عرب لندن 

لم تظهر أي من أنواع "البهرجة" عندما أطلق كير ستارمر زعيم حزب العمال، بيان حزبه الانتخابي قبل 3 أيام، على الرغم من تقدمه في استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة. 

فقد أطلق ستارمر وحزبه، البيان الانتخابي في المقر الرئيسي للمجموعة في مانسشتر، وهو ذات المكان الذي أعلن فيه ستارمر عن المهام الخميس في فبراير من العام الماضي. 

وبحسب "الغارديان"، كانت الجدران تحمل الملصقات ذاتها التي تتحدث عن نفس المهام.  

واستذكر أحد أعضاء حزب العمال الأكبر سنا تجمع شيفيلد عام 1992 عندما اعتقد البعض أن الثقة المفرطة التي أظهرها نيل كينوك قبل الانتخابات ساهمت في الهزيمة في نهاية المطاف.

وقال "بالتأكيد لن نكرر ذلك. مشيرا إلى أن ذلك "ما زال يؤلمه".

وأشارت الغارديان إلى أن ستارمر دخل للقاعة دون سترة، مع أكمام قميصه الأبيض مطوية إلى المنتصف، تمامًا كما في الصورة الموجودة على مقدمة كتيب البيان المكون من 130 صفحة. 

وكان هذا لعكس انطباع "متعمد" وهو أن هناك مهمة قيد العمل، وليس مهمة منجزة بالفعل.

وبالنسبة للمتحدثين على المنصة، فقد تلقوا أوامر بألا يشيروا إلى زعيمهم بـ"رئيس الوزراء المقبل"، كما مُنع الجمهور من التشجيع صياحا. 

وصفق وزراء حكومة الظل بشكل جدي، إذا بدا عليهم التصميم بعدم افتراض أن السلطة كانت في أيديهم. 

وعندما سُئل ستارمر عن سبب وجود سياسات جديدة ليوم إعلان البيان، أجاب ستارمر بأنه "ليس من الأشخاص الذين يسحبون الأرانب من القبعات". 

مشيرا إلى أنه على عكس بوريس جونسون أو ليز تروس، "يترشح كمرشح لإدارة البلاد وليس كمرشح لإدارة السيرك".

ويعكس مستوى التكتيكات التي يلعب العمال على وترها شعار وهو "السلامة أولا"، إذ قدم ستارمر نفسه بأنه مُطَمئن وليس خطرا وذو مصداقية، وحكيم. 

وبحسب ما وصفت به الغارديان المشهد، بحلول منتصف الأسبوع، كان المحافظون يائسين للغاية بسبب فشلهم في "اختراق الدرع الدفاعي" لحزب العمال، لدرجة أنهم حاولوا اتباع نهج آخر، مخصص عادة للأيام الأخيرة من الحملات الفاشلة.

وقال المحافظون إن ستارمر سينتهي به الأمر بالحصول على "أغلبية ساحقة" و"شيك على بياض"، ما لم يعود الناخبون إلى رشدهم، مما كان بمثابة اعتراف بالهزيمة الوشيكة. 

كما قالت الغارديان "مما لا شك فيه أن المعادلة السياسي لحزب العمال المتمثلة في "إيقاف الحافلة" (مصطلح كرة قدم يعبر عن الدفاع) يعمل لصالح خروج مسيرة المحافظين الانتخابية عن المسار الصحيح.

ولكن في حين يستطيع العديد من أنصار حزب العمال رؤية المنطق الكامن وراء استراتيجية حملة ستارمر، هناك الكثير ممن يشعرون بالقلق سرا من تلك الرؤية ستنقلب بمجرد حصول الحزب على مفاتيح داونينج ستريت.

وقد لخص أحد كبار الشخصيات العمالية التي تتمتع بخبرة في الحكومة مخاوفه، ومخاوف العديد من كبار المسؤولين في عدد من قطاعات السياسة، بشأن البيان.

وقال: "يمكنك أن ترى ما يفعلونه، بالطبع يمكنك ذلك". 

وتابع: "لكنني ابتعدت عن قراءة هذا معتقدًا أنه بيان يعرقل الأمور. أرى الكثير من المراجعات والتطلعات الغامضة. لكن ما لا أراه هو تفويض لتغيير حقيقي."

