بريطانيا تبدأ أول تجربة علاجية لاستعادة حاسة الشم لمن فقدوها بسبب كورونا
عرب لندن
أطلقت المملكة المتحدة هذا الشهر أول تجربة طبية لعلاج فقدان حاسة الشم لدى الأشخاص الذين فقدوها بسبب الإصابة بفيروس كورونا أو فيروسات أخرى.
ويُعد فقدان الشم أحد أبرز أعراض كوفيد-19، وعلى الرغم من استعادة معظم المرضى لهذه الحاسة تدريجيًا، فإن البعض يواجه فقدانًا دائمًا يؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية، مثل عدم القدرة على التمييز بين الأطعمة أو اكتشاف الروائح الخطيرة.
تقنية البلازما الغنية بالصفائح الدموية
يعتمد العلاج الجديد على حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية (PRP)، وهي مادة تُستخلص من دم المريض نفسه من خلال جهاز طرد مركزي يفصل الصفائح الدموية عن باقي مكونات الدم. ويأمل الأطباء أن يساعد هذا العلاج في تجديد العصب الشمي واستعادة القدرة على الشم.
أول مريضة تتلقى العلاج
وحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان "The Guardian" كانت كريسي كيلي، التي فقدت حاسة الشم منذ عام 2012؛ بسبب التهاب الجيوب الأنفية، أول مريضة في المملكة المتحدة تخضع لهذا العلاج.
ووصفت كيلي فقدانها لحاسة الشم بأنه يشبه "فقدان شخص عزيز"، مشيرةً إلى أنها عانت لاحقًا من حالات هلوسة شمية (فانتوسميا)، ثم من تشوه في الروائح (باروسميا)، حيث أصبحت الروائح العادية تُشبه رائحة اللحم المتعفن أو الصرف الصحي.
وأعربت كيلي عن سعادتها بالمشاركة في التجربة، قائلة: "من الرائع أن أتمكن من القول إن هناك علاجًا متاحًا، بعد أن كان ذلك أمرًا مستبعدًا لسنوات".
وشهدت مشكلة فقدان الشم اهتمامًا متزايدًا بعد جائحة كورونا، إذ أصيب الملايين حول العالم بهذه الحالة، من بينهم الكوميدية كاثرين رايان، التي وصفت الأمر بأنه "مُحبِط ومؤلم".
وجذب هذا الاهتمام انتباه الباحثين، من بينهم البروفيسورة زارا باتيل من جامعة ستانفورد، التي درست فقدان حاسة الشم ووجدت أن العصب الشمي يتميز بقدرة فريدة على التجدد، خلافًا للأعصاب القحفية الأخرى.
وأظهرت تجاربها أن حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية يساعد في تجديد العصب الشمي، حيث استعاد رجل يبلغ من العمر 73 عامًا حاسة الشم بعد 45 عامًا من فقدانها.
وأعربت البروفيسورة كلير هوبكنز، أستاذة طب الأنف في كينغز كوليدج لندن، عن تفاؤلها بإمكانية تعميم العلاج الجديد في مستشفيات هيئة الصحة الوطنية (NHS).
وقالت: "لقد كنت مترددة في السابق، لأنني أعلم أن المرضى قد يجربون أي شيء بدافع اليأس. لكن الأدلة الحالية مقنعة لدرجة تجعلني أشعر بأنه يجب أن أقدمه لمرضاي".
وأوضحت هوبكنز أن العلاج يعتمد على أجهزة متوفرة بالفعل في المستشفيات، ما يُسهل تطبيقه على نطاق واسع في حال الحصول على الموافقات اللازمة.
ومن المقرر أن تتلقى كيلي جرعتين إضافيتين من العلاج خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وتأمل أن تستعيد قدرتها الكاملة على تمييز الروائح.
وعن تجربتها الأخيرة تقول: "خرجت من المنزل مؤخرًا وشعرت فجأة برائحة عطرة، وتبيّن لاحقًا أنها رائحة الياسمين الشتوي، وهو إحساس لم أختبره منذ سنوات".
هذا التطور العلمي يمنح الأمل لآلاف الأشخاص الذين فقدوا حاسة الشم بسبب كوفيد-19 أو لأسباب أخرى، ويعيد لهم أحد أهم الحواس المرتبطة بتجارب الحياة اليومية.