أؤمن بطرح الأسئلة بشكل حقيقي وجدي دون خوف

الطريقة الوحيدة لبدء مناظرات ومناقشات عامة هي الصورة

استصدار تصاريح الفيلم الوثائقي أصعب من الروائي الطويل بالمغرب

الفيلم الوثائقي صعب ولا يعرض عادة في السينما بالشرق الأوسط.. إلا قليلا

حوار وتصوير- كريم إمام

توجت مخرجة الأفلام الوثائقية المغربية هند بنصاري بجائزة أفضل فيلم وثائقي دولي عن فيلمها الوثائقي "يمكننا أن نصبح أبطالا"“We Could Be Heroes”بالمهرجان الدولي الكندي للأفلام الوثائقية Hot Docs بتورونتو، كأول إِفريقية تحصل على اللقب.

بنصاري فازت كذلك بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة عن فيلمها الجديد الذي عرض الأسبوع الماضي بحضورها بقاعة سينما مؤسسة ريتش ميكس الثقافية Rich mix في لندن بعد عرض مجموعة من الأفلام القصيرة من شمال إفريقيا في إطار مهرجان "مواقف" .

رصد معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة

 ويتتبع الفيلم رحلة صديقين من ذوي الاحتياجات الخاصة في المغرب “عزيز ويوسف“ خلال معاناة الوصول إلى بعثة الأولمبياد البارالمبية بالبرازيل "ريو 2016" من ناحية، وتحسين وضعهم المعيشي لمساواتهم بالرياضي المغربي الأولمبي من ناحية أخرى.

وقد تحدثت المخرجة بعد العرض عن الصعوبات التي واجهها فريق العمل أثناء التصوير في البرازيل، وتطرق الحديث مع الحضور عن مدى الاهتمام بالألعاب البارالمبية في الإعلام في المغرب، وفيلمها الأول الذي نال نقدا دوليا جيدا.

العودة للوطن

هند من مواليد مدينة الدار البيضاء، ترعرعت بمدينة لندن الإنجليزية حيث تخرجت من جامعة إيدنبورغ شعبة الإقتصاد، ولم يمنعها مجال عملها من تحقيق حلمها لكي تستقيل وتعود للمغرب من أجل أول وثائقي لها 425 Break The Silence الذي سلط الضوء على ظاهرة اجتماعية قانونية بالمغرب في العام 2014.

تقول بنصاري عن قرار عودتها لبلدها بعد العمل في قطاع البنوك والأعمال في لندن: عندما عدت للمغرب لاستكمال فيلمي الأول لم أكن أنوي عدم العودة مرة أخرى إلى عالم الاقتصاد بلندن، ولكني ذهبت بهدف الانخراط فيما يحدث هناك وكان المخطط هو العودة، وعندما بدأت في صناعة الفيلم وجدت أن في المغرب نسبة الأمية بلغت ٤٠٪، وكانت الطريقة الوحيدة لبدء مناظرات ومناقشات عامة هي الصورة، لذا قررت صناعة الفيلم الأول للحديث من خلاله عن واقع سياسي وقانون يُمكّن المغتصِبين بالزواج بالمغتصَبات، فوددت الحديث عن هذه القضية ومساءلة المجتمع المغربي، ولم يكن لدي طريقة أخرى غير الصورة.

لدينا ضرورة واحدة في الحياة وهي أن نسأل!

وخلال حديثها بملتقى تيديكس قالت هند أنها لا تحارب من أجل حقوق المرأة وإنما تسأل وتسمع وتحاول إن تفهم، فسألتها هل هذا كاف، فقالت: ليس فقط كصانعة أفلام وانما كإنسان لدينا ضرورة واحدة في الحياة وهي أن نسأل، في هذه الأيام نعتقد بأن علينا أن نعرف وأن يكون لدينا الجواب، وأن نتحول لعلامة، فمع هذا الكم من وسائل التواصل الاجتماعي بات الجميع في حاجة إلى أن يكون أو يرتبط بعلامة ما، وهذا لا يعني أنك على حق أو أن هذه هي الطريقة الوحيدة، فأنا لا أؤمن بأنه لابد أن يكون لدي رأي قوي وحازم،وإنما أؤمن بفعالية عملية التساؤل ومقابلة الناس المختلفين عنك، وأؤمن بطرح هذه الأسئلة بشكل حقيقي وجدي دون خوف من المساءلة القانونية أو الإيذاء، وكصانعة أفلام هذه هي مهمتي، وهي ليست فقط كافية وانما أيضا هذا ما أود أن أقوم به.

