لندن- كريم إمام
انعكست أزمة انتشار فيروس كورونا على المطاعم في لندن بشكل قوي بعد توجيهات الحكومة بغلق كافة المطاعم والحانات والمقاهي، الأمر الذي شكل ضررا للعديد من أصحاب تلك المطاعم والعاملين فيها، وباتت الأماكن التي لم تخلو يوما من الزبائن طوال اليوم، مثل الحي الصيني، مهجورة بلا أي حياة..
(عرب لندن) التقت عددا من أصحاب المطاعم لتنقل لكم هذا التقرير:
خسائر سريعة
يقول روب كيلي، صاحب ومدير مطعم وكافية "ترايد أند ترو" Tried and true، أن المطعم يتكبد خسائر أسبوعية تقدر قيمتها بحوالي 12,000 جنيه استرليني، تتعلق بالمصروفات الروتينية، وهي مصروفات تحتاج إلى الدعم، خاصة أنه ليس هناك واردات أو أرباح على الإطلاق في الوقت الحالي. وشكلت هذه الخسائر فترة تمتاز بالصعوبة على المطاعم، حيث أن النقود تنفذ بسرعة، بينما يتقاضى العاملون نصف رواتبهم حتى وصول الدعم الحكومي الموعود. وأشار كيلي، أن الضرر واقع على الجميع وشبه الموضوع بأن الجميع ركاب في نفس المركبة، ويعانون من نفس الخسارة. وقال أن الشركات الكبرى أو تلك الموصوفة بالضخمة، يمكنها أن تستمر على عكس باقي الناس، المعرضين للانهيار. و يأتي الجزء الأهم في سلسلة الموردين، حيث تعتبر خدمات المطاعم في نهاية السلسلة المرتبطة بعضها ببعض، و يؤثر توقف العمل عند الآخرين على المطاعم، فيما تأتي خدمات موردي الطعام أو الخدمات اللوجيستية أو التعليب وغيرها من الخدمات في بداية السلسلة المتصلة.
أداء الحكومة
أما بخصوص الأداء الحكومي، يقول كيلي -الذي افتتح مطعمه منذ تسع سنوات-، أن الحكومة تقوم بالعمل في الدرجة الأولى على تقليل الخسائر. وأضاف أن الخسارة الحقيقية كانت عندما نصحت الحكومة الناس بعدم الذهاب إلى المطاعم والكافيهات، لكن من جهة أخرى، منحت تلك الخسارة أصحاب المطاعم، فرصة للتفكير في الإغلاق، لكنهم لم يقووا على فعل ذلك من تلقاء أنفسهم، الأمر الذي استدعى صدور أوامر رسمية. وأضاف كيلي: "سنرى مدى فعالية الإجراءات التي تقوم بها الحكومة والتي تهدف للتصدي لانتشار الفيروس، ولا أعتقد أن أي أحد يستطيع التنبؤ بما سيحدث مستقبلا ليس فقط هنا ولكن حول العالم".
وقال كيلي، أنه يتوقع استمرار الحظر إلى 12 أسبوعا ، وأن الناس سيقفون في طوابير طويلة من أجل تأمين لقمة العيش. وأضاف، أنه في حال احتوت البلاد الفيروس، سيكون هناك عودة للحياة الطبيعة بشكل بطيء وحذر. قال أن البشر بطبعهم كائنات اجتماعية ومشاركة وجبة الطعام مع الآخرين أمر يحبه الجميع. و حث كيلي أصحاب الأعمال على مساندة العاملين معهم خلال هذه الأزمة التي ألحقت ضررا بالجميع.
المجتمع المحلي
وعن الدعم الذي تلقاه من المجتمع المحلي المحيط، قال كيلي، أن العديد من الناس عرضوا أن يشتروا بطاقات الهدايا، وأنه متفائل حيال تقديم المجتمع المحلي دعما لمطعمه عندما تسمح الدولة باستئناف خدمات توصيل الطلبات. لافتا إلى أنه كان هناك الكثير من أشكال الدعم التي شاهدناها خلال الفترة الماضية.
