقاض شعب، فالجريمة التي ارتكبت في فلسطيني هي جريمة ضد الإنسانية ولا ينبغي الخوف أبدا من الصدح صباح مساء بأن بريطانيا ساهمت في تهجير شعب، واقتلاعه والمساعدة في إحلال أناس آخرين مكانه، ثم اعترفت بالدولة المحتلة وأنكرت حقوق الشعب المحتل، ولذلك فالمشكلة هي حقوقية بامتياز، ومن هنا تأتي مشروعية التحرك القانوني ومطالبتها بالاعتذار، وتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكبته.

في بريطانيا فضاء واسع للنضال القانوني والحقوقي والإنساني، والأسئلة مشروعة عن كيفية الإفادة من التواجد الفلسطيني والعربي في بريطانيا في التأثير على صناع القرار لتبني مواقف أكثر اعتدالا من الصراع مع المشروع الصهيوني، والأدوات متعددة عبر تشكيل كتل وازنة للتصويت في الانتخابات يكون بند الموقف من فلسطين محددا رئيسيا في التصويت، كذلك تحشيد الجالية وتصعيد مرشحين منها للاشتراك في انتخابات المجالس البلدية والبلديات والبرلمان، ومن المهم كذلك عقد شراكات مع برلمانيين وقانونيين ونشطاء حقوق إنسان يشاركوننا حقنا في الحرية، وعدم الخوض في التعقيدات السياسية للوضع الفلسطيني أو العربي، وإنما العمل ضمن عبارة وسلوغن واحد: أننا شعب تحت الاحتلال نريد التحرر ونيل استقلالنا.

 


 

السابق سأنجب طفلاً "عربياً" يوماً ما
التالي مهرجان التراث الفلسطيني في عاصمة وعد بلفور!