عرب لندن
اعترف مسؤولون في وزارة الداخلية البريطانية بأنهم "فقدوا السيطرة تمامًا" على الوضع في مركز معالجة طلبات اللجوء في مانستون، وهو ما أدى إلى احتجاز حوالي 18,000 شخص بشكل غير قانوني في ظروف مروعة.
وشهد مركز مانستون، وهو قاعدة جوية سابقة في كينت، اكتظاظًا كبيرًا في خريف عام 2022، مما تسبب في انتشار أمراض مثل الدفتيريا والجرب.
وأُجبر طالبو اللجوء، الذين وصلوا عبر القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة، على النوم على الأرض القذرة أو على صناديق كرتونية مسطحة. كما شهدت المرافق الصحية انهيارًا تامًا مع امتلاء دورات المياه بالبراز.
وأثارت التقارير مزيدًا من القلق بشأن إجبار النساء والأطفال على النوم بالقرب من رجال غير مرتبطين بهم، مع ورود ادعاءات بحدوث اعتداءات من قِبل الحراس.
وبحسب "الغارديان"، كشفت وثائق حكومية تم الإفصاح عنها في المحكمة العليا الأسبوع الماضي أن الوضع في مركز مانستون كان أسوأ بكثير مما أشارت إليه التقارير الإعلامية في البداية. ومع ذلك، أفادت المحكمة بأن الوصول إلى الحقيقة قد يكون صعبًا، حيث "لم يتم اتخاذ أي خطوات لحفظ أو الحصول على رسائل واتساب ذات الصلة".
قد يُطلب الآن من ثلاثة وزراء داخلية سابقين – بريتي باتيل، وغرانت شابس، وسويلا برافرمان – بالإضافة إلى رئيسي وزراء سابقين، بوريس جونسون وريشي سوناك، المثول أمام تحقيق رسمي لتوضيح دورهم أو مسؤوليتهم عن هذه الأزمة.
وفقًا لوثائق جديدة، كان من المفترض احتجاز طالبي اللجوء في مركز مانستون لمدة لا تزيد عن 24 ساعة، لكن 18,000 شخص – من أصل 29,000 تم معالجة طلباتهم بين يونيو ونوفمبر 2022 – تم احتجازهم لفترات أطول بكثير.
قد تُجبر الحكومة الآن على دفع تعويضات قد تصل إلى عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.
وافتُتح مركز مانستون في يناير 2022 لمعالجة طالبي اللجوء القادمين عبر القوارب الصغيرة. ومع ذلك، بحلول صيف نفس العام، تدهورت الأوضاع بشكل حاد مع زيادة أعداد الوافدين بسبب تحسن الطقس. وبلغت الأزمة ذروتها في خريف 2022، عندما كان المركز، المصمم لاستيعاب 1,600 شخص كحد أقصى، يضم حوالي 4,000 شخص.
في 19 نوفمبر 2022، توفي طالب لجوء كردي يُدعى حسين حسيب أحمد في المستشفى بعد إصابته بالدفتيريا أثناء احتجازه في مانستون.
وقررت وزيرة الداخلية الحالية، إيفيت كوبر، تخفيض مستوى التحقيق الرسمي الذي وافقت عليه الحكومة السابقة بشأن ما حدث في مانستون إلى تحقيق مستقل ذي صلاحيات محدودة، بسبب التكلفة المرتفعة التي كانت متوقعة للتحقيق الرسمي، والتي قُدرت بـ26 مليون جنيه إسترليني.
تم استبدال ذلك بتحقيق يركز على مراجعة الوثائق فقط بتكلفة أقل بكثير تُقدر بـ2.6 مليون جنيه إسترليني.
في تحدٍ قانوني لهذا القرار أمام المحكمة العليا، تم الكشف عن تفاصيل جديدة تسلط الضوء على حجم الأخطاء التي وقعت في مانستون خلال الفترة من 1 يونيو إلى 22 نوفمبر 2022.
وأظهرت الوثائق أن موظفي وزارة الداخلية لم يكن لديهم بيانات دقيقة حول الوضع في مانستون خلال الأشهر الأخيرة من تلك الفترة، حيث صرح أحد المسؤولين بأنهم "فقدوا السيطرة تمامًا".
وفقًا للمحامين الممثلين لطالبي اللجوء الذين رفعوا الدعوى، فإن القضية تتعلق بـ"إخفاق منهجي" على نطاق واسع داخل وزارة الداخلية، مما أثار تساؤلات حول الإدارة وثقافة المؤسسة.
إحدى النقاط الرئيسية التي يطالب المحامون بالتحقيق فيها هي ما إذا كانت بريتي باتيل أو سويلا برافرمان قد أمرتا بوقف نقل طالبي اللجوء الجدد من مانستون إلى الفنادق، استجابةً للانتقادات المتعلقة باستخدام أماكن إقامة باهظة الثمن، وهو القرار الذي أدى إلى أزمة الاكتظاظ في المركز.
وتظهر الوثائق المقدمة للمحكمة أن قادة العمليات في مانستون تم إبلاغهم في يونيو 2022 بأن "خطط توفير الفنادق قد توقفت".
أكد لويس كيت، المحامي الممثل لبعض طالبي اللجوء، أن "عدد الأشخاص المحتجزين بشكل غير قانوني في مانستون غير مسبوق، وأن الظروف التي احتُجزوا فيها كانت مؤسفة".
يرى المحامون أن تحقيقًا مستقلًا يجب أن يمتلك الصلاحيات والموارد اللازمة لفهم ما حدث بشكل كامل، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة مستقبلاً.
ورفضت وزارة الداخلية التعليق على القضايا القانونية الجارية، في حين لم تصدر تعليقات من باتيل أو برافرمان.