أما بخصوص العاملين، يقول كيلي أن وعد الحكومة بدفع 80% من رواتب الموظفين نهاية شهر أبريل الحالي، وهو كرم كبير، مشيرا إلى أن بعض الشركات والمحال، بدأت في دفع رواتب الموظفين كاملة منتظرين وصول الدعم الحكومي. ونوه إلى أن البعض الآخر لا يستطيع القيام بنفس الخطوة.
واختتم كيلي، القول بأن أصحاب أعمال يجب أن يتحلوا بالإيجابية، وأن يستغلوا فرصة الجلوس في المنزل في التفكير مليا بالمستقبل وكيف بالإمكان تحسين وتطوير أدائهم، وابتكار حلول خلاقة للخروج من هذه الأزمة.
توقف الربح
أما روهيت رازدان صاحب مطعم كشمير Kashmir الهندي في جنوب غرب لندن، يقول أن المطعم أوصد أبوابه الأسبوع الماضي، وأن الربح الأساسي توقف تماما بعد توقف استقبال الزبائن، لافتا إلى أن العمل على توصيل الطلبات للمنازل وحده لا يكفي لتغطية نفقات المطعم التجاري.
وأضاف قائلا: "مطعمي كان يشهد حوالي 90% من مدخوله من خلال شغل الزبائن لطاولات المطعم. أما النسبة المتبقية والتي تشكل 10%، تأتي من خلال خدمة التوصيل للمنازل، والتي لا تغطي نفقات المطعم بالطبع، مشددا أن حتى نسبة 20% لا تعتبر كافية لفتح أبوابنا مجددا".
لا وضوح
وتقول زوجة روهيت وشريكته، ريزا شويتا، أن الحكومة أعلنت عن العديد من الإجراءات الجيدة، لكنها لم تطبق على أرض الواقع حتى الآن. وقالت ريزا، أن هناك غيابا للشفافية والوضوح في الإجراءات التي تخص التعويضات المتأخرة كثيرا، مما يجعل الوضع صعبا على عائلتها. وأكدت ريزا بدورها، على أن المطعم لا يستطيع الجلوس وانتظار المساعدات، فتلك التي تقدمها الحكومة، مخصصة للأفراد من مستأجري العقارات وليس للأعمال التجارية، وهنا تكمن المشكلة برأيها، ذلك أن صاحب المكان لن يتراجع عن طلب المستحقات من المستأجرين ، وسيطالب به في اليوم السابع من كل شهر.
أفعال واقعية
و شرحت ليزا قائلة: "لو أردت افتتاح المطعم غدا فقط للتوصيل للمنازل، ستكون المشكلة في أن نسبة الطلبات لن تكون كافية لتغطية النفقات، سواء تلك المتعلقة بالإيجارات أو رواتب الموظفين الذين سيعملون في تلك الفترة، لذلك أخذنا القرار بالإغلاق. ونتمنى أن تترجم إجراءات الحكومة بأسرع وقت ممكن إلى أفعال واقعية".
و بشأن الدعم الذي تتلقاه ليزا وزوجها من المجتمعات المحلية قالت ليزا: "نحن محظوظون جدا لأن زبائننا يتحدثون معنا باستمرار، ويساعدوننا كثيرا حيث أنهم طوال الوقت يمنحوننا شعورا بالأمان بأنهم هنا ليساندونا في هذه الأوقات الصعبة، ومنهم من أعاد كوبونات التخفيضات لنا."
وأضافت ،أنها لا تملك أية توقعات للمستقبل وأنها لا تعرف ما سيحدث غدا. وقالت ليزا، أنها عملت مع زوجها لسنوات عديدة، للوصول إلى هذه المرحلة، والتي كان من المفترض أن تكون مرحلة راحة لهما، مشددة على أن أكثر شيء يتمنونه الآن هو عدم خسارة المطعم.
المساعدة الآن
وأشارت ليزا إلى أن الحكومة وعدت بدفع جزء من رواتب الموظفين، لكن الأمر سيأخذ وقتا طويلا بحسب توقعاتها، لذلك ارتأت وزوجها الانتظار مدة أسبوع من الآن لتقييم الوضع ومن افتتاح المطعم لاستقبال طلبات التوصيل للمنازل. ونوهت ختاما، إلى أن المساعدات الحكومية لا بد أن تكون عاجلة وليس آجلة، فالعاملون يحتاجون نقودهم الآن وليس بعد شهرين.