عرب لندن

كشفت دراسة جديدة أن العمال المهاجرين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة لشغل وظائف في قطاع الرعاية الصحية يواجهون أوضاعًا قاسية، تشمل إجبارهم على دفع رسوم غير قانونية تصل إلى 20 ألف جنيه إسترليني، وتقاسم أماكن السكن في ظروف غير آدمية، إضافة إلى تعرضهم لمستويات مقلقة من العنصرية في أماكن العمل.

وأظهرت الدراسة التي أجراها اتحاد النقابات العمالية البريطاني (Unison)، وشملت أكثر من 3000 عامل وصلوا إلى المملكة المتحدة بتأشيرات العمل في مجال الصحة والرعاية، أن قرابة ربع المستجيبين اضطروا لدفع رسوم باهظة قبل وصولهم إلى البلاد، مقابل وعدهم بوظيفة.

ووفقًا لما نشرته صحيفة “الغارديان” Guardian، كشفت الدراسة أن أكثر من 100 شخص، معظمهم من نيجيريا، زيمبابوي، زامبيا، الهند، باكستان، الفلبين، البرازيل، وإندونيسيا، دفعوا رسومًا تراوحت بين 5000 و20 ألف جنيه إسترليني. كما تجاوزت الرسوم التي دفعها 50 عاملاً حاجز 10 آلاف جنيه إسترليني، في حين اضطر خمسة منهم إلى دفع أكثر من 20 ألف جنيه إسترليني.”

ورغم هذه المبالغ الكبيرة، أفاد عدد من العمال بأنهم يعيشون في سكن مكتظ وغير ملائم، حيث صرّح ربع المشاركين في الدراسة بأنهم أجبروا على مشاركة غرفة النوم مع آخرين. وأبلغ أحد العمال عن وجود 15 شخصًا في شقة من غرفة واحدة، بينما أفاد آخر بأنه يتشارك مع تسعة أشخاص في شقة من ثلاث غرف. كما اضطر بعضهم إلى النوم في العراء بسبب عدم قدرتهم على تحمل تكاليف السكن.

وأشار أكثر من 800 عامل إلى تعرضهم للعنصرية في العمل، حيث أفاد 355 شخصًا بأنهم تعرضوا لها من زملائهم، بينما أبلغ 300 آخرون عن إساءة معاملة من قبل رؤسائهم المباشرين. كما أن الخوف من فقدان وظائفهم يمنع الكثيرين من تقديم شكاوى، حيث ذكر أكثر من ثلث المشاركين أنهم أو زملاء لهم تعرضوا للتهديد بالفصل إذا أثاروا قضايا تتعلق بظروف عملهم.

وتأتي هذه الانتهاكات في وقت يُعتبر فيه العمال المهاجرون جزءًا أساسيًا من قوة العمل في قطاع الرعاية في بريطانيا. ووفقًا لإحصائيات منظمة Skills for Care، فإن نسبة 8.3% من الوظائف في قطاع الرعاية الاجتماعية في إنجلترا كانت شاغرة خلال عام 2023/2024، أي ما يعادل 131,000 وظيفة. كما تُظهر البيانات أن ثلث الموظفين الجدد في هذا القطاع تم استقدامهم من الخارج خلال نفس الفترة.

ويُطلب من الشركات التي توظف العمال المهاجرين تقديم شهادة رعاية لكل موظف، وهي وثيقة ضرورية للحصول على تأشيرة العمل. ووفقًا لبيانات الحكومة، تم تقديم 21,300 طلب للحصول على تأشيرة العمل في قطاع الصحة والرعاية بين أبريل وديسمبر 2024. إلا أن أي عامل يفقد وظيفته بسبب إفلاس شركته أو قراره بالاستقالة يواجه خطر الترحيل إذا لم يتمكن من العثور على كفيل جديد في غضون 60 يومًا.

وانتقدت شخصيات بارزة الوضع الحالي وطالبت بإصلاحات فورية. حيث قالت كريستينا مكني، الأمينة العامة لـ Unison: "العاملون في الرعاية الصحية القادمين من الخارج يدعمون قطاعًا متداعيًا، ويجب أن يُعاملوا باحترام وليس باستغلال وظروف قاسية. على الحكومة إصلاح نظام الكفالة بشكل عاجل للحد من هذه الانتهاكات وتحسين معايير العمل في هذا القطاع."

ومن جهتها، وصفت الدكتورة شبنا بيغوم، المديرة التنفيذية لمؤسسة Runnymede Trust، الوضع بأنه انعكاس “للحالة المزرية التي وصل إليها قطاع الرعاية بسبب نقص التمويل المزمن، حيث يتم استغلال العمال الذين نعتمد عليهم في رعاية كبار السن والفئات الأكثر ضعفًا.”

وفي تعليق رسمي، قال متحدث باسم الحكومة: "نشعر بقلق بالغ إزاء هذه النتائج ونؤكد التزامنا باتخاذ إجراءات صارمة ضد استغلال العمال وانتهاكات قانون الهجرة من قبل أرباب العمل غير القانونيين."

وأشار إلى أن الحكومة بصدد فرض حظر على الشركات التي تستغل العمال المهاجرين، كما سيتم إصدار تشريعات جديدة لإنشاء وكالة Fair Work، لضمان حقوق العمال وتعزيز بيئة عمل عادلة. وأضاف أن الشركات التي تنتهك قوانين العمل ستفقد تراخيصها، وسيتم دعم العمال المتضررين في العثور على وظائف بديلة.

السابق بريطانيا وأمريكا ترفضان التوقيع على إعلان قمة باريس بشأن الذكاء الاصطناعي "الشامل"
التالي حظر دخول المدعي العام للجنائية الدولية البريطاني الجنسية لأميركا