عرب لندن

أعلنت الحكومة البريطانية عن قرار بتخفيض ميزانية المعونة بمقدار 6 مليارات جنيه إسترليني سنويًا لصالح تعزيز الإنفاق الدفاعي، مما يؤدي إلى تقليص النسبة المخصصة للمعونة من 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.3%. 

ويُعد هذا التغيير تحولًا كبيرًا في السياسة البريطانية، حيث كانت المملكة المتحدة ملزمة قانونًا في السابق بإنفاق 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي على المعونة.

وقد جاء هذا التعديل في سياق إعادة تقييم أولويات الإنفاق بعد جائحة كورونا، حيث أوضح المسؤولون أن الحكومة ستوجه الموارد بشكل أكبر نحو تعزيز القدرات الدفاعية، في خطوة تتماشى مع التحديات الجيوسياسية العالمية الحالية، وفقا لما نقلته "سكاي نيوز".

ومن المجالات التي حددتها الحكومة لتوفير الأموال هي نفقات دعم طالبي اللجوء في المملكة المتحدة. ورغم أن هذا لا يعتبر تمويلًا تقليديًا للمعونة، إلا أن تكلفة دعم اللاجئين خلال عامهم الأول في المملكة المتحدة تُحتسب ضمن الميزانية الرسمية للمعونة الإنمائية. وقد شهدت هذه النفقات زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت من 4% من ميزانية المعونة في عام 2020 إلى 28% في عام 2023، وفقًا للجنة المستقلة لتأثير المعونة (ICAI).

وفي حال تمكنت الحكومة من تقليص عدد الوافدين غير الشرعيين، وتبسيط إجراءات معالجة طلبات اللجوء أو إعادة توطين اللاجئين، فقد يتم توجيه الأموال التي تم توفيرها نحو مشاريع خارجية. 

ومع ذلك، إذا لم تتمكن من تحقيق هذه الأهداف، قد تتعرض مشاريع المعونة في الخارج إلى مزيد من التخفيضات.

وفي الوقت الذي تراجعت فيه ميزانية المعونة، أكدت الحكومة أن أولوياتها ستظل منصبة على “البرامج الأكثر أهمية في أسوأ مناطق النزاع”، مثل أوكرانيا وغزة والسودان. 

فقد تلقت أوكرانيا أكبر حصة من المعونة الثنائية في عام 2023، بمبلغ قدره 250 مليون جنيه إسترليني، فيما تلقت غزة والضفة الغربية 42 مليون جنيه إسترليني، والسودان وجنوب السودان 109 مليون جنيه إسترليني.ومن المتوقع أن يتزايد هذا الرقم نظرًا للأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة.

والتزمت المملكة المتحدة في عام 2019 بمضاعفة تمويل المناخ الدولي، مقدمةً 11.6 مليار جنيه إسترليني على مدى خمس سنوات حتى عام 2025/26، وهو التزام تواصل الحكومة البريطانية تمويله. 

ومع ذلك، يشير تقرير اللجنة المستقلة لتأثير المعونة إلى أن جزءًا كبيرًا من التمويل قد تم تأجيله إلى وقت لاحق، مما يعني أن هناك حاجة إلى تخصيص مالي أكبر في السنة المالية القادمة.

وأحد المجالات التي تبدو "غير محمية" هو الإنفاق على المساعدات الثنائية الموجهة إلى الدول التي لا تواجه أعلى مستويات الحرب أو الصراع أو الأزمات الإنسانية الحادة.

وقد أظهرت البيانات أن المساعدات المقدمة إلى دول مثل باكستان وبنغلاديش وإثيوبيا قد تراجعت بشكل كبير منذ عام 2019، ومن المحتمل أن تشهد هذه الأرقام مزيدًا من الانخفاض في ظل تقليص الميزانية العامة.

وبينما يرى البعض أن هذا القرار قد يُسهم في تقليص المشاريع المشبوهة، يعتقد آخرون أن هذا التوجه يمثل “اقتصادًا زائفًا” قد يؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار والنزاعات في بعض الدول المتأثرة، مما يعزز من المخاطر الأمنية على المملكة المتحدة والعالم بشكل عام.

سيكون لهذا القرار آثار جيوسياسية أيضًا، لا سيما إذا تمكنت قوى منافسة مثل الصين من سد الفجوات التمويلية. وفقًا للعديد من الخبراء، فإن هذا التوجه يعكس تغييرًا في السياسة البريطانية حيث يُعتبر الآن أن القوة العسكرية الصلبة تكتسب أهمية أكبر من القوة الناعمة التي كانت توفرها المعونة.

السابق ارتفاع أسعار تذاكر المترو والقطارات في لندن.. الركاب في مواجهة أعباء جديدة!
التالي بريطانيا تلغي نظامًا خصم 480 مليون جنيه من إعانات المستأجرين