عرب لندن
سعى المحافظون البريطانيون، منذ فترة طويلة، إلى استغلال فضيحة معاداة السامية التي لحقت بحزب العمال المعارض، إلا أنهم يواجهون اتهامات بالإخفاق في مواجهة المشاعر المعادية للإسلام.
وأعلن حزب رئيس الوزراء بوريس جونسون عن المراجعة التي طال انتظارها للتمييز داخل الحزب، بقيادة أستاذ علم النفس سواران سنغ، العضو السابق في المفوضية البريطانية للمساواة ومكافحة العنصرية. إلا أن المراجعة أثارت اتهامات بأنها واسعة جدا، بحيث لا يمكن أن تعالج مخاوف محددة طويلة الأمد حول التوجهات المعادية للإسلام بين المحافظين.
وقال الحزب إن المراجعة "ستنظر في كيفية تحسين عملياتنا، لضمان أن تكون أي حوادث معزولة، وكذلك ضمان وجود عمليات قوية لوقفها".
ولكن مجلس المسلمين في بريطانيا، والذي يمثل مئات المنظمات بينها المساجد والجمعيات الخيرية، قال إن المراجعة يمكن ألا تتعدى كونها "عملية تبرئة"، وأضاف: "من خلال توسيع المراجعة والنظر إلى التمييز بشكل عام أكثر، من المرجح أن تكون المراجعة مصممة لتجاهل الأدلة الدامغة على الاسلاموفوبيا في حزب المحافظين".
وحذر المجلس سابقا من "مشاعر الخوف الملموسة" بين المسلمين البريطانيين حيال التعصب في السياسة. ويشكل المسلمون نحو 4,8 في المائة من سكان انجلترا وويلز، بحسب إحصاء في 2011.
وانتقدت سيدة وارسي المراجعة. وهي أول امرأة مسلمة تتولى منصبا وزاريا في بريطانيا وتنتقد هذه المسألة منذ سنوات. وقالت لإذاعة بي بي سي "لا توجد نظرة إلى ما حدث بالفعل. لا توجد نظرة إلى حجم الحالات. لا توجد تفاصيل عن مدى سوء المشكلة ومدى سوء معالجتها". وانتقدت أيضا تعيين سنغ قائلة إنه "يعتقد أن العنصرية نفسها هي عبارة محل خلاف". ولم يستجب سنغ لطلب التعليق.
وواجه حزب العمال اتهامات واسعة بمعاداة السامية في السنوات الأخيرة، ما ساهم في هزيمته في الانتخابات العامة التي أجريت الأسبوع الماضي. لكن الاهتمام تحول إلى سجل المحافظين.
ونشرت صحيفة ذي غارديان الشهر الماضي تفاصيل عن 25 من أعضاء مجلس المحافظين المحليين السابقين والمحافظين قالت إنهم نشروا مواد معادية للإسلام وعنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتفيد التقارير أن تلك المنشورات شملت دعوات لحظر المساجد، والإشارات إلى المسلمين بوصفهم "همجيين" و "العدو الداخلي". واتهم جونسون بإذكاء المشكلة بمقال كتبه العام الماضي، عندما كان وزيرا للخارجية قال فيه إن النساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب الكامل يشبهن "صناديق البريد".
ودافع المقال عن حق المرأة في ارتداء ما تختاره، لكن جماعة "تل ماما" المناهضة للعنصرية قالت إن هذا أدى إلى "ارتفاع كبير" في الحوادث المعادية للمسلمين.
واظهر استطلاع للرأي جرى في وقت سابق من هذا العام آراء مذهلة بين أعضاء حزب المحافظين العاديين. كما أظهر استطلاع أجراه معهد يوغوف لحساب مجموعة "أمل لا كراهية" المناهضة للعنصرية أن 40 في المائة من أعضاء حزب المحافظين قالوا إن على بريطانيا وضع سياسة للهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لقبول عدد أقل من المسلمين. وقال 39 في المائة إن الإرهابيين الإسلاميين يعكسون عداء واسعا من المسلمين لبريطانيا، بينما قال 43 في المائة إنهم يفضلون عدم وجود رئيس وزراء مسلم.
وفي الوقت ذاته، أثارت حملة المحافظين لانتخابات رئيس بلدية لندن عام 2016 انتقادات شديدة بعد محاولة ربط مرشح حزب العمال الفائز صادق خان، بالتطرف الإسلامي.
وتنظر "مفوضية المساواة وحقوق الإنسان" البريطانية، التي شغل سنغ سابقا منصب المفوض فيها، في شكاوى ضد حزب المحافظين. ولكنها لم تتخذ قرارا بإطلاق تحقيق رسمي كما فعلت بحق اتهامات معاداة السامية التي ألصقت بحزب العمال، بحسب ما أفادت المتحدثة.
وخلال حملة الانتخابات الأخيرة، أكد جونسون أن حزبه "لا يتسامح مطلقا" مع حوادث معاداة السامية والإسلام أو أي شكل من أشكال الانحياز. واعتذر جونسون عن "أي أذى أو إساءة للمشاعر التي تسببت بها "حوادث سابقة وقال انه "لا يمكن التسامح حيالها". وأضاف "من المهم جدا بالنسبة إلينا كبلد أن لا نسمح بهذا الأمر، ولهذا السبب سنجري تحقيقا مستقلا".