المتحف البريطاني يحتضن معرض "إلهام الشرق": كيف أثّر العالم الإسلامي في الفن الغربي
المتحف البريطاني يحتضن معرض "إلهام الشرق": كيف أثّر العالم الإسلامي في الفن الغربي
كتب وتصوير – كريم إمام
تتواصل في المتحف البريطاني في الفترة من 10 أكتوبر 2019 حتى 20 يناير 2020 أعمال المعرض الفني الذي يحتضنه المتحف عن التفاعلات الثقافية والفنية بين الشرق والغرب وحجم تأثير العالم الإسلامي على الفن الغربي لقرون متتالية تحت عنوان "إلهام الشرق: كيف أثّر العالم الإسلامي في الفن الغربي".
ويحتوي المعرض على أعمال فنية لفنانين غربيين من أوروبا وأميركا الشمالية عن مناطق في العالم الإسلامي في تركيا ومصر والمغرب وإيران وغيرها.
وتتنوع المعروضات في المعرض الذي يشهد إقبالا كثيفا من الزوار ما بين الفنون التشكيلية والمعروضات والمخطوطات،ليقدم خليطاً واسعاً من الأعمال، تبدأ من لوحات الفنانين البنادقة للسلاطين العثمانيين من نهاية القرن الخامس عشر، والصور التي رسمها الحجاج الأوروبيون لفلسطين، وخوذة عثمانية مزينة بالنقوش من غنائم الحصار الثاني لفيينا، ومجسّمات ومساقط معمارية لمساجد في مدن عربية وقصور أوروبية بُنيت على طراز يحاكيها، فسيفساء وأعمال خزفية شرقية ومقابلها الأوروبي، الذي يستلهم تقنياتها ونقوشها، كتيبات غربية للتصميم تحتوي نماذج لطرز هندسية للزخرفة مستوحاة من بلاد مختلفة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط.
لوحة تصور احتفالات افتتاح قناة السويس، رسوم لفنانين في البلاط العثماني للسفارات الأوروبية ورجالها وملابسهم، وبورتيريهات ذاتية لفنانين غربيين في ملابس شرقية، رسومات تزين كتباً أدبية غربية ذات ثيمات شرقية، وعروض لأعمال فنية مثل فيلم رسوم متحركة ألماني بعنوان "مغامرات الأمير أحمد" يستلهم مغامرات من كتاب ألف ليلة وليلة قدمته المخرجة الألمانية رائدة الرسوم المتحركة لوته راينيجير في منتصف عشرينيات القرن الماضي.
ويختتم المعرض أعماله بأربع فنانات من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،واللاتي يواصلن طرح سؤال هوية المرأة المسلمة في أعمالهن الفنية مثل الإيرانية شيرين نشأت والفلسطينية رائدة سعادة، هذا مع فتح مساحة واسعة لمناقشة تاريخ الأعمال الفنية الاستشرافية وأبرز ملامحها.
صور استشراقية لا تعكس حقيقة الشرق
وخلال زيارة (عرب لندن) للمعرض لوحظ أن هناك عدد من اللوحات لمستشرقين غربيين لا تعكس الصورة الحقيقية للمشرق، حيث أن معظم هؤلاء الفنانيين لم يزروا المنطقة ولم يتفاعلوا مع الناس في تلك الحقبة الزمنية، وبالتالي جاءت لوحاتهم غير عاكسة للواقع الحقيقي كرسم محمل الحج على شاطئ المحيط الأطلنطي بجمال أقرب إلى تل الموجودة في أميركا اللاتينية مثلا، أو تصوير السيدات بتصاوير متخيلة أو منسوخة من كتب الأزياء وغيرها من الملاحظات. كما أن هناك مجموعة من الفعاليات المصاحبة للمعرضات كدورات تعليمية للغة العربية وأخرى حول الفن الإسلامي وعروض راقصة مستوحى من كتاب ألف ليلة وليلة وغيرها من لفعاليات المناسبة لجميع الأعمار.
وقد اتخذ المتحف لوحة السلطان العثماني بايزيد الأول شعارا للمعرض. وقد حكم بايزيد الأول في الفترة من 1389 إلى 1402، وكان معروفا أيضا باسم "السلطان الصاعقة"، وهو الحاكم الرابع للخلافة العثمانية، وخلال فترة حكمه، وسع مساحة "إمبراطورتيه" في البلقان والأناضول، وهزم الجيش المسيحي لتأمين موقعه في المنطقة.
ويُظهر البورتريه السلطان بايزيد الأول في إضاءة ملحمية بعمامة ضخمة بيضاء وعباءة مُطرزة وهو ينظر للرائي بثلاثة أرباع وجهه الذي يطل من فوق كتفه الأيمن. وقد رسم اللوحة الإيطالي باولو كالياري (1528 – 1588).
ويأتي المعرض بالتعاون مع متحف الفن الإسلامي الماليزي الذي سيفتتح الجزء الثاني من المعرض بماليزيا بعد انتهائه في بريطانيا مباشرة. ومن المقرر عرض عدد كبير من الأعمال الفنية الغربية التي لم تعرض قط في الغرب، هذا بعد عرض عدد ضخم من الأعمال الشرقية والإسلامية في بريطانيا.
ويبدأ المعرض بلوحة "الصلاة" وهو عمل للفنان الأميركي فريدريك آرثر بريدجمان، تمثل رجلاً يصلي أو يرفع يده بالدعاء، يبدو من ملبسه ومن السجادة التي يصلي عليها أنه من الوجهاء، وإلى جانبه شخص آخر ملابسه توحي أنه شخص أفقر أو ربما متصوف. اللوحة تقليدية الموضوع، وتضع أمامنا أسلوب الفن الاستشراقي كما نعرفه... منظر متخيل رسمه الفنان في الاستديو الخاص به لدى عودته من الشرق، واستعان في الرسم ببعض القطع التي ابتاعها من هناك، مثل السجادة والمصباح. من هنا نبدأ في استكشاف عناصر المعرض المختلفة.
ثم يُعرج بنا المعرض على مجموعة من المجلدات والرسومات التي تصور طريقة الملبس في الإمبراطورية العثمانية، بعضها نفذه رسامون غربيون، والبعض بأيدي فنانين محليين.
ويضم المعرض لوحات لكبار فناني موجة الاستشراق، منهم يوجين ديلاكروا، وجون فريدريك لويس، إلى جانب قطع غير مألوفة مثل رسومات الفنان البريطاني إدموند دولاك.
مما يجذب الانتباه إلى المعرض هو القطع التي لم نرها من قبل هنا، وهو بالطبع عائد إلى الاتفاق بين المتحف البريطاني ومتحف ماليزيا للفن الإسلامي، وهو ما تُعلق عليه أوليفيا ثريلكيلد، المنسقة المشاركة للمعرض بقولها: "المعرض فرصة نادرة لرؤية أعمال من أكبر متحف بجنوب شرقي آسيا متخصص في الفن الإسلامي".