كتب – كريم إمام
في أمسية سينمائية سودانية احتضن the mosaic rooms في لندن، عرضا لمجموعة من الأفلام السودانية التجريبية المعاصرة لمخرجات من السودان بالتعاون مع Habib Collectiveتنوعت في مواضيعها وأساليب سردها وحكيها، لجمهور لندني امتلأت به صالة العرض ليلة الخميس الماضي.
الفيلم الأول بعنوان The Bleaching Syndrome من إخراج إيمان ميرغني، يغوص في معضلة نفسية ذات أبعاد اجتماعية، فبعد محاولة فاشلة من جانب المخرجة لتوثيق حالة (حبّاب)، وهي امرأة سودانية ترغب في تفتيح لون بشرتها كوسيلة للارتقاء في المجتمع، تلتفت المخرجة بعدستها لتكشف الواقع الذي تعيشه هي في مجتمع جعل من لون البشرة معيارا، لتصف كيف تأثرت شخصيا بذلك، وتصور أحاسيس تختلط ما بين عدم الأهلية والجدارة والشعور بالنقص في مجتمع متحفظ ومتعصب، حيث تحكي المخرجة في الفيلم كيف تأثرت بهدية إحدى خالتها عندما أعطتها كريم لتفتيح البشرة، وكيف انعكس ذلك على شعورها كطفلة صغيرة، وما سببه من غضب لحاجتها له كضرورة فيما بعد، حيث تعيش صراع مع الآخرين كونها سودانية مصرية.
أعقب ذلك فيلم بعنوانIn search of hip hop يتناول المشهد الغنائي السوداني منذ عقد مضى، وكيف تطور هذا المشهد الموسيقي المتواضع إلى أن وصل للأحداث التي مهدت للحراك الشعبي السوداني، وكيف تفاعل مغنو الراب والهيب هوب السودانيين المعاصرين مع سؤال التغيير، وقرب تصديق الناس بأن أصواتهم قد تسمع، واستخدام ذلك في التعريف بأنفسهم، كما يتناول وجهة نظر هؤلاء الفنانين في اختيار الهيب هوب كأداة وكيفية استعماله لفتح مجال للتغيير.
وكان الفيلم الثالث هو Hind’s Dream للمخرجة سوزانا ميرغني، الذي أنتج وصور في قطر، وهو فيلم تجريبي مهم يتناول فكرة التماهي والتداخل ما بين المجتمع في صورته التراثية والمجتمع الحديث بكل ما فيه من تناقضات، حيث يسرد في صورة سريالية علاقة المرأة بالرجل وبالمكان وبالأرض من وجهة نظر فنية استطاعت أن تستخدم الأعمال الفنية العامة في قطر بذكاء؛ سواء مجسمات ريتشارد سييرا الفولاذية أو رحلة دامين هيرست العجائبية، لتكون النتيجة فرجة سينمائية محترمة.
وقالت منسقة الأمسية روشين تبوني، وهي مؤسسةHabib Collective وصحفية ومنسقة معارض عراقية أيرلندية تشتغل في أرشفة وتنظيم عروض ومهرجانات سينمائية، إنها قررت أن تقدم أعمال مخرجات سودانيات لما لذلك من أهمية في التعريف بهذه الأعمال للجمهور اللندني، مشيرة إلى أنها تعمل على التركيز على الأعمال العربية والشرق أوسطية في مجال تخصصها، وأنه من خلال معرفتها بالأفلام السودانية، حيث شاركت في تنظيم مهرجان للفيلم السوداني التجريبي الصيف الماضي في مدينة مالمو السويدية، تستطيع أن تلمس مدى حاجة الجمهور الغربي للتعرف على هذه التجارب السينمائية.
ولفتت إلى أن الأفلام التي تعرض عادة في الأمسيات الفنية والثقافية في لندن لا تعكس جودة ما يقدم من تجارب سينمائية في الوطن العربي، إذ غالبا ما يقدم ما هو متاح وليس بالضرورة الأكثر جودة، وهو ما يشير إلى صعوبة إيجاد مثل تلك الأفلام
في حين قالت إحدى الحاضرات؛ تدعى ياسمين، وجاءت للحضور مع صديقتها إتزيا بعد أن علمت عن الأمسية عبر الفيسبوك، إنها تأثرت بفيلم Hind’s Dream الذي شدها موضوعه وجعلها تفكر، مشيرة أن كل الأفلام التي عرضت كانت جيدة وأنها أعجبت فالطرق المختلفة التي استخدمتها المخرجات، خصوصا الفيلم الأول ومعاناة المرأة في هذه المنطقة من العالم.
أما صديقتها إتزيا فأكدت أنها معجبة بفكرة العروض وتركيزها على المخرجات السودانيات، وأنها استطاعت من خلال ما قدم من تجارب سينمائية أن ترى هذا البلد الذي تتمنى زيارته، حيث أنها عاشت في مصر ولكنها لم تتمكن من زيارة السودان بعد، كما أشارت إلى أنها لم تشاهد أفلام سودانية من قبل، وبالتالي كانت هذه فرصة جيدة وثمينة للغاية بالنسبة لها.