عرب لندن
تعد لندن مدينة جسور بامتياز. شأنها في ذلك شأن عواصم أخرى، لعل أبرزها باريس والقاهرة. والرابط بين هذه العواصم هو النهر العظيم الذي يشطر كلا منها إلى شطرين، مما جعلها محط جسور عديدة، راحت تشكل جزءا من تراثها مع مرور الوقت، ومن تم مزارا للسياح من كل أنحاء العالم.
ولأن نهر “التايمز” يشطر لندن إلى شطرين، فإن عددا من الجسور تتكفل بربط شطري المدينة، من “جسر البرج” الشهير، إلى “جسر الألفية”، الذي ظهر في أحد أفلام سلسلة الخيال العلمي الأشهر “هاري بوتر”، بالإضافة إلى جسور محلية أخرى، لعل أبرزها جسر وستمنستر.
وحسب بيتر وين ريس، وهو مسؤول سابق عن التخطيط في المدينة، فإن الفضل في ذلك يعود إلى الجنود الرومان، إذ كان لهم السبق في بناء أول جسر فوق نقطة منخفضة في الممر المائي: “جسر لندن” الأول. وهو الجسر الذي أعيد بناؤه في الألفية الثانية لعدة مرات، ثم أضيف إليه 32 جسراً على طول نهر “التايمز”.
ويوضح محرر موقع "أرابيسك" أن سكان لندن ربما يخلطون بين “جسر البرج” صاحب الهيكل الفيكتوري القوطي وبين “جسر لندن” الأقدم الذي اشتهر بأغنية الأطفال “London Bridge is Falling Down”. وبعكس الأغنية، لم يتعرض “جسر البرج” يوماً لخطر الانهيار، في حين أن “جسر لندن” قد مر بسلسلة من التجديدات على مر السنين.
ويُعتقد أن الجسر الروماني المبكر سقط في حالة من العطب حالما غادر الرومان بريطانيا. وبعد غزو الرومان لإنجلترا في عام 1066، عندما استولى ويليام الأول على عرش انجلترا، أُعيد بناء الجسر وتدميره عدة مرات.
وفي عام 1209، أُسس أول جسر طويل الأمد، وقد استغرقت عملية بنائه ثلاثة عقود. وفي القرن التاسع عشر أعاد المهندس المعماري جون ريني تصميمه.
أما بشأن جسر البرج، فيؤكد المحرر أنك إذا شعرت بخيبة أمل بعد معرفة أن “جسر لندن” هو هيكل خرساني من ستينيات القرن الماضي، فقد تكون زيارة البرج القوطي الفيكتوري فكرة صائبة. ويقول وين ريس: “كان من المفترض أن يكون جسر البرج بمثابة بوابة احتفالية إلى لندن”..
وبحسب ما قاله المرشد السياحي روزي هينز، تم شحن حوالي 5 آلاف طن من الفولاذ أسبوعياً من مدينة غلاسكو باسكتلندا أثناء بناء “جسر البرج” في أواخر القرن التاسع عشر. أما بالنسبة لتصميمه المذهل، فقد تقرر ذلك من خلال منافسة عامة، فاز بها المهندس المعماري هوراس جونز.
ويقول عن جسر وستمنستر إنه أحد معالم لندن الشهيرة، وذلك بفضل موقعه المتميز ومناظره البانورامية لبيوت البرلمان وبرج ساعة “بيغ بن”. وقد تم اقتراح تشييد جسر في “وستمنستر” لأول مرة في القرن السادس عشر، ولكن كانت هناك معارضة على نطاق واسع من قبل “رجال المياه”، وهم عمال تقتصر مهامهم على نقل المارة بالقوارب عبر النهر من جهة إلى أخرى.
ويزيد بالقول إنه في نهاية المطاف تمت الموافقة على إنشاء جسر وستمنستر، وتم افتتاح الجسر في عام 1750. وفي عام 1862، افتتح إصدار أحدث للجسر من تصميم المهندس المعماري توماس بايج. ولا يزال هذا الجسر قائماً إلى اليوم، كأقدم جسر في وسط لندن. أما بالنسبة للتصميم، فإن تفاصيله القوطية تكمّل قصر “وستمنستر”، وهو مطلي باللون الأخضر ليتماشى مع المقاعد الجلدية داخل “مجلس العموم”.
وحين يتحدث عن جسر لامبيث، يقول محرر "أرابيسك" إنه يبعد قليلاً عن “وستمنستر”، وهذا الجسر مطلي باللون الأحمر ليتماشى مع المقاعد الجلدية داخل “مجلس اللوردات”. وقد تم افتتاح الجسر لأول مرة في عام 1862، ثم اُعتبر لاحقاً أنه غير آمن، أما عن الجسر الذي يقف اليوم، فقد اُفتتح في عام 1932. وينصح وين ريس السياح الذين يشعرون بالحيرة لزيارة جسر “ويستمنستر” أو “لامبيث” بأن يختاروا “لامبيث” لمشاهدةٍ أفضل وأكثر هدوءاً.
وعن جسر فوكسهول، يقول المحرر إنه يقع في جنوب غرب لندن بالقرب من محطة مترو الأنفاق “فوكسهول”. وفي منتصف القرن التاسع عشر، زار وفد روسي لندن لمشاهدة محطة السكة الحديدية الجديدة. ويقول وين ريس أن الوفد الروسي أخذ كلمة “Voauxhal” على أنها تعني “محطة” حين عاد إلى روسيا. وإلى اليوم، يُشار إلى محطات السكك الحديدية الرئيسية في روسيا باسم “vokzal”، إشارة إلى كلمة اسم محطة “Voauxhal”، ثم يشير إلى أنه استبدل بنسخة أكثر حداثة في عام 1906.
ويقول المحرر عن جسر ساوثورك، "إذا لم تستطع مواجهة الحشود على أكثر الجسور ازدحاماً في لندن، فقد يكون جسر “ساوثورك” هو البديل الأمثل. وافتتح “جسر ساوثورك” في عام 1921، وحل محل جسر أقدم صممه جون ريني، والذي صمم “جسر لندن” الفيكتوري، بالإضافة إلى جسر ووترلو والذي يعرف أيضاً باسم “جسر كوين ستريت”. ويقول وين ريس إن الجسر يمنحك إطلالة ممتازة لجسر الألفية، وهو أحدث جسر فوق النهر. بالإضافة إلى مجرى النهر، هناك أيضاً مناظر رائعة تصل إلى كاتدرائية القديس بول".
ثم يمضي للحديث عن جسر بلاكفرارس، فيقول عنه:"حصل جسر بلاكفرارس على اسمه من دير الدومينيكان الذي كان في نفس الموقع خلال فترة العصور الوسطى. وكان افتتاح “جسر بلاكفرارس” الأصلي في عام 1769، وهو المعبر الثالث للوصول إلى “نهر التمز”. وافتتحت الملكة فيكتوريا نسخة جديدة للجسر في عام 1869، وكان ظهورها يعد نادراً بعد وفاة زوجها الأمير ألبرت. واليوم، يوجد تمثال فيكتوريا التذكاري على الجانب الشمالي من الجسر".