ستارمر يقترب من اتفاق تنقل شبابي مع الاتحاد الأوروبي
عرب لندن
أكد مصدر حكومي رفيع لصحيفة "الإندبندنت" أن رئيس الوزراء كير ستارمر، يستعد للموافقة على مخطط تنقل شبابي جديد مع الاتحاد الأوروبي، رغم إعلان حكومته الأخير عن خطة صارمة لتقليص الهجرة القانونية.
وكشف المصدر أن خطاب ستارمر، الذي ألقاه الإثنين الماضي، وسلّط الضوء فيه على عزمه تقليص أعداد المهاجرين، كان هدفه "إفساح المجال" سياسيًا لإطلاق مخطط التنقل مع الاتحاد الأوروبي، وذلك في إطار إعادة ضبط العلاقات بعد بريكست.
وأثار الخطاب موجة من الانتقادات، إذ شبّهه البعض بخطاب "أنهار الدم" الشهير الذي ألقاه إينوك باول عام 1968، والذي أثار موجة عداء عنصرية ضد المهاجرين في المملكة المتحدة.
ويُتوقع أن يشبه مخطط التنقل المقترح الاتفاق القائم حاليًا بين بريطانيا وأستراليا، والذي يتيح للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا السفر والعمل بحرية بين البلدين لمدة عامين. إلا أن تاريخ بدء العمل بالمخطط لا يزال غير محدد.
وتتجه حكومة ستارمر، ضمن اتفاق إعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، إلى تعزيز التعاون الدفاعي مع القارة، ومن المقرر أن تلعب المملكة المتحدة دورًا أكثر تقدمًا في هذا المجال.
وأفاد المصدر أن الهدف التالي لستارمر يتمثل في إبرام اتفاق تجاري مع دول الخليج، سعيًا وراء تحفيز النمو الاقتصادي وجذب مليارات الجنيهات من الاستثمارات.
وحذّر المصدر من أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي قد يثير غضب طرفي الجدل حول بريكست وهما الداعمين للانسحاب الكامل والمؤيدين للعودة، لكنه أكد أنه سيكون "رائعًا" عند الإعلان عنه رسميًا خلال القمة المقررة يوم الإثنين المقبل.
وأوضح المصدر أن ستارمر اختار عمدًا عدم الانصياع الكامل لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال محادثات الاتفاق الثنائي، وذلك للحفاظ على التوازن وتمكين بريطانيا من التوافق مع الاتحاد الأوروبي.
وأكد أن "سبب عدم تعمق اتفاقنا مع الولايات المتحدة هو رغبتنا في الحفاظ على توافقنا مع أوروبا"، مشيرًا إلى أن "الفرصة ما تزال قائمة لتوسيع الاتفاقات مع واشنطن لاحقًا بعد استقرار اتفاق بريكست".
بدورها، كشفت وزيرة الخزانة راشيل ريفز في وقت سابق أن أولوية الحكومة تكمن في تعزيز علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي قبل الولايات المتحدة، وهو ما عُدّ زلة لسان أكدت المعلومات المسربة صحّتها.
وأشار المصدر إلى أن المخطط الجديد قد يتضمن بالفعل بندًا خاصًا بتنقل الشباب بين بريطانيا وأوروبا، مشددًا على أن الاتفاق "سيسخط المتشددين من الطرفين، لكنه سينال استحسان الأغلبية".
وقال: "البريكستيون سيعتبرونه خيانة، والمطالبون بالعودة للاتحاد سيطالبون بالاندماج الكامل، لكن الاتفاق سيكون ممتازًا، خاصة إذا وُضع إلى جانب اتفاقاتنا مع الهند والولايات المتحدة".
وأظهرت دراسة حكومية أن الاتفاق الأخير مع الهند سيؤدي إلى زيادة في حجم التجارة الثنائية بقيمة 25.5 مليار جنيه إسترليني، منها 15.7 مليار من صادرات الشركات البريطانية.
وأكد ستارمر، في حواره مع الصحيفة، أن رؤيته لبريطانيا كمركز تجاري بين القوى الاقتصادية الكبرى تمثل جوهر استراتيجيته للنمو.
كما أعرب عن ارتياحه للإنجازات التي حققها مؤخرًا، خاصة أنه تمكّن من عكس تحذيرات الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الذي كان قد قال إن بريطانيا ستأتي "في نهاية الصف" إذا صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. بل إن علاقة ستارمر مع ترامب جعلت بريطانيا في "مقدمة الصف" لعقد اتفاقات تجارية دولية.
وأعرب ستارمر عن ثقته في أن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي سيكون "طموحًا"، وسيتكامل مع "النجاحات الكبرى" التي حققتها الحكومة في اتفاقاتها مع الهند والولايات المتحدة.
وقال: "نريد تنمية الاقتصاد، وخلق الثروة، وضمان شعور الناس بأن أوضاعهم تتحسن. حماية الوظائف وخلق فرص جديدة هو الطريق الأفضل لتحقيق الثروة، وكان ذلك هدفنا منذ البداية".
وأوضح أن قرارات الحكومة الصعبة، بما فيها تلك المتعلقة بالضرائب والرعاية الاجتماعية، جعلت من بريطانيا وجهة مفضلة للشركاء التجاريين والمستثمرين، إذ صرّح: "خفضنا أسعار الفائدة أربع مرات متتالية، واستعدنا الاستقرار الاقتصادي، والتزمنا بقواعد مالية واضحة. هذا ما جعل الدول الأخرى تنظر إلى المملكة المتحدة كمكان مناسب للتجارة، وهو عنصر أساسي لأن الدول تختار شركاءها التجاريين بعناية".