عرب - لندن  

كريم إمام 

قصص وحكايات متنوعة خرجت من رحم الأزمة المتواصلة التي يعيشها أهل العاصمة لندن جراء تفشي فيروس كورونا (كوفيد ١٩)، حيث باتت المملكة المتحدة من أكثر البلدان الأوروبية تضررا بهذا الوباء. نتعرف خلال هذا الحوار على قصة المواطن البريطاني،جاك ماريوت من لندن، الذي أصيب بالفيروس وعزل نفسه في البيت فتعافى منه دون أضرار تذكر.

في البداية، يتحدث جاك عن توقيت إصابته بفيروس كورونا وكيفية انتقاله إليه فيقول: في يوم الثلاثاء الذي سبق فرض إجراءات الحظر الكلي في البلاد، بدأت أشعر بأعراض نزلة البرد العادية والتي تشمل ارتفاعا في درجة الحرارة إضافة لآلام الجسم والشعور بالوخز والتعرق الساخن والبارد، وهو أمر يصيبني كل عام، وبالتالي لم أعر الأمر اهتماما كبيرا. وقد تناولت دواء الباراسيتامول وغيره من الأدوية المعتادة لمثل هذا النوع من المرض، وكنت أذهب إلى العمل وأتعامل بشكل طبيعي لمدة أسبوع تقريبا. استمريت في العمل خلال هذه الفترة، إلى أن لاحظت تغير في حاستي التذوق والشم حتى شعرت باختلاف طعم كأس من النبيذ الأحمر الذي بدا مذاقه لي كمذاق الخل، في الوقت الذي قال جميع من يشاركوني الطعام بأن طعمه جيد. كما أن مأكولات أخرى بدت لي مختلفة في طعمها، ولكني لم أفكر في الأمر كثيرا في ذلك الحين، على الرغم من أن ذلك لم يحدث لي من قبل. بعد ذلك بأسبوع، فُرض حظر التجوال وبدأت العمل من المنزل. وخلال يومي الخميس والجمعة من ذلك الأسبوع شعرت بتعب شديد ومكثت في السرير طوال اليوم. وبعد ذلك شعرت بتحسن يمكنني من العودة للعمل على الرغم من استمرار الكحة الجافة لعدة أيام. ومع هذا كله لم أكن على علم بإصابتي بالفيروس، إلى أن جاء يوم تابعت فيه الأخبار والتي ذكرت أن من ضمن الأعراض الجانبية للإصابة لفيروس التغير في حاستي الشم والتذوق.

ويقول جاك واصفا عائلته وطبيعة حياته اليومية، أنه يعيش في حي كلابهام Clapham ويعمل كمهندس وأن أخاه يعمل بستاني ويعيش ما بين بوتني Putney  و هيرتفوردشاير Hertfordshire، وأن والده الذي يعيش في حي بوتني ويتعلم اللغة العربية ويمضي عدة أشهر كل عام في دولة عربية ليحسن من لغته العربية، تقاعد منذ فترة. وعن طبيعة تأثير إصابته بكورونا على العائلة، يشير إلى أن أيا من أفراد العائلة لم يخضعوا لاختبار الفيروس لمعرفة ما إذا أصابتهم العدوى. إلا أنهم يعتقدون أنه لم يصب أيا منهم بالفيروس وإذا كانوا قد أصيبوا بالفعل، فإنهم لم تظهر عليهم أية أعراض واضحة.

أما بخصوص كيفية التغلب على هذا الفيروس، فيقول جاك: أعيش مع أخي وصديقته، وهما يقومان بأعمال الطبخ والتنظيف وأيضا التبضع، ما أتاح لي فرصة أخذ قسط من الراحة. وأضاف أنهم جميعا محظوظين بأن لديهم حديقة في المنزل الذي يعيش فيه أربعة أشخاص، بالإضافة إلى كلب، وبالتالي فإن الوضع جيد للغاية. ويقول جاك، أنه اضطر لإلغاء بعض الرحلات التي كان مخططا لها، وأن العمل من المنزل كان في البداية يمثل صعوبة، لكنه الآن اعتاد الأمر وأصبح أسهل.

وبخصوص التغييرات التي سيفرضها هذا الوباء، يشير جاك أنه حتى الوصول إلى مصل لهذا الفيروس فإن التغيرات التي ستطرأ على طبيعة حياتنا ستكون كبيرة. ويستطرد قائلا: أتصور أن السفر سيتغير كثيرا، فإذا تم تطبيق اجراءات التباعد الاجتماعي- التي تستلزم وجود مسافة متران بين كل شخص- فإن كل مسافر سيحتل حوالي عشرة مقاعد، مما سيرفع من ثمن تذاكر السفر بشكل ضخم. وكذلك هو الأمر بالنسبة لما يمكن أن ينطبق على المقاهي والمطاعم والحانات والأحداث الرياضية والمواصلات العامة والاحتفالات والمهرجانات وغيرها من مناحي الحياة. 

ويضيف أنه في حال توصلنا إلى المصل المضاد لهذا الفيروس فإن العقلية ستكون قد تغيرت بالفعل. وبحسب تصورات جاك، فالناس سيستمرون في العمل من المنازل والتي أثبتت نجاحا وفعالية خلال الفترة الماضية، خصوصا مع وجود تطبيقات وبرامج مثل مايكروسوفت وسكايب. فهناك مميزات فيما يتعلق بخفض معدلات الاكتظاظ والانبعاثات الضارة بالبيئة. لكن توجهات كهذه عادة ما تؤدي إلى فقدان التواصل البشري بين الناس، وزيادة في الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة التي قد تكون مزعجة أحيانا، مثل طرق الدفع في المجمعات التجارية. كما أن المكاتب لن تعود مكتظة بالموظفين كما كان، حيث ستعمل بنصف العدد الكوادر البشرية. وهذا الصخب المرتبط بالمدينة سيخفت بعد الحد مباريات كرة القدم وإغلاق الأماكن الترفيهية. وكل هذا سينعكس على سوق العقارات وأسعار البيوت والميزانيات المخصصة لتحسين البنية التحتية والمشاريع العامة الكبرى مثل تطوير ومد خطوط السكك الحديدية وتوسيع مطار هيثرو.

وبخصوص الدروس المستفادة من هذه الأزمة، يقول جاك من خلال النظر لكيفية التعامل مع الأزمة، نكتشف أن بعض القادة مثل بوريس جونسون ودونالد ترامب، تجاهلوا تحذيرات الخبراء، فدفعت كلا من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية الثمن باهظا، في الوقت الذي استمعت فيه أنجيلا ميركيل للخبراء وأخذت بنصائحهم بعناية، فكانت ألمانيا أقل البلدان من حيث أعداد الوفيات في أوروبا.  

 

 

السابق لندن.. إلغاء كرنفال نوتينغ هيل السنوي بسبب كوفيد-19
التالي مع إعادة فتحها فروع "كوستا" تشهد ازدحاما خانقا