عرب لندن
يتسبب تفشي فيروس كورونا المستجد في بريطانيا في تزايد مستويات الفقر المرتفعة أساسا، بعد عقد من إجراءات تقشف في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وفق ما يرى خبراء.
وتظهر بيانات رسمية أن أكثر من 14 مليون شخص في المملكة المتحدة مصنفون في خانة الفقراء، أي ما يمثل قرابة ربع عدد السكان.
ويبلغ عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر نحو 4,2 ملايين أي قرابة 30 بالمائة من مجموع عدد الفقراء حسبما تظهر الأرقام الحكومية.
ويزداد الوضع سوءا مع خسارة أعداد هائلة من البريطانيين وظائفهم بسبب إجراءات العزل التي تفرضها السلطات.
وقال ديف إينيس، رئيس قسم الاقتصاد في مؤسسة جوزف راونتري المختصة بالتغير الاجتماعي، إن "خطر الفقر مرتفع بشكل خاص بالنسبة للعمال في قطاعات مثل الضيافة والتجزئة حيث احتمالات تدني الرواتب أكبر والوظائف غير مؤمنة".
وخلال الأسبوعين الماضيين تقدم نحو مليون شخص بالغ في المملكة المتحدة بطلب للحصول على إعانة حكومية تعرف ب"يونيفرسال كريديت". وهذا الرقم أكبر بنحو عشر مرات عما يسجل في أسبوعين عاديين.
وتقول مديرة فرع بريطانيا للمنظمة المعنية بمحاربة فقر الأطفال "تشايلد بوفرتي اكشن غروب" لويزا ماكغيهان إن "العائلات التي كانت تكسب رواتب مقبولة قبل الوباء ستجد نفسها فجأة تعيش في الفقر، إذا انتقلت إلى (برنامج الإعانة) يونيفرسال كريديت".
وبالنسبة للعائلات المصنفة أساسا في خانة الفقر قبل تفشي الفيروس، والتي يلازم أطفالها المنازل بسبب إغلاق المدارس، فإن المطالب بالتعليم على الانترنت تفاقم المشكلة، وفق ماكيغهان.
ولفتت ماكيغهان إلى أن "العديد من المدارس تقدم دروسا على الانترنت ليتعلمها الأطفال في المنازل". وتابعت "إذا كان هؤلاء الأطفال في أسر ليس لديها خدمة إنترنت أو جهاز كمبيوتر، فإنهم لن يتمكنوا من تلقي تلك الدروس". وقالت ماكيغهان لوكالة فرانس برس "في هذه الأزمة تفاقمت أزمة فقر الطفل بسبب تداعيات فيروس كورونا".
لكن بخلاف انعكاسات الأزمة المالية عام 2008 عندما خفضت الحكومة الإنفاق العام، تسبب وباء كوفيد19 في إطلاق حزمة تحفيز حكومية ضخمة منها تعزيز برنامج "يونيفرسال كريديت".
وكل بالغ مؤهل للإعانة يفوق عمره 25 عاما سيتلقى مبلغ ألف جنيه استرليني (1239 دولار - 1137 يورو) إضافي كل عام. غير أن زيادة الدفعة الشهرية إلى 400 جنيه، لا تزال بعيدة عن مبلغ 600 جنيه الذي يعد كافيا للشخص الواحد كي يتجنب "الفقر" في المملكة المتحدة.
وقال إينيس "نعلم على المستوى الاقتصادي أن احتمالات حصول ركود كبير مرتفعة جدا، ومن الصعب الخروج بسرعة من ركود كبير". وأضاف لوكالة فرانس برس "ندرك أن الركود أعنف ما يضرب الأشخاص الذين يعيشون في فقر -- أو يواجهون خطر الفقر".
في هذه الأثناء فإن "بنوك الطعام" التي توزع المواد الغذائية وتطعم أكثر الناس ضعفا ومنهم المشردين، تشهد انخفاضا في التبرعات بسبب تداعيات الوباء. وقالت مؤسسة تراسل تراست التي تدير شبكة تضم 1200 من بنوك الطعام إنها تواجه "تحد غير مسبوق".
غير أن الحكومة لا تزال توفر وجبة الغداء للأطفال الذين كانوا يتلقون حصة طعام مدرسية مجانية. وقالت المعلمة اماندا مارتن، وهي أيضا رئيسة الاتحاد الوطني للتعليم، "في مدرستي نوفر وجبة غذاء معدة يمكن للأطفال أن يأتوا لتسلمها". لكنها أضافت "في الأمد القصير، هناك مخاوف حقيقية من أن بعض هؤلاء الأشخاص المفترض أن يكونوا في المدارس وأن ينعموا بالدفء والآمان والغذاء، ألا ينعموا بذلك".