وزيرة العدل تطالب بإلغاء قواعد “العدالة ذات المستويين” في الأحكام القضائية
عرب لندن
دعت وزيرة العدل البريطانية، شبانة محمود، إلى إلغاء توجيهات جديدة أصدرها مجلس إصدار الأحكام (Sentencing Council).
وطالبت شبانة القضاة بمنح معاملة خاصة للمجرمين المنتمين إلى أقليات عرقية أو دينية أو جندرية عند إصدار الأحكام.
ووجهت شبانة خطابًا رسميًا إلى المجلس، تحثه فيه على التخلي عن هذه الإرشادات، التي تلزم القضاة بالنظر في خلفية الجاني عند اتخاذ قرار بشأن سجنه.
وكانت المحاكم قد أُخطرت بضرورة “النظر بشكل طبيعي” في طلب تقرير ما قبل الحكم، في حال كان الجاني ينتمي إلى “أقلية عرقية أو ثقافية أو دينية” أو كان “شخصًا متحولًا جنسيًا”.
وأثارت هذه التوجيهات جدلًا حادًا في الأوساط السياسية، حيث انتقدها حزب المحافظين في البرلمان، ووصفها بـ “العدالة ذات المستويين”، إذ لا تتضمن أي متطلبات مماثلة لإعداد تقارير ما قبل الحكم للمجرمين من أي خلفيات أخرى، بحسب "التلغراف".
وتُعد تقارير ما قبل الحكم أداة يستخدمها جهاز المراقبة لتزويد المحاكم بمعلومات يمكن أن تؤدي إلى تخفيف العقوبة، إما عبر تعليق تنفيذ الحكم أو استبداله بعقوبات مجتمعية.
وفي تعليقها على القرار، أعربت شبانة محمود عن “عدم رضاها”، قائلة: “التوجيهات المحدثة اليوم لا تعكس آرائي ولا تعكس موقف هذه الحكومة. بوصفي شخصًا من خلفية عرقية أقلية، لا أقبل بأي معاملة تفاضلية أمام القانون لأي شخص، تحت أي ظرف. لن يكون هناك نظام عدالة ذو مستويين طالما أنا في هذا المنصب.”
ووصف روبرت جينريك، وزير العدل في حكومة الظل، التوجيهات الجديدة بأنها “فضيحة مطلقة”، معتبرًا أنها تكرّس “تمييزًا مزدوج المعايير” في الأحكام.
وأشار إلى أن مجلس إصدار الأحكام جهاز مستقل قضائيًا، مما يعني أن وزيرة العدل لا تملك صلاحية إلغاء قراراته، لكنها تستطيع فقط التوصية بتعديلات. ومع ذلك، دعا جينريك شبانه إلى “إلغاء التوجيهات بالقانون”، إذا لزم الأمر.
وقال: “هناك مشروع قانون مطروح أمام البرلمان حاليًا حول الجريمة والنظام القضائي، ويمكن استخدامه كأداة لتعديل هذه السياسة.”
من جهتها، أكدت كيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظيت، أن حزبها سيدعم أي خطوة قانونية لإلغاء التوجيهات، قائلة:“إذا لم تكن وزيرة العدل شبانة محمود تريد نظامًا قضائيًا مزدوج المعايير، فعليها تغيير القانون، والمحافظون سيدعمونها في ذلك. لا ينبغي أن تترك القرارات لمجالس مستقلة، بل يجب أن تكون بيد الوزراء المنتخبين.”
إلى جانب الخلفية العرقية، تضمنت التوجيهات الجديدة عوامل أخرى يمكن أن تؤدي إلى طلب تقرير ما قبل الحكم، ومنها:
كون الجاني امرأة.
أن يكون الجاني شابًا بين 18 و25 عامًا.
أن يكون معرضًا لأول حكم بالسجن أو عقوبته أقل من سنتين.
أن يكون الجاني حاملًا أو أمًّا حديثة الولادة.
أن يكون المُعيل الأساسي لأحد الأقارب المعتمدين عليه.
أن يكون الجاني مدمنًا على المخدرات أو الكحول، أو يعاني من حالة صحية مزمنة.
أن يكون الجاني ضحية للعنف الأسري أو العبودية الحديثة أو الاستغلال الجنسي.
ودافع مجلس إصدار الأحكام عن قراره، مؤكدًا أن هذه العوامل ليست قائمة حصرية، وأن القضاة لا يزال لديهم حرية التقدير في تحديد ما إذا كان تقرير ما قبل الحكم ضروريًا في كل حالة.
وقال اللورد القاضي ويليام ديفيس، رئيس المجلس: “إن العقوبة المصممة وفقًا للظروف الفردية للجاني والجريمة، والتي تستفيد بالكامل من جميع الخيارات المتاحة، وتمت بناءً على أدلة، لديها أعلى فرصة للتنفيذ الفعّال، مع الاستمرار في تحقيق أهداف العدالة.”
من جانبه، أوضح متحدث باسم المجلس أن التوجيهات حول الخلفيات العرقية تستند إلى “أدلة على التفاوتات في الأحكام”، والحاجة إلى فهم “التحديات التي يواجهها بعض الجناة داخل النظام القضائي”.
ويأتي هذا الجدل في أعقاب تغييرات سابقة أصدرها المجلس العام الماضي، أوصى فيها القضاة بمراعاة الخلفيات الاجتماعية الصعبة عند إصدار الأحكام، معتبراً أن الفقر وانخفاض مستوى التعليم والتجارب التمييزية والسكن غير المستقر عوامل يجب أخذها في الاعتبار عند تحديد العقوبات.
ورغم تحذيرات من أليكس تشوك، وزير العدل السابق، بأن هذه التوجيهات “مُهينة” و“غير دقيقة”، وتمثل تبريرًا غير مقبول لجرائم تستند إلى سوء الظروف المعيشية، فإن المجلس مضى قدمًا في تنفيذها.
وفي حين أن استشارة المجلس حول هذه القواعد بدأت تحت إدارة المحافظين في مارس الماضي، إلا أن النسخة النهائية التي أُقرت عُدّلت بشكل أكثر صرامة، مما أثار العاصفة السياسية الحالية، خصوصًا بعد أن تبين أن الوزيرة شبانة محمود لم تكن على علم بهذه التعديلات إلا بعد إثارتها في البرلمان يوم الأربعاء.