عرب لندن
تتزايد الشكوك بإمكانية أن يقام أولمبياد طوكيو في موعده المقرر الصيف المقبل، مع تأكيد العديد من المسؤولين واليابانيين أن حياة الناس أهم من كل شيء، بعدما أرخى فيروس كورونا المستجد بظلاله الثقيلة على العالم، وليس فقط على الصعيد الرياضي.
ورغم تأكيد مسؤولين يابانيين مثل رئيس الوزراء شينزو آبي، ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية، توماس باخ، أن الاستعدادات لإقامة دورة الألعاب الصيفية في موعدها المقرر بين 24 يوليوز والتاسع من غشت لا تزال على قدم وساق، يشكك الكثيرون بإمكانية أن يكون العالم جاهزا لانطلاقها، مع تزايد عدد الإصابات والوفيات جراء "كوفيد-19".
وأتت أبرز دعوة لإرجاء الألعاب، وهي أكبر حدث رياضي عالمي يستقطب آلاف الرياضيين وملايين المشجعين، من الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي حض على إرجائها إلى صيف 2021.
ومع تعليق أحداث كبيرة مثل دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين والبطولات الأوروبية المحلية في كرة القدم ودوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" وإرجاء انطلاق الموسم الجديد من بطولة الفورمولا واحد، يبدو مصير ألعاب طوكيو 2020 في مهب الريح.
ومقارنة مع جارتيها الصين حيث كانت مدينة ووهان البؤرة الأساسية للفيروس، وكوريا الجنوبية، نجحت اليابان إلى حد كبير في كبح انتشار الفيروس، مع تسجيل 814 إصابة و24 حالة وفاة.
وبدا جليا أن الشارع الياباني لا يحبذ أن تقام الألعاب الصيف المقبل في ظل مخاطر العدوى من وفود الأجانب الى البلاد، وهذا ما شدد عليه كوكي ميورا، ابن الـ27 عاما الذي يعمل في شركة إنترنت.
وقال ميورا لوكالة فرانس برس "لأكون صادقا، حتى لو تغلبت اليابان على هذه الأزمة، فلن نستقبل زوارا من العالم. أعتقد أنه من الأفضل ألا تقام. لا يمكننا التضحية بحياة الناس من أجلها". وشدد على ضرورة إرجاء الألعاب أو إلغائها بالكامل.
ولا يختلف موقف ميورا عن موقف شريحة واسعة من اليابانيين، بحسب ما تظهره استطلاعات الرأي.
فبحسب استطلاع أجرته قناة "ان اتش كاي" الرسمية بين السادس والتاسع من مارس، تبين أن 45 بالمائة يعارضون المضي قدما بالألعاب، فيما رأى 40 بالمائة أنه يجب أن تقام في موعدها. والإثنين، أظهر استطلاع لوكالة "كيودو" للأنباء شمل عينة من ألف شخص، أن 69,9 بالمائة منهم يرون أن طوكيو لن تكون قادرة على إقامة الألعاب في موعدها.
وفي تعليق على هذه الآراء، اعتبرت اللجنة الأولمبية الدولية انه "قبل 19 أسبوعا من حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو 2020، الإجراءات العديدة التي تتخذها السلطات حول العالم تمنحنا الثقة وتبقينا ملتزمين بشكل كامل بإقامة ألعاب أولمبية قادرة على جمع العالم بسلام".
وشددت اللجنة الإثنين على أنها "تعمل أيضا مع كل الشركاء بمن فيهم أصحاب حقوق البث التلفزيوني والرعاة، من أجل مقاربة الواقع الراهن". وأكدت اللجنة أنها "تبقى على تواصل وثيق مع منظمة الصحة العالمية، مدينة طوكيو المضيفة، الحكومة اليابانية واللجنة المنظمة لطوكيو 2020 (...) وستواصل اتباع نصيحة منظمة الصحة العالمية".
وسبق لعمدة طوكيو يوريكو كويكي أن اعتبرت إلغاء الألعاب أمرا "لا يمكن تصوره"، لكن القرار هو في عهدة اللجنة الدولية التي تخطط لإجراء محادثات طارئة مع الاتحادات بشأن الفيروس الثلاثاء.
وشدد باخ على أن اللجنة الأولمبية الدولية ستتبع توصيات منظمة الصحة بشأن الإرجاء المحتمل، مقرا بأن إلغاء تصفيات فرض "مشاكل جدية".
وبالنسبة لماساو سوغاوارا، المتقاعد البالغ من العمر 90 عاما، فالموقف واضح. وهو قال لفرانس برس "شخصيا، أعتقد أنه سيكون من الأسلم إرجاء الأولمبياد لمدة عام، تماما كما قال الرئيس ترامب. انظروا إلى حالة الذعر"، مقرا "بالطبع، سيكون ذلك (الإرجاء) مخيبا للآمال".
أما ابن الـ45 عاما مانفريد أوتو، وهو محام ياباني-ألماني، فأبدى "قلقا" بشأن الألعاب، موضحا "نحتاج حقا إلى توخي الحذر. إذا لم تتم السيطرة على تفشي الفيروس بحلول يونيو أو يوليوز، أعتقد أنه يجب تأجيلها".
وتتحول احتمالات الرهانات بشكل متزايد نحو ألا يقام حفل الافتتاح، المقرر في 24 يوليوز، في موعده، وذلك بعدما تسبب فيروس "كوفيد-19" بفوضى عارمة في الروزنامات الرياضية حول العالم. وأودى الفيروس بحياة 6400 شخص على الأقل، وأصيب به رياضيون وطواقم طبية.
وسيكون إلغاء الألعاب الأولمبية قاسيا على سكان طوكيو الذين سارعوا لشراء التذاكر، وعلى السلطات التي نالت استعداداتها ثناء واسعا، مع بلوغ غالبية المنشآت الجاهزية الكاملة قبل الموعد المحدد بوقت طويل.
وكشف هيسايا سوزوكي (47 عاما) أنه ابتاع التذاكر لمسابقة البيسبول التي تعتبر الرياضة الأكثر شعبية في اليابان، موضحا "إنها فرصة لا تتاح سوى مرة واحدة في العمر، لذلك أردت حقا أن أصطحب ابني"، مستطردا "لكن إذا كانت هناك عواقب سلبية، فقد يكون من الحكمة ألا تقام (الألعاب)".
من جهته، اعتبر سوغاوارا أن حجم الضرر الذي تسبب به فيروس "كوفيد-19" في العالم يتخطى الاعتبارات الرياضية. وأوضح "أبلغ من العمر 90 عاما، وباستثناء وقت الحرب، لم أشعر أبدا بالقلق إلى هذا الحد".