عرب لندن
يشهد سوق التأشيرات الذهبية في إسبانيا إقبالًا غير مسبوق من قبل المستثمرين البريطانيين وغيرهم من المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، مع اقتراب الموعد النهائي للتقدم بطلبات للحصول على الإقامة الإسبانية قبل إغلاق الحكومة الإسبانية للمخطط في أبريل المقبل.
والقرار، الذي اتخذته الحكومة اليسارية برئاسة بيدرو سانشيز، جاء في سياق محاولة للحد من المضاربة العقارية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير في العديد من المدن الإسبانية.
ووفقًا لموقع "التلغراف" Telegraph، يتيح المخطط للمستثمرين الأجانب الحصول على إقامة متجددة وتصاريح عمل في إسبانيا عبر استثمار 500 ألف يورو (حوالي 420 ألف جنيه إسترليني) في العقارات الإسبانية. ويعتبر هذا المبلغ أقل بكثير مقارنة بالبدائل الأخرى التي تتطلب استثمار 2 مليون يورو في سندات دين حكومية أو مليون يورو في الأسهم أو الودائع البنكية.
ولكن مع قرار رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بإنهاء هذا المخطط، معتبرًا أنه ساهم في زيادة المضاربات العقارية، يتسابق العديد من المستثمرين لإتمام معاملاتهم قبل 3 أبريل، الموعد النهائي لتقديم الطلبات. يواجه البعض صعوبة في إتمام هذه العمليات في الوقت المحدد بسبب التأخيرات في البناء أو الحاجة إلى الحصول على أرقام هوية محلية وتوثيق معاملات مصرفية في إسبانيا.
وقال فرانسيسكو مارتينيز، المحامي في شركة "Next Abogados" في مدريد، إن أحد عملائه الأميركيين لن يتمكن من إتمام الصفقة في الوقت المحدد بسبب تأخر البناء لمدة 12 شهرًا. وأضاف: "نرى زيادة في الاهتمام بعد إعلان إغلاق المخطط، حيث يرغب الكثيرون في ضمان حصولهم على تصريح إقامة قبل انتهاء المهلة".
ورغم أن الحكومة الإسبانية تأمل في الحد من المضاربة العقارية، تشير الأرقام إلى أن المشترين الأجانب، وعلى رأسهم البريطانيون، لا يمثلون العامل الرئيسي في هذه المشكلة. ففي عام 2023، تم شراء 27,000 منزل من قبل مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمثل 2.5% فقط من إجمالي المبيعات. وشكل المشترون البريطانيون أكبر مجموعة، مع تسجيل 3,480 عملية شراء.
ووفقًا للتقارير، يفضل معظم مستثمري التأشيرة الذهبية شراء العقارات بدلاً من الاستثمارات الأخرى. ذلك لأن العقار لا يوفر فقط إمكانية التمتع بالمنزل بل يمكن تأجيره أيضًا للحصول على دخل إضافي، في وقت يعاني فيه سوق الإيجارات الإسباني من زيادة ملحوظة في الأسعار. وفي العام الماضي، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 14% في مدريد و7% في برشلونة، بينما شهدت الإيجارات في العاصمة زيادة بلغت 19%.
ومن أجل مواجهة هذه الزيادة في الأسعار، أعلنت حكومة سانشيز عن خطط لزيادة بناء المساكن بأسعار معقولة وفرض ضريبة أعلى على الأجانب الذين يشترون العقارات، وهو ما يراه البعض خطوة إضافية لتقييد السوق أمام المستثمرين الأجانب. إلا أن خبراء العقارات مثل مارتينيز يرون أن التأشيرات الذهبية ليست هي السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار العقارات. وقال مارتينيز: "الاستثمارات العقارية التي تقوم بها فئة قليلة من الأجانب لا يمكن تحميلها مسؤولية التضخم في السوق ككل".
ومن جهة أخرى، أوضح المحامي الإسباني ماكارينا رويز باليستيروس، الذي يعمل مع العديد من العملاء الأجانب، أن المستثمرين البريطانيين الذين يتطلعون إلى شراء العقارات في كوستا ديل سول وغيرها من المناطق السياحية الإسبانية ليسوا مهتمين بالمضاربة، بل يبحثون عن "منازل للاستمتاع بها أو لقضاء التقاعد".
ومنذ إطلاق برنامج التأشيرات الذهبية في إسبانيا في عام 2014، استفاد أكثر من 35,000 شخص من هذا المخطط للحصول على الإقامة، إضافة إلى أكثر من 30,000 فرد من أسرهم. وقد شهد المخطط ارتفاعًا ملحوظًا بعد رفع القيود المتعلقة بكوفيد-19، مما شجع المزيد من المستثمرين على توجيه أموالهم إلى إسبانيا. ومع ذلك، فقد بدأت بعض الدول الأوروبية الأخرى، مثل البرتغال وهولندا، في إلغاء مخططات مماثلة في محاولة للحد من التأثيرات السلبية على أسواق الإسكان المحلية.
وبينما يسعى الكثير من المستثمرين للحصول على التأشيرات الذهبية قبل الإغلاق، لا يزال السوق العقاري الإسباني يشهد تحديات كبيرة، مع تساؤلات حول مدى فعالية السياسات الحكومية في تهدئة المضاربات العقارية.