كما قال "المشكلة في ذلك هي أنه عندما يدخلون سيواجهون واقعًا فظيعًا. لن يكون هناك شهر عسل لأن الضغوط كبيرة جداً. لقد قاموا بتأطير كل شيء حول التغيير ولكنهم لم يقولوا حقًا كيف سيحققونه."

وأضاف: "على المستوى العملي، ستتطور الأمور بسرعة كبيرة. المجالس في طريقها للإفلاس؛ المالية الجامعية في أزمة. الرعاية الاجتماعية في أزمة. فقر الأطفال آخذ في الارتفاع. أين خطة التغيير؟ كيف، على سبيل المثال، يمكنك إصلاح تمويل الحكومة المحلية دون إصلاح الرعاية الاجتماعية؟".

"إن القلق الحقيقي هو ما إذا كان النهج الذي يبدو ذكياً من الناحية التكتيكية قد يعود ليهاجمهم. هناك مخاطرة تتعلق بإدارة الحزب هنا."

ويقول العديد من الخبراء في شتى المجالات السياسية الرئيسية أن كلا من حزب العمال وحزب المحافظين يتهربون من القضية الأكثر أهمية وهي "المال". 

وقال بول جونسون من معهد الدراسات المالية بعد إطلاق الحزبين بياناتهم الانتخابة إن حزب العمال متورط في "مؤامرة صمت" بشأن التحديات المقبلة. وقال إن تحقيق التغيير الفعلي سيعني "من شبه المؤكد" وضع المزيد من الأموال على الطاولة.

ويبقى السؤال هو من أين سيأتي الدعم في ظل حكومة حزب العمال، خاصة وأن "خططهم المتعلقة بالضرائب والإنفاق لا تتطابق مع خطابهم حول إعادة بناء البلاد".

وقال جونسون: "إن بيان حزب العمال لا يقدم أي مؤشر على وجود خطة بشأن مصدر الأموال لتمويل هذا".

وأضاف: "من خلال محاولتهم اكتساب المصداقية المالية في نظر الناخبين، كانوا في الواقع على العكس من ذلك في نظر خبراء الاقتصاد".

ويصر ستارمر على أنه قادر على تحقيق أعلى نمو اقتصادي في مجموعة السبع من خلال تخفيف قواعد التخطيط، وبناء المزيد من المنازل، وتنفيذ الخطط المتعلقة بالطاقة الخضراء والاستراتيجيات الصناعية الجديدة. ويقول أيضًا إنه سيحقق هدفه للنمو دون العودة إلى السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الجمركي. 

ورغم تقدم حزب العمال الكبير في استطلاعات الرأي، فإن ستارمر يكافح للتغلب على ادعاءات حزب المحافظين المستمرة بأن حزبه سوف ينفق الأموال العامة بشكل متهور ويزيد الضرائب الشخصية. ولذلك، فقد تعهد باستعادة "الاستقرار" الاقتصادي بعد الاضطرابات التي شهدتها السنوات الأخيرة والتي شهدت وصول نسبة التضخم إلى 11,1 بالمئة في تشرين الأول/أكتوبر 2022، أعلى مستوى منذ 40 عاما.

ولم يتضمن برنامج حزب العمال أي مفاجآت الخميس، إذ تضمن كتيب برنامج الحزب صندوق الثروة الوطنية الجديد للاستثمار في الصناعات وشركة الطاقة النظيفة المملوكة للقطاع العام. ووعد حزب العمال أيضا بتوظيف 6500 معلم جديد وتوفير 40 ألف موعد جديد للمستشفيات أسبوعيا.

ويخطط الحزب لوضع حد أقصى لضريبة الشركات عند 25 في المئة، لكنه يسعى لجمع مليارات الجنيهات الاسترلينية من الإيرادات الإضافية عبر اتخاذ إجراءات صارمة ضد الأوضاع الضريبية لغير المقيمين مع زيادة الرسوم على المدارس الخاصة وأرباح النفط والغاز.

 

السابق قيود المحافظين على التأشيرات تؤدي لانخفاض الطلبات بمقدار الثلث
التالي تحليل: "حزب العمال والمحافظين سيتركان NHS في وضع أسوأ مما كانت عليه في ظل التقشف"