عرب لندن
أعلن بعض الباحثين من جامعتى غرناطة وإشبيلية الإسبانيتين والمدرسة متعددة التقنيات فى مدينة لوزان السويسرية عن توصلها إلى اكتشافات جديدة فى قصر الحمراء بمدينة غرناطة، حيث صعد هؤلاء الباحثون مجددًا إلى تلة الحمراء بمقاربة جديدة لمقرنصات قصر بنى الأحمر النصريين، المعلم الأثرى الإسلامى الشهير المطل على حى البيازين منذ قرون الحقبة الأندلسية الإسلامية من تاريخ إسبانيا.
عاد الباحثون بمنهجية جديدة إلى مقرنصات أروقة ساحة الأسود الشهيرة، اعتمدت فى مرحلة أولى على دراسة أهم الصور والرسومات المتوفرة عنها من القرن 17 إلى القرن 20. وعلى ضوئها، تم وضع رسوم نظرية لها بالكمبيوتر، وفقا لما اكتُشف من قواعد هندسية فى المقرنصات محل الدراسة. وفى مرحلة ثالثة وأخيرة، تم مسح المقرنصات المعنية مسحا ثلاثى الأبعاد لفحصها بدقة للوقوف على حالتها الراهنة وتحديد التحولات التى طرأت عليها عبر القرون الماضية.
وكللت جهود الباحثين باكتشاف عناصر تقنية جديدة لم تكن معروفة فى السابق، نالت اهتمام الدوائر الجامعية والإعلامية فى إسبانيا، حسب ما ذكر موقع روسيا اليوم، من بينها عدم تطابق المقرنصات جميعها، عكس ما كان متعارفا عليه لدى الخبراء، وتباين القطع التى تدخل فى تشكيلها، بالإضافة إلى اكتشاف تشوهات هندسية طالت التصميم الأصلى النصرى الأندلسي. وبالتالي، تمكن فريق الباحثين من تحديد القطع غير المعروفة حتى الآن فى هذه المقرنصات، والأصيل فيها والدخيل، بشكل دقيق، والتحولات التى طرأت عليها بشكل طبيعى خلال مئات السنين.
سمحت الدراسة التطبيقية التى قام بها فريق الباحثين بمعرفة أدق وفهم أفضل للقواعد المعمارية التى بنى وفقها المعماريون المسلمون فى الأندلس هذه التحفة التاريخية المعترف بتفوقها الجمالى والوظيفى عالميا.
بالنسبة للبروفيسور فى جامعة إشبيلية، أنطونيو جاميث، وأحد المشرفين عن هذه البحوث التطبيقية على مقرنصات قصر الحمراء، لأول مرة، توثق هذه الدراسة وتحلل تفاصيل كانت غير معروفة حتى الآن فى الأدبيات العلمية، وتعتبر المقرنصات، التى يطلق عليها الأسبان بلغتهم بعد تكييف صغير مع لسانهم "لوس مكاربيس"، إحدى العجائب الفريدة فى قصر الحمراء وتاريخ الفنون الإسلامية، بشكلها الهندسى الراقى ثلاثى الأبعاد والمتطور جدا فى عصره، بالنظر إلى مستوى تقدم الفنون المعمارية لدى البشرية آنذاك.
وعكس ما يعتقد، بنى قصر الحمراء على مراحل استغرقت أكثر من 150 عاما، ولم يُشيد دفعة واحدة، بل كانت تضاف إليه البناءات والحدائق والسواقى والنافورات والحمامات والثكنات والأبراج الدفاعية ومختلف الهياكل العمرانية جيلا بعد جيل، حسب الحاجة الآنية، من طرف أمراء وملوك بنى النصر الأندلسيين، وهذا ما جعل قصر الحمراء مجمعا ملكيا يتضمن مجموعة من القصور وليس قصرا واحدا، وبلغ نضج هذا المجمع الملكى الأندلسى ذروته بالأشغال التى باشرها الأمير محمد الخامس "1354-1359 و 1362-1391"، وأصبحت أهم الإنجازات وأبرزها فى "زمان الوصل بالأندلس".