مسيرة لندن الكبرى..تتغير الحكومات ويبقى مناصرو فلسطين ثابتون على موقفهم
حازم المنجد-عرب لندن
بعد مضي يومٍ فقط من إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العامة في بريطانيا، وما أحدثته من هزة غير مسبوقة في المشهد السياسي وصفت بالتاريخية، خرج عشرات الآلاف إلى شوارع العاصمة لندن، يوم السبت، في مسيرة وطنية حاشدة، استقرت على مقربة من قصر البرلمان في ويستمنستر، حرص خلالها المشاركون على إسماع رئيس الوزراء الجديد كير ستارمر أصواتهم المنادية بوقف إطلاق النار وجرائم الحرب، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، وذلك بصرف النظر عن الخلفية الحزبية لقاطن 10 داونينغ ستريت، سواء كان من المحافظين أو العمال أو أي حزب آخر، حيث أكد المتظاهرون المضي في مواصلة الضغط الشعبي على حكومة ستارمر أسوةً بحكومة سلفه ريتشي سوناك، من أجل إحداث تغيير حقيقي في الموقف الرسمي البريطاني المنحاز بشكل مطلق لدولة الاحتلال والفصل العنصري، لناحية الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وتوفير الحماية للمدنيين بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، والالتزام بدعم جهود المجتمع الدولي وإجراءات مؤسساته القضائية مثل محكمة العدل الدولية الرامية لكف معاقبة مجرمي الحرب في إسرائيل وكف يد آلة القتل الصهيوني عن الإمعان في إراقة دماء الأطفال والمدنيين العزل، وقيامها باستهداف جميع مناحي ومقومات الحياة في الأراضي الفلسطينية.
وفي السياق، قال السفير الفلسطيني لدى لندن حسام زملط، أن على الحكومة الجديدة الإنصات لأصوات ومواقف شعبها جيدا، إذ أن غالبية الشعب البريطاني ومنذ اليوم الأول على العدوان، تأييد وقف فوري ودائم لإطلاق النار، ووقف تصدير الأسلحة لدولة ترتكب جريمة الإبادة، وهم مع الاعتراف الفوري بالدولة الفلسطينية.
وأشار السفير في حديثه لـ"عرب لندن"، إلى أن التزايد والتضاعف في أعداد البريطانيين المناصرين لفلسطين، والذين يخرجون للشوارع في كل يوم، وفي كل أسبوع في شتى مدن ومناطق بريطانيا نجحوا في تحويل لندن وبريطانيا إلى مركز تضامن ومؤازرة عالمي، وبالتالي ينبغي على حكومة ستارمر أن تلتزم بأسس الديمقراطية من خلال تنفيذ ما يريده شعبها.
وبدوره أوضح النائب جيرمي كوربن بعد فوزه كمرشح مستقل في الانتخابات، على أن وقف إطلاق النار في غزة وحظر مبيعات السلاح لإسرائيل، وسحب قواتها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيكونان على سلم أولويات مهامه كنائب جديد في البرلمان البريطاني، وفي رده على سؤال "عرب لندن" حول أهمية مواصلة الضغط على الحكومة الجديدة في سبيل دعم فلسطين، أجاب كوربن: لدينا مجموعة من النواب المستقلين، ومن مختلف الأحزاب، جرى انتخابهم حديثاً وجميعهم يرغبون في أن يعم السلام في منطقة الشرق الأوسط، لذا سنضغط بكافة الوسائل، وننشط بشكل فاعل بهذا الاتجاه، مضيفاً" نحن دائماً متفائلون في المستقبل، على الرغم من المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ليس اليوم وحسب، وإنما على مدى عقود طويلة من الاحتلال، عانى على إثرها الفقر والبطالة وزهق الأرواح وتدمير البنى التحتية عبر القصف بالأسلحة التي تزودها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة لإسرائيل.
وبخصوص رسالته لكير ستارمر بمناسبة توليه منصب رئاسة الحكومة، علّق كوربن بالقول: هناك مسؤولية كبيرة على عاتقك، لا تتعرض للخداع من نتائج الانتخابات وعليك الأخذ بالحسبان أصوات الناس التي رفضت دعم حزب العمال بسبب غزة.
من جهتها، وبعدما كانت قاب قوسين أو أدنى من دخول التاريخ لولا الخسارة بفارق ضئيل من الأصوات أمام منافسها في حزب العمال لا يتعدى 530 صوتا، وبروح متفائلة وعزيمة لا حدود لها، روت الناشطة البريطانية من أصل فلسطيني ليان محمد لـ "عرب لندن" عن تجربتها في الانتخابات البرلمانية، وفخرها بالحملة التي أنجزتها في إيلفورد نورث، مشيرة إلى أن قوة الحركة الشعبية جرى بناؤها من الصفر، وقربت بين الناس من بعضهم البعض، لتقود حملة استثنائية بكل المقاييس، وسببت كابوسا لمرشحي حزبي العمال والمحافظين، بالرغم من الماكينة الحزبية والمال السياسي الذي يقف خلفهما، معبرةً عن امتنانها لمجموعة المتطوعين التي ساندت حملتها بقوة، باعثة رسالة واضحة مفادها بأن هذه ليست النهاية، فحركة المستقلين بدأت للتو، ورسالتي للحكومة الجديدة هي أننا سنستمر في محاسبتكم، ولن نسمح لكم بالتنصل من أي شي، أما رسالتي للشعب في غزة، لم ننس ولن ننسى، لن نذهب بعيدا سنواصل استخدام أصواتنا من أجل العدالة وحقوق الإنسان، وحتى لو لم انتخب، فإن صوتي ونشاطي في دعمكم سيستمران.
وقد شهدت المسيرة مشاركة شخصيات بارزة من مختلف التيارات السياسية والحزبية في بريطانيا، وعدد من النواب المستقلين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان على خلفية تبنيهم برامج انتخابية تناصر غزة، إلى جانب منظمات حقوقية ونقابات عمالية متضامنة مع فلسطين.