عرب لندن - خاص - جاد محمد

 في زمن انتشار الإسلاموفوبيا والصور النمطية عن المسلمين٬ خصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي٬ التي تحولت إلى ساحة حقيقية لنشر الكثير من الرسائل المحرضة ضد المسلمين وتشويه صورتهم٬ وبلغ الأمر ذروته عندما قام منفذ الهجوم على مسجدين في نيوزيلندا بتوثيق مذبحته ببث مباشر على الفيسبوك٬ ورغم قيام مواقع التواصل الاجتماعي بما تقول إنها مجهودات جبارة لمواجهة خطابات التطرف والعنصرية٬ مازالت العديد من الممارسات التي تصب الزيت على نار كراهية الإسلام والمسلمين.

مواجهة خطاب الكراهية

وبينما يفضل البعض الانتقاد٬ أو الوقوف موقف المتفرج بينما يساء لحضارته وتراثه ومن يتشاركون معه نفس الانتماء الثقافي والديني٬ اختارت الشابة المغربية سناء فرياط المقيمة في إيطاليا٬ المبادرة وابتداع فكرة جديدة من شأنها تغيير الخطاب المتطرف والعدائي٬ إلى رسائل محبة وشكر وتسامح٬ معتمدة في ذلك على لغة العصر أي لغة التطبيقات ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأطلقت سناء وبتعاون مع مجموعة من أصدقائها أول موقع للتواصل الاجتماعي المرئي٬ من إنشاء شباب مسلم واختاروا للتطبيق اسما له دلالة٬ "The Shukran"٬ والاسم هو مزيج بين كلمة شكرا باللغة العربية٬ لإعطاء أهمية أكبر للشكر والامتنان اللذين يوحدان مختلف الشعوب٬ ولها قدرة إيجابية على خلق جو من التسامح والتعاون بين المنتمين لمختلف الديانات٬ أما استعمال أداة التعريف "THE" فالغرض منها هو أن تكون صلة وصل بين المجتمع المسلم والعالم الغربي٬ حتى يضمن له أكبر قدر من الانتشار على الصعيد العالمي.

بدلا من اللايك " شكرا"

التطبيق اختار أن يكون "شكرا" هو الزر البديل عن زر الإعجاب "اللايك" الرائج في مواقع التواصل الاجتماعي٬ والذي باتت له العديد من الأضرار النفسية وبات يسبب ضغطا للكثير من المتابعين وبالتالي فالاختيار له أبعاد أخلاقية٬ لكسر هوس الناس بالإعجاب وجمع أكبر قدر من التفاعل.

لم يكن خروج الفكرة إلى النور بالمهمة السهلة٬ فالبداية كانت سنة 2015٬ عندما تم طرح المشروع٬ وبعد العديد من الدراسات والتجارب٬ الناجحة والفاشلة٬ تمكنت سناء ورفاقها من إطلاق التطبيق سنة 2017 أي بعد سنتين من العمل الجاد٬ ومن الأمور التي شجعت الفريق على مواصلة العمل هو "حجم التفاعل الكبير والترحيب بهذا التطبيق" تقول سناء فرياط وهي تستذكر الأيام الأولى لإطلاق التطبيق٬ وهي مرحلة يكثر فيها الضغط والخوف من ردة فعل الجمهور "لكن المفاجأة السعيدة أننا اكتشفنا أن الجمهور المسلم سواء في الدول المسلمة أو في الغرب له تعطش كبير لتطبيق يكون قريبا ومن ثقافته ويتماشى مع متطلبات عصر الرقمنة" تتحدث سناء وهي تبدي الكثير من الرضا عن نجاح المشروع منذ أيامه الأولى.

وتؤكد سناء فرياط أن للتطبيق بعد اجتماعي ونفسي٬ "حيث يريد (ThEShukran) بناء محيط ومجتمع إيجابي قائم على التعاون والعطاء وبعث رسائل إيجابية لكل المنخرطين فيه" ويمنح التطبيق للجميع أي يغذي الرغبة في التعلم والعطاء لدى الآخرين من خلال نشر مواد مرئية محفزة وذلك بطريقة سهلة وفعالة٬ "وهكذا خرج الموقع إلى الوجود٬ وهو موقع اجتماعي جديد يوصل الثقافات فم بينها وبمفهوم يفهمه ويقدره الجميع وهو الشكر".

