تحذير برلماني من التكاليف الضخمة المخصصة لتعويضات الإهمال الطبي في (NHS)
عرب لندن
حذرت لجنة الحسابات العامة في البرلمان البريطاني من أن إجمالي التزامات هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في إنجلترا عن الإهمال الطبي قد بلغ 58.2 مليار جنيه إسترليني، واصفة هذا الرقم بـ"المذهل" وأنه دليل على فشل الحكومة في تحسين سلامة المرضى.
وأكدت اللجنة، في تقرير لاذع، أن المبالغ "الخيالية" التي تُدفع كتعويضات للمتضررين من الأخطاء الطبية، مع استمرار تقاعس الحكومة عن الحد من هذه الأخطاء، تشكّل وضعًا "غير مقبول"، وفقا لما نقلته "الغارديان".
وأوضحت أن هذا الرقم يمثل ثاني أكبر التزام مالي على مستوى الحكومة البريطانية بعد تكلفة تفكيك المنشآت النووية.
وقال السير جيفري كليفتون-براون، رئيس اللجنة: "حقيقة أن الحكومة خصصت عشرات المليارات لتعويضات الإهمال الطبي، وهو ثاني أكبر عبء مالي بعد مشاريع تفكيك نووي من بين الأكثر تعقيدًا في العالم، يجب أن يدفع المجتمع بأسره للتوقف والتأمل"، مضيفًا: "هذا دليل على نظام يعاني من الفشل في خدمة من صُمم لحمايتهم".
ودعت اللجنة وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية إلى اتخاذ خطوات عاجلة للحد من "الحوادث المأساوية" التي تضر بالمرضى، وإنهاء الوضع الذي يسمح للمحامين بالحصول على ما نسبته 19% من قيمة التعويضات، والتي بلغت 536 مليون جنيه من أصل 2.8 مليار تم دفعها العام الماضي، وهو رقم قياسي للمدفوعات الناجمة عن الأخطاء الطبية.
وأشارت اللجنة إلى أن العديد من حالات الإهمال الطبي تترك آثارًا مدمرة على حياة المتضررين، وتستنزف موارد حيوية من (NHS).
كما انتقدت الوزارة لعدم تقديمها حتى الآن تفسيرًا واضحًا لأسباب حدوث هذه الأضرار، وعدم تطويرها استراتيجية شاملة لتحسين سلامة المرضى، رغم مطالبة اللجنة بذلك في الدورة البرلمانية السابقة.
وكشف التقرير أن الوزارة لم ترد إلا مؤخرًا على هذا الطلب، في وقتٍ لا تزال فيه دون خطة واضحة لمعالجة تصاعد تكلفة هذه القضايا التي تستنزف أموال دافعي الضرائب.
من جانبه، أوضح بول وايتنغ، الرئيس التنفيذي لجمعية "التحرك ضد الحوادث الطبية"، أن أكبر التعويضات تُمنح لعائلات الأطفال الذين أُصيبوا بإعاقات دائمة - مثل تلف الدماغ - نتيجة للإهمال عند الولادة.
وأشار إلى أن (NHS) تعرضت لسلسلة من الفضائح في وحدات رعاية الأمومة، حيث تسببت الرعاية المتدنية في وفاة أو إصابة أمهات وأطفال.
وأضاف وايتنغ أن كثيرًا من القضايا القانونية كان يمكن تجنبها لو كانت الهيئة أكثر شفافية في التعامل مع الأخطاء، وقال: "نقابل الكثير من الأشخاص الذين يلجؤون للتقاضي فقط لأن (NHS) 'أسدلت الستار'، أي لم تحقق بشكل كافٍ في الخطأ، ولم تعتذر بصدق، ولم تُشرك العائلات في التحقيق. لو طُبقت هذه الخطوات، لما لجأ كثيرون للقضاء".
كما وصفت المتحدثة باسم حزب الليبراليين الديمقراطيين للصحة، جيس براون-فولر، هذه التكاليف بـ"الدليل على نظام صحي لا يعمل كما يجب"، منتقدة حكومة حزب العمال على "التردد والتأخير" في إصلاحات الرعاية الصحية والمستشفيات.
وقد أكدت الوزارة، في ردها، التزامها بتحسين سلامة المرضى، مشيرة إلى أن "السلامة هي حجر الأساس لنظام صحي فعّال"، وأنها ستعيد النظر في أسباب ارتفاع تكاليف الإهمال الطبي وستدرس خيارات الإصلاح بعناية لضمان إدارة فعالة للإنفاق في هذا المجال.