عرب لندن

خضع الناجي من الهولوكوست ستيفن كابوس والبالغ من العمر 87 عامًا، لاستجواب من قبل شرطة العاصمة البريطانية، بعد أن وضع الزهور في ميدان ترافالغار خلال احتجاج لدعم غزة، تكريمًا لعشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين قُتلوا في العدوان على غزة.

واستجوبت الشرطة كابوس يوم الجمعة بشأن مشاركته في المظاهرة المؤيدة لفلسطين التي نُظمت في 18 يناير وسط لندن، والتي وُجهت فيها اتهامات للشرطة بممارسة "قمع مفرط واستخدام القوة المبالغ فيها"، وفقا "للإندبندنت".

وقد عاش كابوس طفولته مختبئًا تحت الحكم النازي في بودابست بالمجر، بعدما فقد الاتصال بوالدته، بينما أُرسل والده إلى معسكر الاعتقال النازي بيرغن بيلسن.

 ويعد كابوس واحد من تسعة أشخاص استدعتهم الشرطة للتحقيق بعد اعتقال 77 شخصًا يوم المظاهرة، فيما وُجهت اتهامات رسمية لـ 21 شخصًا حتى الآن.

وفي حديثه أمام مركز شرطة "تشارينغ كروس" بعد استجوابه، أكد كابوس عزمه على مواصلة التظاهر من أجل السلام في غزة، معبرًا عن فخره بمشاركة ابنه وأحفاده في هذه المسيرات.

وقال: "أريد دحض الادعاءات التي تزعم أن جميع اليهود يدعمون ما يحدث".

وكان كابوس محاطًا بنحو 100 شخص من أنصاره، بينهم ناجون آخرون من الهولوكوست أو من أحفادهم، حيث رفع بعضهم لافتة كُتب عليها: "أحفاد الناجين من الهولوكوست ضد إبادة غزة!"، فيما هتف آخرون: "كلنا فلسطينيون".

وأشار إلى أن هذه الاحتجاجات تأتي في وقت كثّفت فيه إسرائيل هجماتها على قطاع غزة، مما أدى إلى انهيار الهدنة المؤقتة، واصفًا ذلك بـ"المروع".

وقال: "ما يحدث من قتل أمر لا يُحتمل مشاهدته. نتساءل إلى أين يقودنا هذا؟ إنهم أناس بلا دفاع، يعيشون في العراء بعد أن دُمِّرت منازلهم بالكامل، والآن يُقصفون حتى في الخيام. لا أفهم كيف يمكن للعالم أن يقف متفرجًا على ذلك".

كما أعرب كابوس عن شعوره بالخجل من موقف الحكومة البريطانية ومن كل من "يسهّل ويدعم هذه الجرائم".

ووجّه كابوس انتقادات حادة للحكومة البريطانية، مطالبًا إياها بإدانة أفعال إسرائيل ووقف جميع العقود العسكرية معها.

وأضاف: "يجب على الحكومة، إدانة ما تفعله إسرائيل على الأقل وهو أمر لم تفعله حتى الآن. كما يجب عليها التوقف فورًا عن تزويدها بالسلاح أو أي دعم لوجستي أو معلوماتي".

من جانبه، عبّر زعيم حزب العمال كير ستارمر، عن "قلقه العميق" إزاء استئناف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، فيما أكّد المتحدث باسمه ضرورة احترام جميع الأطراف- بما فيها إسرائيل- للقانون الإنساني الدولي.

وقال المتحدث: "نؤكد على حق إسرائيل في تحقيق الأمن، كما نرفض أي دور لحماس في مستقبل غزة، لكننا نطالب باستئناف المحادثات بشكل عاجل وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل والعمل على تحقيق سلام دائم".

وقد دافعت شرطة العاصمة عن موقفها، مؤكدة أن المتظاهرين خالفوا شروط "قانون النظام العام" خلال مظاهرة 18 يناير. وأوضحت أن هذه الشروط حددت نطاق التظاهر في شارع وايتهول، لكن مجموعة كبيرة من المحتجين انتقلت إلى ميدان ترافالغار وحاول بعضهم التقدم أكثر.

وقالت متحدثة باسم الشرطة: "كجزء من تحقيقاتنا المستمرة في الانتهاكات المحتملة لشروط قانون النظام العام يوم 18 يناير، استدعينا ثمانية أشخاص آخرين للاستجواب في مركز الشرطة".

وتابعت: "ندرك أنه يتم تداول أسماء بعض الأشخاص الذين طُلب منهم الحضور، لكننا لا نؤكد هوية أي شخص يخضع للتحقيق".

وأثارت استدعاءات الشرطة للناشطين جدلًا واسعًا حيث وجّه أكثر من 50 نائبًا في البرلمان البريطاني، إلى جانب قادة نقابات وخبراء قانونيين، رسالة إلى وزيرة الداخلية إيفيت كوبر، يطالبون فيها بإجراء تحقيق مستقل في أساليب الشرطة خلال مظاهرة 18 يناير.

وفي السياق ذاته، وقّع 40 ناجيًا من الهولوكوست أو من أحفادهم على رسالة مفتوحة أعربوا فيها عن صدمتهم الشديدة من استجواب الشرطة لكابوس، معتبرين ذلك "انتهاكًا صارخًا لحقه في التظاهر".

وجاء في الرسالة: "أي قمع لحق الاحتجاج هو أمر مرفوض، لكن استهداف يهودي يبلغ من العمر 87 عامًا، دفعته تجربته في الهولوكوست إلى التعبير عن رفضه لإبادة الفلسطينيين في غزة، هو أمر مروع للغاية".

من جهته، وصف مارك إتكيند، أحد منظمي مجموعة "الناجون من الهولوكوست وأحفادهم ضد إبادة غزة"، الإجراءات الشرطية بـ"المخيفة"، ليس فقط لحركة التضامن مع فلسطين، ولكن لأي شخص "يؤمن بحق التظاهر والديمقراطية البريطانية".

بدورها، أدانت الدكتورة أغنيس كوري، وهي ناجية أخرى من الهولوكوست، هجوم إسرائيل على غزة بشدة، قائلة: "بصفتي ناجية من الهولوكوست وباحثة متخصصة فيه، أقول لا، ليس باسمنا، ويجب أن نكون في مقدمة الداعين إلى السلام في فلسطين".

وفي تقرير صدر مؤخرًا، اتهم خبراء تابعون للأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب "أفعال إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين، مشيرين إلى تدمير ممنهج للمرافق الصحية الخاصة بالنساء في غزة، واستخدام العنف الجنسي كسلاح حرب.

ورفضت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية لدى الأمم المتحدة في جنيف هذه الاتهامات، معتبرة إياها "متحيزة، لا تستند إلى وقائع، وتفتقر إلى المصداقية".

السابق وزير الصحة البريطاني: "هجمات إسرائيل على غزة لا يمكن تبريرها ويجب أن تتوقف"
التالي (فيديو) بريطانيا في دقيقة: حاول تهريب مليون جنيه إسترليني ففشل