وتحمل سناء وفريق العمل معها٬ هما كبيرا٬ سببه الرغبة في حل إشكالية عويصة وباتت ملحة الآن وبشكل كبير٬ وهو مساعدة الناس في مختلف مناطق العالم٬ على فهم ما هو الإسلام وتعاليمه٬ بعيدا عن الصور النمطية المنتشرة في كل مكان٬ وبالنسبة لسناء التي تعيش في الغرب فهي دائما ما تتلقى الكثير من الأسئلة عن الإسلام والمسلمين وطريقة عيشهم وكيف يفكرون وما هي القضايا التي تهمهم في الظرفية الراهنة٬ هذه الأسئلة الكبيرة تحتاج لمنصة ضخمة قادرة على تزويد الناس بأجوبة واضحة دون التدخل في مضمون الرسائل أو محاولة توجيهها أو تضليل المتلقي٬ وتصف سناء التطبيق بأنه "قادر على فضح المفاهيم الخاطئة حول الثقافة الإسلامية ويوفر للجمهور المسلم بأداة فعالة للحوار المتفاعل مع العالم والعكس صحيح".

يتيح الموقع والتطبيق الكثير من العمليات التي تمنحها بقية مواقع التواصل الاجتماعي٬ لكن المميز فيه أنه يمنع منعا كليا نشر أي رسائل لها مضمون متطرف أو تحرض على الكراهية والعنف٬ بل يتعامل فقط مع ما هو إيجابي وقادر على خلف بيئة سليمة للحوار والتفاعل٬ وذلك من خلال ثلاث خاصيات مهمة وهي سر قصص من خلال صور فوتوغرافية لإظهار الأشياء الإيجابية المحيطة بحياة المسلم٬ وإنشاء رسائل باستخدام ملصقات ورسومات٬ وذلك بالنظر لأهمية الصور في التواصل في العصر الحالي ولقدرتها على الإقناع وإيصال الرسائل لأكبر عدد من المتلقين٬ كما أن الموقع والتطبيق يتيح لزواره اكتشاف المواضيع المفضلة لدى من يشكلون مجتمع "شكرا" دون محاولة توجيه الرأي العام نحو حدث بعينه٬ وأخيرا يتيح الموقع إنشاء حملات توعوية بخصوص مواضيع محددة كلها تصب في إطار الحوار بين الثقافات والأديان٬ والتعبير عن الامتنان من خلال زر "شكرا"

شكرا الأكثر تحميلا

وتتحدث سناء بفخر عن الإنجازات التي حققها التطبيق٬ ففي وقت وجيز نجح "شكرا" من الصعود في ترتيب التطبيقات الأكثر تحميلا في الكثير من دول العالم٬ حيث احتل المرتبة السادسة في المغرب العربي والعاشرة في مصر كما برز وجوده في كل من الباكستان٬ البانجلاديش٬ وإندونيسيا ووصل ايضا إلى الهند وكلها دول معروفة بأنها أعداد المسلمين فيها بعشرات إن لم يكن بمئات المسلمين٬ ولم يقتصر على البلدان العربية والاسيوية بل أثبت وجوده في أوروبا وبدأ يشق طريقه في أمريكا٬ وهو ما يجعل من التطبيق يحقق المرجو منه من خلال الانتشار في كل بقاع العالم٬ والتحول لمنصة للتعريف بالإسلام والمسلمين.

مليون مستخدم

ويضم حاليا ما يقارب المليون مستخدم من مختلف البلدان نساء وشباب من بينهم فنانين٬ كتاب٬ طهاة٬ مصورين٬ مصممي أزياء وآخرون٬ ما يجمع كل هؤلاء أنهم "وجدوا أنفسهم في رسالة هذا الموقع وانضموا إليه لإنشاء موسوعة عالمية تعرف بالثقافات في جو مليء بالأخوة والاحترام" تقول فرياط التي تعبر عن أملها في مزيد من الانتشار للتطبيق في صفوف المسلمين خصوصا في الغرب فهؤلاء يجدون أنفسهم في الصف الأول أمام الكثير من الأسئلة حول الإسلام وهم الضحية الأولى لانتشار الإسلاموفوبيا.

السابق في النمسا زوج يصنع قنبلة ويرسلها بطرد بريدي للتخلص من طليقته!!
التالي وزير الداخلية الألماني يبحث في اليونان أزمة اللاجئين