عرب لندن

أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر عن خفض ميزانية المساعدات الخارجية وتحويلها إلى الإنفاق الدفاعي، في خطوة جذرية تعكس تحوّلًا في أولويات الحكومة البريطانية.

 وبحسب ما أوردته "الغارديان"، سيؤدي هذا إلى تراجع مساعدات بريطانيا للدول النامية إلى أدنى مستوى لها منذ جيل.

 وستخفض هذه السياسة حصة المساعدات من الدخل القومي من 0.58% إلى 0.3%، أي ما يقارب النصف.

وفي عام 2023، بلغ إجمالي إنفاق المملكة المتحدة على المساعدات الخارجية 15.34 مليار جنيه إسترليني، ذهب ما يقارب الثلث منها لدعم وإيواء اللاجئين وطالبي اللجوء داخل البلاد. 

وكان آخر انخفاض لمساهمة بريطانيا في المساعدات إلى أقل من 0.3% في عام 1999، أي قبل ربع قرن.

وأثار القرار مخاوف بين وزراء الحكومة، الذين حذروا من أنه قد يضعف القوة الناعمة للمملكة المتحدة ويزيد من احتمالات الهجرة غير الشرعية. 

كما واجهت هذه السياسة انتقادات لاذعة من المنظمات الإنسانية والجهات الفاعلة في مجال الإغاثة، التي وصفتها بأنها “مدمرة” للفقراء حول العالم.

ويأتي هذا القرار بعد أن جمّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساعدات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAid)، مما أثار تحذيرات من أن العديد من الدول التي تعتمد على الدعم الأمريكي ستعاني بشدة.

ولطالما شهدت المساعدات الخارجية البريطانية زيادة خلال الحكومات العمالية، وخاصة بعد وصول توني بلير إلى السلطة عام 1997، حيث التزم بتحقيق هدف الأمم المتحدة بإنفاق 0.7% من الدخل القومي الإجمالي على المساعدات التنموية الرسمية (ODA).

وخلال فترة رئاسته للوزراء، أسس بلير وزارة التنمية الدولية (DfID) بهدف التركيز على محاربة الفقر وتعزيز فعالية المساعدات، مع إعطاء الأولوية لتحسين أوضاع النساء والفتيات ومكافحة تغير المناخ. 

وبالفعل، تم تحقيق هدف 0.7% في عام 2013، واستمر حتى عام 2020، قبل أن يتم تخفيضه إلى 0.5% في عام 2021 خلال جائحة كورونا، تحت قيادة بوريس جونسون، الذي دمج لاحقًا وزارة التنمية الدولية مع وزارة الخارجية.

ووفقًا للأرقام الرسمية، كانت الدول الثلاث الأولى المستفيدة من المساعدات الثنائية البريطانية في عام 2023 هي أوكرانيا (250 مليون جنيه إسترليني)، إثيوبيا (164 مليون جنيه إسترليني) وأفغانستان (115 مليون جنيه إسترليني). 

كما أكد كير ستارمر استمرار دعم بلاده لغزة وأوكرانيا والسودان، إلى جانب المساهمة في تمويل المناخ والصحة العالمية.

بلغ إنفاق المملكة المتحدة على المساعدات الإنمائية الرسمية 15.34 مليار جنيه إسترليني في عام 2023. وبناءً على أحدث التوقعات للناتج القومي الإجمالي (GNI)، فإن خفض الإنفاق على المساعدات إلى 0.3% في عام 2027 سيؤدي إلى تقليص الميزانية إلى 9.2 مليار جنيه إسترليني.

ومن اللافت أن 28% من المساعدات، أي ما يعادل 4.3 مليار جنيه إسترليني، ذهبت في عام 2023 لدعم اللاجئين وطالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة أو في دول مانحة أخرى، مقارنة بـ3.2% فقط في 2020. 

ويرجع ذلك جزئيًا إلى أزمة السكن في المملكة المتحدة، التي دفعت وزارة الداخلية إلى استئجار الفنادق لإيواء طالبي اللجوء.

في عام 2023، كان قطاعا المساعدات الإنسانية (15.3%) والصحة (13.3%) هما الأكثر تلقيًا للدعم، بمبالغ بلغت 878 مليون جنيه إسترليني و764 مليون جنيه إسترليني على التوالي.

وشهدت المساعدات الإنسانية انخفاضًا كبيرًا في عام 2021 بعد الجائحة، حيث تراجعت إلى 10.3% فقط من إجمالي المساعدات الثنائية، مقارنة بـ15-16% في الأعوام السابقة.

كما خصصت المملكة المتحدة 592 مليون جنيه إسترليني للمساعدات الإنسانية لأوكرانيا بعد الغزو الروسي، و467 مليون جنيه إسترليني لأفغانستان عقب سيطرة طالبان في عام 2021، مع إعلان زيادة الدعم لضحايا النزاع في السودان إلى 226.5 مليون جنيه إسترليني بحلول عام 2025.

وفي عام 2023، احتلت المملكة المتحدة المرتبة الرابعة عالميًا من حيث إجمالي الإنفاق على المساعدات، لكنها جاءت في المرتبة التاسعة من حيث النسبة المئوية للدخل القومي المخصص للمساعدات. 

ومع استمرار توجه الحكومة نحو تقليص الإنفاق على التنمية الدولية، يثار تساؤل حول ما إذا كانت بريطانيا ستظل قوة مؤثرة في هذا المجال، أم أنها ستتراجع لصالح دول أخرى أكثر التزامًا بالمعايير الدولية للمساعدات.

ويرى مؤيدو القرار أنه يعزز الأمن القومي ويوجه الموارد نحو الأولويات الداخلية والدفاعية، بينما يحذر منتقدوه من أن تقليص المساعدات سيزيد من الفقر وعدم الاستقرار في الدول النامية، مما قد يؤدي إلى مزيد من الهجرة غير الشرعية والأزمات الإنسانية التي قد تؤثر في نهاية المطاف على بريطانيا نفسها.

السابق ترامب يمنح دفعة لستارمر عبر دعمه لاتفاق تسليم جزر شاغوس لموريشيوس
التالي موجز أخبار بريطانيا من منصة عرب لندن الجمعة:  28 / فبراير 2025