وعن مدى مساعدة دراستها للسياسة والاقتصاد في أن تكون صانعة أفلام تقول: دائما ما ساعدتني دراستي في صناعة الأفلام وفي فهم الإنسان وفهم المجتمع، فعندما أحلل الوضع يكون لدي رؤية صانعة الأفلام، إضافة لرؤية السياسة ورؤية الاقتصاد وخاصة مع الأمور التي تحتاج للتطوير.

صعوبات استصدار تصاريح الأفلام بالمغرب

وتضيف هند بخصوص وضع الأفلام في المغرب بالإشارة إلى أن هناك صعوبة في استصدار التراخيص للفيلم الأول، وعموما الأمر أصعب لصناع الأفلام الوثائقية، أما الأفلام الروائية الطويلة، فالترخيص يأتي بعد أسبوع، في حين ترخيص الفيلم الوثائقي يأتي بعد خمسة أسابيع، وهي مدة كافية ليكون ما تود تصويره قد انتهى أو قدم أو بات لا يصلح، فالرد يكون أبطئ مع الوثائقيات للرغبة في عدم التشجيع.

أما عن عقبات التمويل وجمع التبرعات كما حدث مع فيلمها الأول الذي جمعت تكاليف انتاجه من العامة، تقول بنصاري: أنه أمر هام ولكنه صعب جدا، لأن الدعم المالي في المنطقة ليس كبيرا، ليس هناك في بلداننا سوق للأفلام الوثائقية تقريبا غير موجودة، بالرغم من وجود قناة مغربية حكومية تستثمر أموال قليلة جدا، إلا أن معظم بلدان الشرق الأوسط ليس لديها ذلك وبالتالي يكون علينا أن نبحث عن مصادر تمويل أخرى في الغرب حيث تجد منافسة مع صناع أفلام من حول العالم، بالطبع الأمر صعب، ويحتاج منتجين جيدين، وعليك كتابة القصة وإعادة كتابتها مرة أخرى وأخرى.

تأثير رأس المال على صناعة الأفلام

وهنا سألتها عن مدى تدخل رأس المال في توجه الفيلم.. فردت: عندما يختارون مشروعك فهذا في حد ذاته اتجاه لما يتصوروه عن الأفلام من هذه المنطقة، فهناك تحكم ربما ليس بشكل مباشر، فأنت في النهاية حر لصنع الفيلم الذي تريد، إلا أنهم يقومون بعملية اختيار دقيقة تتناسب مع رؤيتهم بلا شك.وعليك أن تعرف منذ البداية ما هو الفيلم الذي تود عمله، وما هي المصاريف الخاصة بهذا المشروع، وقد استطعت جمع أموال تبرعات لفيلمي لوجود منتجين جيدين ووسائل تسويق، كما أن قصة عز الدين ويوسف هاتين الشخصيتين عندما شاهدهم الناس استغربوا منهم وأرادوا مشاهدة الفيلم، فجزء منه هو عملي وجزء آخر يتعلق بشخصياتهم المذهلة.

صعوبات تسويق الإنتاج الوثائقي

وانتهت المخرجة المغربية للتعبير عن رأيها بأن المهرجانات في العالم العربي تموت، إلا أن هناك مهرجانات الأفلام المستقلة التي عادة ما يكون الدعم فيها أقل، لذلك يكون من الصعب عليها أن تكبر، بالرغم من أن هناك العديد من الأفلام الجيدة التي تنتج في المنطقة، في لبنان مثلا وفلسطين وسوريا بعد الحرب، والفيلم الوثائقي صعب ولا يعرض عادة في السينما بالشرق الأوسط.. إلا قليلا، ولا يحظى بدعم وبالتالي دائما ما يكون علينا أن نحصل على الدعم من الخارج.

وأشارت إلى أنها شاركت في أيام قرطاج السينمائية بتونس وقد كانت تجربة جيدة، وشاركت بمهرجان الفيلم الوثائقي بأغادير في المغرب، كما زارت دبي من أجل الدعم. مضيفة: أنا الآن منشغلة بالأمور الأسرية حيث أن لدي مولودة صغيرة، فباتت المهرجانات صعبة الحضور، واختتمت بضحك: لكن الفيلم يشارك.

السابق عرب لندن تلتقي المخرجين العرب في مهرجان لندن السينمائي
التالي التشكيلية كريستين صالح: لوحاتي دعوة لتلاحم الإنسان بالطبيعة في عالم الماديات