عرب لندن
رفض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الإثنين، دعوة عاجلة لشرح موقفه أمام نواب البرلمان في ظل تصاعد الاتهامات بالمحاباة والمحسوبية داخل حكومته وحزبه.
وعقد النواب نقاشا طارئا وسط دعوات لإجراء تحقيق مستقل في المزاعم المتزايدة بالفساد والسلوك غير اللائق داخل حزب المحافظين والحكومة.
وتعرضت الحكومة إلى إدانات، الأسبوع الماضي، لمحاولتها تغيير معايير التأديب الداخلية في البرلمان في مسعى لمنع تعليق نشاط عضو برلماني من حزب المحافظين لمدة ثلاثين يوما بعد تبين ارتكابه انتهاكا "جسيما" لقواعد أنشطة الضغط.
ورغم تخلي جونسون عن المراجعة غير المسبوقة في غضون 24 ساعة، ما دفع النائب أوين باترسون إلى الاستقالة من البرلمان، إلا أن المسألة سلطت الضوء على مجموعة من المزاعم حول سلوك النواب.
واعتذر الوزير البارز ستيف باركلي نيابة عن الحكومة عن "الخطأ الذي ارتكب الأسبوع الماضي". وأضاف "ندرك أن هناك مخاوف في مجلس العموم بشأن نظام المعايير (للمحاسبة)... وفي حين أن المخاوف الملموسة تستدعي الانتباه، فإن الطريقة التي جرى التعامل بها مع قضية الأسبوع الماضي خلطت بينها وبين حالة فردية".
من جهته، اتهم زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر جونسون بأنه يريد تجنب الكشف عن مراسلات إضافية لباترسون مع الوزراء بشأن عقود تتعلق بالتصدي لكوفيد-19.
وقال ستارمر عبر تويتر "بوريس جونسون ليس لديه الحياء للدفاع عن أفعاله أو الاعتذار عنها". مضيفا أن "همه، كما هو الحال دائما، حماية نفسه وليس المصلحة الوطنية".
كما أثار الأمر انتقادات حادة من رئيس الوزراء السابق عن حزب المحافظين جون ميجور، الذي وصف ما جرى بأنه "مخزي" و"شوه سمعة البرلمان".
وأشار استطلاع أجرته شركة "ايبسوس موري" لصالح صحيفة "لندن ايفننغ ستاندرد" إلى أن شعبية جونسون والحزب الحاكم كانت في تراجع حتى قبل الفضيحة.
فقد جاء حزب المحافظين في المرتبة الثانية بعد حزب العمال في الاستطلاع بينما اختلف غالبية المشاركين في التقييم إن كان لدى جونسون ما يلزم ليكون رئيس وزراء جيدا لأول مرة منذ توليه السلطة في عام 2019.
ورغم الأزمة المتصاعدة، توجه رئيس الوزراء إلى شمال شرق إنكلترا لمناسبة تلقي العاملين الصحيين لقاحات الإنفلونزا وجرعات معززة من لقاحات كورونا.
وأشار المتحدث باسمه إلى أن رحلته ستتم بالقطار، بعد أيام من تعرضه لانتقادات شديدة بسبب استعماله طائرة خاصة للتنقل من قمة المناخ كوب26 في غلاسكو لحضور عشاء خاص في لندن مع زملائه السابقين في صحيفة "دايلي تلغراف".
وصرح جونسون خلال ظهور إعلامي قصير في المستشفى "ما نحتاج إلى القيام به هو النظر أيضا في المسار (التأديبي)، وهذا ما كنا نحاول القيام به الأسبوع الماضي"، وشدد على أنه سيركز على نهج متعدد الأطراف لإنجاز الاصلاحات.
وتصاعدت الضجة حول سلوك النواب خلال عطلة نهاية الأسبوع اثر نشر تقرير عن منح المحافظين داعمين كبارا لهم "بشكل منهجي" مقاعد في مجلس اللوردات غير المنتخب، وهو الغرفة العليا في البرلمان التي تدقق في التشريعات.
خلص التحقيق الذي أجرته صحيفة "صنداي تايمز" ومنظمة "أوبن ديموكراسي" إلى أن 16 متبرعا تولوا على مدى العقدين الماضيين مناصب في أمانة المال لحزب المحافظين وحصلوا على مقاعد في مجلس اللوردات بعد زيادة تبرعاتهم إلى أكثر من 3 ملايين جنيه إسترليني (4,1 مليون دولار، 3,5 مليون يورو).
يأتي ذلك في أعقاب مزاعم أخرى عن مخالفات حكومية بشأن منح عقود في سياق مكافحة فيروس كورونا وجوانب متعددة من سلوك جونسون نفسه، فضلا عن شبهات حول قدرة المشرعين على الحصول على وظائف ثانية ذات رواتب عالية.
وكشف التقرير أن النائب المستقيل أوين باترسون ضغط مرارا على وزراء ومسؤولين لخدمة مصالح شركتين تدفعان له سنويا أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني.
في تصريح لـ"إذاعة بي بي سي"، قالت النائبة الديموقراطية الليبرالية ويندي تشامبرلين التي شاركت في تقديم طلب المساءلة البرلمانية العاجلة الإثنين، إن "هناك بالتأكيد تضارب مصالح يجب النظر فيه".
وقالت في وقت لاحق في البرلمان "يقولون إن تعفن السمكة يبدأ من رأسها وأنا أشعر بخيبة لأن رئيس الوزراء قرر عدم الحضور اليوم للإجابة على الأسئلة".
وطالب حزبها بإجراء تحقيق علني في مزاعم الفساد، يكون له صلاحية جمع الأدلة واستدعاء الشهود تحت القسم.