عرب لندن
ألقى مارك كارني، رئيس وزراء كندا الجديد، خطابًا ناريًا تعهد فيه بمواجهة دونالد ترامب وبتوحيد الكنديين في ظل الأزمة الاقتصادية المتصاعدة بين كندا والولايات المتحدة.
وانتُخب كارني الذي كان يشغل سابقًا منصب محافظ بنك إنجلترا، زعيمًا للحزب الليبرالي الكندي مساء الأحد ، ليصبح خليفة جاستن ترودو بعد فوزه الساحق بنسبة 85.9% من أصوات 150 ألف عضو بالحزب.
لكنه لم ينتظر حتى حفل التنصيب ليبدأ هجومه على ترامب، واصفًا الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة بأنها "أعظم أزمة في حياتنا".
وفي خطابه الحاد، قال كارني: "هناك من يحاول إضعاف اقتصادنا: دونالد ترامب. لقد فرض ترامب رسومًا جمركية غير مبررة على صناعاتنا، وعلى طريقة كسبنا لقوتنا، وعلى أسلوب حياتنا. إنه يهاجم العائلات الكندية ويريد تدمير الطريقة الكندية في العيش."
وجاء هذا التصعيد بعد أن فرضت واشنطن الأسبوع الماضي رسومًا جمركية بنسبة 25% على الصادرات الكندية، مما دفع أوتاوا إلى الرد بالمثل عبر فرض رسوم بقيمة 155 مليار دولار على المنتجات الأميركية خلال الشهر الجاري.
وحاول رئيس الوزراء المنتهية ولايته جاستن ترودو، الذي أعلن في يناير استقالته بعد تسع سنوات في الحكم بسبب تراجع شعبيته، تهدئة التوترات قائلًا إن الأمر أشبه بـ "خلاف بين صديقين".
لكنه لم يوفر فرصة لتوجيه ضربة ساخرة لترامب، حيث قال في خطاب تلفزيوني: "ليس من عادتي الاتفاق مع صحيفة وول ستريت جورنال، لكن دونالد، حتى هم قد أشاروا إلى أنه وبالرغم ذكائك، فإن هذا القرار غبي جدًا."
من جانبه، تبنى كارني موقفًا أكثر تشددًا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة أصبحت "بلدًا لا يمكن لكندا الوثوق به".
وسيواجه كارني، الذي يبلغ 59 عامًا، أول اختبار حقيقي في منصبه الجديد، حيث توعد ترامب بفرض مزيد من التعريفات الجمركية التي قد تدفع الاقتصاد الكندي إلى أزمة أعمق.
وفي تصعيد خطابه، قال كارني: "الحكومة الكندية ردّت بالشكل الصحيح من خلال فرض رسوم مضادة. وسنبقي عليها حتى يظهر الأميركيون لنا الاحترام. نحن لم نطلب هذه المواجهة، لكن عندما تُرمى القفازات، فإن الكنديين دائمًا مستعدون للقتال. لا تخطئوا الظن، كندا ستنتصر."
كما هاجم كارني زعيم المعارضة المحافظ بيير بويليفر متهمًا إياه بـ "الانحناء أمام مذبح ترامب"، في إشارة إلى مواقفه المتوافقة مع سياسات الرئيس الأمريكي.
ورغم أن الحزب المحافظ كان يحقق تقدمًا في استطلاعات الرأي خلال الأشهر الأخيرة، إلا أن تصاعد النزعة القومية في كندا بسبب العدوانية الأميركية ساهم في تعزيز فرص الحزب الليبرالي في الانتخابات البرلمانية المرتقبة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
وشدد كارني في كلمته على أن كندا لن ترضخ لأي تهديد، قائلاً: "لقد جعلنا من كندا أعظم بلد في العالم، والآن يريد جيراننا ابتلاعنا؟ مستحيل. لا يمكننا تغيير دونالد ترامب… لكننا أسياد مصيرنا الاقتصادي."
وكانت لهجة كارني الحادة تجاه ترامب من أقوى المواقف التي يتبناها زعيم غربي ضد الرئيس الأميركي، في وقت يراقب فيه قادة المملكة المتحدة وأوروبا عن كثب كيفية تعامل كندا مع هذه المواجهة، خصوصًا بعد تعهد ترامب بفرض رسوم جديدة على الاتحاد الأوروبي، الذي وصفه بأنه "أُنشئ لخداع أميركا".
وأنهى كارني خطابه بتكرار عبارة "كندا قوية"، داعيًا الكنديين إلى التكاتف لمواجهة الأزمة، قائلاً: "علينا أن نهتم بأنفسنا، وعلينا أن نهتم ببعضنا البعض. يجب أن نبقى متماسكين للأيام الصعبة المقبلة. يمكننا وسنتجاوز هذه الأزمة.”
ويؤمن كارني بخبرته في إدارة أكبر بنكين مركزيين في العالم، وبأن كندا بحاجة إلى استراتيجية جديدة للنمو والاستثمار، وانتقد حكومة ترودو قائلًا إن "معدل النمو لم يكن جيدًا بما يكفي".