حوار: كريم إمام

أكد الممثل والمخرج المسرحي أحمد حمود، بطل فيلم (زنقة كونطاكت)، الذي شارك في النسخة الأخيرة من مهرجان لندن السينمائي الدولي، أنه سعيد بالتعامل مع ممثلين عظام خلال تصوير الفيلم من أمثال فاطمة عاطف وسعيد باي، وتحدث، خلال حواره مع "عرب لندن"، عن كيفية تحضيره للشخصية وعن علاقته بمدينة كازابلانكا التي تدور أحداث الفيلم في شوارعها الخلفية لتحكي قصة حب في إطار موسيقي تشويقي، كما تحدث عن علاقته بالمسرح وبداياته في السينما مع فيلم (ميموزا)، وعن صانعي الأفلام الشباب في المغرب اليوم... فإلى نص الحوار:

 

التحضير للشخصية

في البداية يتحدث حمود عن تحضيره للشخصية، قائلا إنه كان هناك مشاهد باللغة الإنجليزية، وأنا لا أتحدث الإنجليزية، بالإضافة إلى التدريب على آلة الجيتار مع المدرب لمدة شهرين، وهذا هو المهم، أما عن الناحية النفسية للشخصية فالمخرج إسماعيل العراقي، وهو الكاتب أيضا، ضبط الشخصية بشكل ممتاز، وهي ليست بشخصية صعبة في ما يخص الطاقة الخاصة بها أو إيقاعها، وبالتالي لم أجد صعوبة في هذه المسألة. وقد تركت المخرج يديرني بشكل كامل، فهي مسألة ثقة وتكامل مع فريق العمل الذي عمل المخرج فترة طويلة لإيجاد الممثلين لهذا الفيلم.

 

مدينة المتناقضات

وعن علاقته بكازابلانكا كمدينة يقول: كازابلانكا مدينة تعجبنا وتخيفنا، فهي مدينة المتناقضات، بها العنف والحب والموسيقى والبيزنس. فـ"كازا" هي كون وعالم وحدها. وهي مدينة ساحرة من ناحية الجمال ومن ناحية قدرتها على أن تسحرك؛ من السحر والشعوذة أيضا، فهي مدينة المتناقضات، وقد كان هذا واضحا في الفيلم.

وعن استخدام اللهجة الدارجة يشير حمود إلى أن السينما هي صورة وصوت، والحوار ليس هو العنصر الأهم، ففي العالم العربي هناك من يتحدث العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية، ودائما هناك شريط الترجمة، فالمحتوى في ظني يكون بعيدا عن اللغة ولا أعتقد أنها عائق، فنحن نتقدم للجمهور بصفة عامة أيا كان، ولا نستثني أحدا، وإنما نستهدف تقديم الفيلم للإنسان في كل مكان.

 

المسرح والسينما

وعن الاختلاف بين المسرح والسينما، يقول إن المسرح والسينما فنان مستقلان، فعندما أعمل سينما أكون محضرا نفسيا سينمائيا، وكذا الحال مع المسرح. وأنا لم أظن يوما أني سأخوض تجربة التمثيل في السينما.. لطالما اعتبرت نفسي مسرحيا وباحثا في المسرح من ناحية الإخراج مع فرقة "دها وسا"، وهي تعني بالأمازيغية الآن وهنا، وكنت أعمل في إطار المسرح البحت والمسرح التجريبي. ثم التقيت بالمخرج الإسباني أوليفير راشي، وعملنا فيلم "ميموزا" الذي نال جائزة نيسبريسو الكبرى بمهرجان كان السينمائي في العام 2016، وعندما عرض عليّ الدور الرئيسي آنذاك قلت إنه أحمق، ولم أكن أتخيل أني ممثل سينما، إلا أنه عندما تعطاك ثقة الناس، فعليك أن تقدم ما يتوقعونه منك. فالسينما فن الانتظار بالنسبة إلى الممثل الذي يعد عنصرا من عناصر عديدة، وبالتالي على ممثل السينما أن يتعلم كيفية الانتظار وكيفية الاحتفاظ بالطاقة الخاصة به، والحفاظ على التركيز بشكل أساسي.

 

السينما العربية

وأشار المتحدث إلى وجود جيل من الشباب يقف على أرضية صلبة ولديه إمكانيات كثيرة، ولكن تبقى مشكلة الإنتاج. فالسينما تتطلب الدعم الذي لا يزال غير كاف لدينا هنا في المغرب، وبالتالي نضطر للاتجاه خارج البلاد مثل فرنسا وبلجيكا، كما هو الحال مع (زنقة كونطاكت) وأيضا فيلم (ميموزا) الذي تعاون في إنتاجه العديد من الدول، وبالتالي فإن لدينا الشباب القادر على الحصول على دعم منتجين من الخارج لمساندتهم في تنفيذ أفلامهم. ونفى أن يكون الدعم الخارجي مدخلا للسيطرة أو فرض أفكار بعينها على صانعي الأفلام، إذ يعتقد بأن الحرية في الفن هي الشرط الأول، ولا يمكن القبول نهائيا بتدخل أيا كان في الشأن الفني. وهناك العديد من المؤسسات التي تدعم صناع الأفلام حول العالم، ويكون المقياس هو الناحية الفنية. أما المؤسسات التي تمول أفلاما لأهداف معينة دعائية أو سياسية، فإن هذا غير مقبول تماما بالنسبة لنا ولمجموعة كبيرة من المخرجين الشباب.

 

أدوات الممثل

وعن كيفية تطوير نفسه وأدائه كممثل، يقول حمود إنه يشتغل دائما على الجسد وعلى الصوت، مشددا على أهمية هذين العنصرين في الشكل الفيزيائي الخارجي، ويضيف: "هذا ما أعمل عليه بشكل يومي من خلال اليوجا على سبيل المثال، وأنا الآن أتمرن على الدوران، إذ أتحضر لدخول عمل فني ألعب خلاله دور أحد فناني التنورة "الدراويش" وهو مشروع بعنوان "واحة المياه المتجمدة"، وقد أعجبني جدا السيناريو الذي أعطاني إياه المخرج رؤوف الصباحي، ويتحدث عن شخصية صوفية معاصرة تصاب بمرض السرطان وزوجته الطبيبة تؤمن بالدواء والعلاج الحديث، أما بالنسبة له فيرى عدم فائدة هذا الدواء الذي لن يمنحه سوى شهرين أو ثلاثة في الحياة، وهو يحب أن يذهب إلى الله بجسد جميل... لن أقول الكثير عن الفيلم، ولكن أتوقع أن يكون مشروع ممتاز. 

واختتم حديثه بالتأكيد على سعادته الكبيرة بالوقوف أمام ممثلين عظام من أمثال فاطمة عاطف وسعيد باي، لافتا إلى أن المجهود الكبير الذي بذل من قبل كل فريق العمل في فيلم (زنقة كونطاكت)، وعلى رأسهم المخرج إسماعيل العراقي، إذ كنت أعمل في بعض الأيام 20 ساعة في الـ 24 ساعة، فالوشم الذي كان يرسم يحتاج إلى 3 ساعات، وبالتالي كنت أول من يصل وآخر من يذهب في موقع التصوير. وأختتم بالقول أن الإنسان لا يجب أن يدخر طاقته، وإنما عليه أن يبذل الطاقة كلها.

السابق لوحة هوكني بيعت بـ 12,8 مليون جنيه
التالي إسماعيل العراقي: الجيل الجديد لصانعي السينما بالمغرب أقاموا مدرسة قائمة بذاتها