عرب لندن

في خطوة جادة لمكافحة تهريب البشر، تم الإعلان عن مشروع قانون أمن الحدود في إنجلترا وويلز، الذي يتضمن مجموعة من الإجراءات الصارمة ضد المهربين المشتبه بهم، بما في ذلك فرض قيود على السفر وحظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ورغم ترحيب بعض الجهات بهذه الإجراءات، يحذر الخبراء من أن هذا التشديد قد لا يكون له تأثير كبير في ظل الأعداد القياسية للمهاجرين الذين يعبرون القناة الإنجليزية بشكل غير قانوني.

ووفقًا لما نشرته صحيفة “الغارديان” Guardian، أكدت الحكومة البريطانية أن هذا المشروع يعكس التزامها المتزايد بمكافحة شبكات تهريب البشر. وأشارت إلى النجاح الذي حققته عملية مشتركة بين الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة والسلطات البلجيكية، والتي أسفرت عن تفكيك شبكة تهريب أفغانية كبيرة، كانت مسؤولة عن تهريب آلاف المهاجرين إلى أوروبا وارتكاب جرائم جنسية ضد أطفال المهاجرين.

وتتضمن تدابير مشروع القانون صلاحيات جديدة للشرطة وأجهزة الأمن، مع فرض أوامر مؤقتة يمكن أن تطال المهربين المشتبه بهم قبل إصدار حكم قضائي. وتشمل هذه الإجراءات فرض قيود على السفر وحظر استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بالإضافة إلى منع الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي، ما يهدف إلى تعطيل نشاط المهربين. كما تتيح هذه الأوامر المحكمة العليا فرض قيود فورية على المشتبه بهم، على أن يُحدد مدة تلك القيود لاحقًا.

هذا وشددت وزيرة الداخلية، إيفيت كوبر، على أن هذه التدابير تعتبر خطوة هامة في استكمال الجهود المبذولة لمكافحة تهريب البشر، موضحة أن الوزارة تسعى للحد من تأثير هذه العصابات على أمن الحدود البريطانية. وقالت: “إن المهربين المجرمين الخطرين يستفيدون من تقويض أمن حدودنا وتعريض الأرواح للخطر، ولا يمكن السماح لهم بالإفلات من العقاب.”

لكن الخبراء في مجال الهجرة شككوا في فعالية هذه التدابير في إحداث تغيير حقيقي. إذ يرى إنفر سولومون، الرئيس التنفيذي لمجلس اللاجئين، أن فرض إجراءات إنفاذ إضافية دون معالجة الأسباب الجذرية للهجرة قد يؤدي فقط إلى زيادة المخاطر. وأوضح قائلاً: "إن الأشخاص الذين يعبرون القناة لا يفعلون ذلك إلا لأنهم يفرون من دول مزقتها الحروب والصراعات. إن اتخاذ إجراءات ضد المهربين فقط سيؤدي إلى زيادة تكلفة العبور، ولكن ذلك لن يعالج المشكلة الرئيسية التي تدفع الناس إلى المخاطرة بحياتهم."

وأضاف سولومون أنه من المحتمل أن تؤدي هذه التدابير إلى مزيد من المآسي الإنسانية، حيث سيستمر المهاجرون في محاولة عبور القناة رغم المخاطر.

من جانب آخر، تؤكد الحكومة أن التعاون الدولي هو جزء أساسي من استراتيجيتها لمكافحة تهريب البشر. وأشادت كوبر بالنجاحات التي تحققت بالتعاون مع بلجيكا، مشيرة إلى أن الاعتقالات التي تمت ضد العصابات قد أسهمت في الحد من الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود. وأكدت أن الحكومة ستواصل العمل على تعزيز التعاون مع الدول الأوروبية لمكافحة شبكات التهريب.

في حين أن التدابير الجديدة قد تؤدي إلى تشديد الرقابة على المهربين، يرى الخبراء أن حل أزمة الهجرة غير الشرعية يتطلب استراتيجيات أشمل تشمل توفير طرق قانونية وآمنة للمهاجرين، إضافة إلى معالجة القضايا الأساسية التي تؤدي إلى الهجرة. وأوضح كريس فيلب، النائب في البرلمان البريطاني، أن حزب العمال قد سعى في السابق إلى تقليل العقوبات على عصابات التهريب، لكنه أكد في الوقت نفسه ضرورة تحسين آليات العمل على الأرض.

وفي النهاية، يبقى السؤال: هل ستسهم هذه الإجراءات في الحد من أعداد العابرين غير الشرعيين، أم أن المشكلة ستظل قائمة رغم الإجراءات المشددة؟

السابق NHS: ارتفاع ملحوظ في تشخيص السرطان بمراحله المبكرة
التالي الشرطة تغلق أربع قضايا دون حلها كل دقيقة خلال العام الماضي