عرب لندن
أشعلت راشيل ريفز، وزيرة الخزانة في حكومة حزب العمال، جدلاً سياسيًا واسعًا بعدما دافعت بشدة عن خططها لمراجعة الإنفاق، في مواجهة انتقادات لاذعة من عمدة لندن، صادق خان، الذي حذّر من تأثيرات "تقشف مقنّع" على جهاز الشرطة في العاصمة.
وانتقد خان في تصريحات علنية، خفض الميزانية المخصصة لوزارة الداخلية، مؤكدًا أن ذلك سيؤدي إلى نقص حاد في أعداد الضباط وتعريض أمن سكان لندن للخطر، واصفًا الخطوة بأنها "مجزرة صامتة" في الموارد الأمنية.
وردّت ريفز بلهجة حاسمة، مشيرة إلى أن التمويل المخصص للشرطة سيشهد "زيادة حقيقية تتجاوز معدلات التضخم"، مضيفة: "لن أسمح بتراجع أعداد رجال الشرطة، لا في لندن ولا في أي منطقة أخرى".
وأكدت أن خفضًا سنويًا بمعدل 1.4% في الإنفاق الإداري لا يعني بالضرورة تقليصًا في الخدمات الأساسية.
ودعمت وزارة الخزانة موقف ريفز بنشر أرقام تؤكد أن ميزانية الشرطة سترتفع بنسبة 2.3% فوق معدل التضخم، موضحة أن هذا التمويل الإضافي سيأتي جزئيًا عبر زيادات محلية في ضريبة المجلس، وهو ما اعتبره خان "أسلوبًا مراوغًا لنقل الأعباء إلى دافعي الضرائب المحليين بدلًا من تحمّل الدولة للمسؤولية".
واتهم خان الحكومة بعدم الالتزام بتعهداتها تجاه العاصمة، محذرًا من تداعيات محتملة على جاهزية الشرطة واستجابتها للجرائم في ظل تصاعد التحديات الأمنية. وقال: "إذا كانت هذه بداية الإنفاق المسؤول، فماذا عن الأمن المسؤول؟".
وامتد الخلاف ليشمل قضايا النقل، حيث أبدى خان غضبه من استثناء مشاريع حيوية في لندن مثل خط Bakerloo وتمديد DLR من مخصصات البنية التحتية، مشيرًا إلى أن الحكومة تتعامل مع العاصمة على أنها عبء وليست محركًا للاقتصاد الوطني.
ودافعت ريفز عن النهج العام لمراجعة الإنفاق، مؤكدة أن الحكومة "تواجه وضعًا ماليًا صعبًا بسبب إرث المحافظين"، مضيفة أن الإجراءات الجديدة تضمن إعادة التوازن دون المساس بالخدمات الأساسية.
وتابعت: "لا يمكن أن تحصل لندن دائمًا على الحصة الأكبر... لدينا مسؤولية تجاه كل الأقاليم".
وفي أوساط الشرطة، عبّر مسؤولون كبار عن "قلق مكتوم" من أن تكون الأرقام الحكومية "خادعة"، مشيرين إلى أن أي فجوة تمويلية ستؤثر مباشرة على برامج التوظيف والتدريب، ما يضع عبئًا إضافيًا على العناصر الميدانية.
وأثار الصدام بين ريفز وخان تباينًا في مواقف حزب العمال ذاته، إذ رأى بعض النواب أن ريفز "تحاول الحفاظ على صورة الحكومة المالية أمام الأسواق"، بينما اعتبر آخرون أن الصدام مع عمدة العاصمة "معركة داخلية غير ضرورية".
ويأتي هذا الخلاف بعد أقل من أسبوع على إعلان الحكومة الجديدة خطتها الاقتصادية، التي نالت إشادة حذرة من المؤسسات المالية، لكنها باتت تواجه الآن أول اختبار حقيقي في قدرتها على التوفيق بين ضبط الإنفاق وتلبية احتياجات الأمن والخدمات.