عرب لندن
أظهرت دراسة ل «مركز التميز للإحصاء الاقتصادي» (ESCoE)، أن حوالي 1.3 مليون عامل أجنبي، قد غادروا بريطانيا خلال الفترة الممتدة بين يوليو 2019 حتى الشهر نفسه من 2020، وهو رقم غير مسبوق، ولم يُسجل نظير له منذ الحرب العالمية الثانية.
ووفق الوثيقة نفسها، فإن العاصمة لندن وحدها فقدت 700 ألف عامل أجنبي، وهو ما يمثل 8% من سكان العاصمة، مفسرة هذا «الهروب الجماعي» بنتائج جائحة كورونا، التي أدت لإغلاق الاقتصاد لأشهر طويلة، إضافة لعدم اليقين الذي ولدته مفاوضات «البريكست» (Brexit) لمدة 4 سنوات.
والسبب في تركز ظاهرة هجرة العمال الأجانب بالعاصمة (لندن)، هو الخسائر التي تكبدها قطاع الخدمات، وفقدانه عشرات الآلاف من الوظائف بسبب الإغلاق، ولا تحسم الدراسة ما إذا كان هؤلاء العمال سوف يعودون لبريطانيا بعد إعادة فتح الاقتصاد أم أن الوضع سيستمر على ما هو عليه.
ومغادرة مدينة مثل لندن لا يكون بالقرار السهل على أي شخص عمل فيها لسنوات، وتعرف عليها عن قرب، وهذا حال عمال كثيرين عملوا لسنوات في قطاعات أعمال برروا قرارهم بأسباب اقتصادية ومالية في المقام الأول. 
وقالوا إن النشاط الاقتصادي لن يعود للعاصمة كما كان، وسيستغرق الأمر وقتًا لا يستطيعون تحمله ماليًا ولا نفسيًا، لافتين الى أن هذه المغادرة الجماعية تعود بشكل أساسي للبريكست، فحتى الساعات الأخيرة من المفاوضات لم يكن هناك وضوح، والجميع كان حذرًا وخائفًا على وظيفته، ولهذا قرر عدد كبير مغادرة البلاد تجنبًا للأسوأ.
ويرون أن قطاع الخدمات الذي يشكل 72% من الاقتصاد البريطاني، كان الأكثر فقدانًا للوظائف، بسبب قرار مؤسسات مالية وشركات تأمين كبرى نقل مقراتها إلى فرانكفورت وباريس، معتبرين أن هذا الوضع غير المستقر لقطاع الخدمات في لندن سوف يفقدها وضعها العالمي، لأن رأس المال جبان، ويبحث عن الوجهات المستقرة.
ومن بين الأسباب التي دفعت العمال الأجانب إلى مغادرة البلاد، تعقيد الإجراءات بعد البريكست من أجل العمل في بريطانيا للأجانب.
وعلى سبيل المثال، فقطاع الإنشاء والإعمار يعتمد بشكل كبير على اليد العاملة من أوروبا الشرقية، لكن هؤلاء اضطروا للعودة لدولهم بعد أن اكتشفوا أنهم سيخضعون لقوانين مختلفة.
وعبر خبراء عن خشيتهم من فقدان بريطانيا جاذبيتها لليد العاملة الخبيرة والكفاءات، «في السابق كانت لندن هي المكان المفضل لألمع العقول الاقتصادية والمالية، لأنها منصة عالمية أما بعد البريكست، فالوضع تغير كثيرًا».
وتوقعوا أن لندن لن تتمكن من الحفاظ على وضعها كأكبر مركز مالي بالعالم. ويؤكدون فقدان بريطانيا جاذبيتها للعمال الأجانب منذ التصويت لصالح البريكست، بعد أن وجدوا أنفسهم أمام شروط وقيود كثيرة، الغرض منها التحكم بالهجرة خصوصًا القادمة من أوروبا الشرقية.
ويشيرون إلى نتائج جائحة كورونا، التي جعلت العمال المهاجرين يهربون منذ إعلان إغلاق الاقتصاد، والشروط الصعبة التي وضعتها وزارة الخزانة للاستفادة من تعويض فقدان العمل، ولهذا فضل كثيرون العودة لبلادهم.
ويراهنون على سرعة إعادة فتح الاقتصاد البريطاني مع تسارع وتيرة عملية التلقيح مقارنة ببقية الدول الأوروبية، فحينها ستحتاج بريطانيا ليد عاملة خصوصًا في قطاع الصناعة والفلاحة والفندقة والمطاعم، وهذه مهن لا يحب البريطانيون العمل فيها، ولهذا يحتاجون لليد العاملة الأجنبية.
 

السابق مات هانكوك: لا يزال أمامنا طريق طويل قبل التمكن من تخفيف قيود العزل
التالي ازدحام شديد في مطار هيثرو و لا إجراءات تتعلق بالتباعد الإجتماعي