عرب لندن

يعود الحديث عن استعمال الرياضيين للمنشطات بشدة مع كل موعد أولمبي، فقبل ثماني سنوات، اعترف الأمريكي لانس أرمسترونغ، الفائز بطواف فرنسا للدراجات الهوائية 7 مرات، باستخدام عقاقير تحسين الأداء. ورغم أن تعاطي المنشطات في الرياضة كان قد انتشر منذ تسعينيات القرن الماضي، فإن اعتراف أرمسترونغ لطخ سمعة رياضة الدراجات بشكل لم تتعاف منه إلى الآن.

وقالت صحيفة "الإيكونومست" البريطانية أن مشكلة تعاطي المنشطات تضرب رياضات عديدة، ومن أبرز القضايا التي أثيرت في السنوات الأخيرة فضيحة الرياضيين الروس التي أدت إلى حظر مشاركة روسيا في أولمبياد طوكيو-2020 بقرار من محكمة التحكيم الرياضي الدولية.

ومع ذلك، قد تكون الألعاب الأولمبية الحالية، وفقا للصحيفة، مسرحا ملائما لعمليات "الغش" من عدة رياضيين، لأن عمليات الإغلاق عطلت نظام الاختبارات المنتظمة التي يخضع الرياضيون لها، وقد نجم عن ذلك ضعف في عمليات التدقيق والمراقبة حول تعاطي المنشطات.

وفي هذا الصدد، تشير تقديرات بعض المراقبين إلى أن أكثر من ألف رياضي، من أصل 11 ألف مشارك في الألعاب الأولمبية، قد يلجؤون لاستخدام عقاقير كيميائية لتعزيز الأداء.

منذ عقود طويلة، يدور جدل حول المنشطات، ففي أولمبياد 1968، طبقت أولى اختبارات تعاطي المنشطات، ولكن منذ ذلك الحين يستمر النقاش حول إزالة القيود بشكل تام، بحجة أنه مادام يسمح للفيزياء بتعزيز الأداء، مثل استخدام الدراجات الأخف وزنا أو الأحذية ذات النوابض، فما الضرر من اللجوء للكيمياء أيضا؟ لكن ما يتجاهله المدافعون عن رفع القيود هو أن العديد من العقاقير المنشطة لها آثار جانبية خطيرة، فعلى سبيل المثال، عانى الرياضيون الذين تناولوا جرعات من المنشطات من رياضيي ألمانيا الشرقية، خلال الحرب الباردة، من مشاكل صحية خطيرة تشمل تلف الكبد وتوقف النمو.

كما أن فكرة السماح للجميع باستخدام المنشطات قد يزيد من احتمالات الخطر بالنسبة لأولئك الأكثر استعدادا لأخذ كميات كبيرة لتحقيق الأفضل. كما أن الضرر لن يقتصر على الرياضيين البالغين، لأن العديد من الرياضات تبدأ ممارستها في مرحلة الطفولة.

وترى الصحيفة أن الحل الأمثل هو تحسين آليات الرقابة، لأن القضاء على المنشطات بالكامل ليس أمرا ممكنا. وقد أحدثت جهود مكافحة المنشطات فرقا بالفعل، وأصبح من الضروري للرياضيين المخالفين في جميع الألعاب الرياضية أن يكونوا أكثر دهاء وحذرا لاجتياز الاختبارات بنجاح.

ويطالب المختصون بضرورة تغيير المنظومة، فحسب صحيفة "الإيكونوميست"، هناك 3 تغييرات من شأنها تحسين نظام المراقبة والكشف عن المنشطات: أولا: تغيير محور التركيز، حيث أصبح علم مكافحة المنشطات أكثر تطورا، ويمكن للاختبارات ضبط وجودها بمستويات تعادل جزء واحدا فقط على كل تريليون. لكن العمل الاستقصائي يبقى مفيدا بنفس القدر، حيث ساعد المبلغون عن المخالفات والسلوك المشبوه والإخطارات من شركات الأدوية، في الكشف عن الكثير من فضائح المنشطات في الماضي، وينبغي تعزيز هذه الجهود.

ثانيا: سيتطلب الأمر رصد المزيد من الأموال، حيث يتم تمويل الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات "وادا" حاليا من قبل الحكومات والهيئات الرياضية، وتبلغ ميزانيتها السنوية 40 مليون دولار، أي أقل مما يجنيه بعض نجوم الرياضة سنويا. وتمتلك الوكالات الوطنية والإقليمية التي تطبق قواعد "وادا" ميزانيات أقل، ولا شك أن الرعاة والاتحادات الرياضية لها ما يكفي لرفع تلك الأرقام ودعم وكالات مكافحة المنشطات.

ثالثا: وهي الخطوة الأهم، وتقوم على تسليم الراية لشخصيات جديدة، ومن المعروف، وفقا للصحيفة، أن الهيئات الرياضية تتسم بالكثير من الفساد والمحاباة، وليس من مصلحتها كشف الكثير من الرياضيين المخالفين لأن ذلك سيضر بصورة الاتحادات والرعاة ويقلص الأرباح.

لذلك، يجب تسليم المناصب القيادية في وكالات مكافحة المنشطات إلى أطراف من خارج المنظومة الرياضية، مثل المحامين أو رجال القانون السابقين. كما ينبغي أن تكون الوكالات مستقلة قدر الإمكان، مثلما هو الحال لوحدة نزاهة ألعاب القوى الجديدة، التي تراقب مكافحة المنشطات بشكل مستقل عن الاتحاد الدولي لألعاب القوى.

وفي الولايات المتحدة، تم سن قانون جديد لمكافحة المنشطات يعمل على تأكيد الولاية القضائية الجنائية الأمريكية على أي حدث يحضر فيه رياضيون أو شركات أمريكية، لكن مكافحة المنشطات تعتمد على التعاون الدولي، ومن غير المرجح أن تقبل الدول الأخرى تسليم زمام المبادرة للولايات المتحدة، وفقا للصحيفة.

السابق الحجامة تثير الانتباه في أولمبياد طوكيو
التالي خمس نصائح يمكنك اتباعها لإقناع الأشخاص من حولك بتلقي اللقاح المضاد لكورونا