عرب لندن
اتُهمت وكالات الرعاية الاجتماعية البريطانية باستغلال العمال الأجانب، مما أدى إلى عيش نسبة منهم على خط الفقر بينما يكافحون من أجل سداد الديون المتراكمة أثناء محاولتهم الحصول على وظائف غالبًا ما لا يتم الحصول عليها.
وقال العشرات من الأشخاص الذين يعملون في مجال الرعاية في المملكة المتحدة لصحيفة الجارديان "The Guardian" إنهم دفعوا آلاف الجنيهات الاسترلينية للوكلاء لتأمين وظائف في دور الرعاية أو الرعاية السكنية في المملكة المتحدة، فيما وجد معظمهم أن الوظائف محدودة أو معدومة عند وصولهم.
ويكافح الكثيرون الآن لسداد ديون كبيرة في بلدانهم الأصلية ويضطرون إلى العمل في وظائف غير منتظمة مقابل أقل من الحد الأدنى للأجور.
ويتعرض حزب العمال والمحافظون الآن لضغوط لمعالجة هذه القضية مع اقتراب موعد الانتخابات، إذ حظر حزب المحافظين مؤخرًا على العاملين في مجال الرعاية الأجانب إحضار عائلاتهم معهم إلى المملكة المتحدة، وهو القرار الذي قال حزب العمال الأسبوع الماضي إنه سيواصل تطبيقه في محاولة لخفض صافي الهجرة.
لكن الخبراء يقولون إن الحظر فشل في معالجة القضية الأعمق المتمثلة في استغلال العمال أنفسهم، الذين لا يزال الكثير منهم في المملكة المتحدة ويعيشون في فقر، ويخشون ترك أصحاب العمل خوفًا من فقدان وضع التأشيرة الخاص بهم.
تحدثت الغارديان مع أكثر من 30 عاملاً، قدموا من الهند وأفريقيا الجنوبية، جميعهم يشتركون بذات القصة مع قطاع الرعاية ببريطانيا، حيث دفعوا مبالغ كبيرة للوكلاء ووعدوا بظروف عمل ورواتب جيدة تسدد تكاليف سفرهم وديونهم والتزاماتهم المتراكمة، لكنهم وجدوا واقعاً مختلفاً بعد وصولهم، مما دفعهم للعيش في ظروف صعبة وسط تهديدات بالترحيل والعودة.
وبدورها كتبت الكلية الملكية للتمريض (RCN) إلى قادة الأحزاب الوطنية الرئيسية الثلاثة للمطالبة بإجراء تحقيق حكومي كامل في معاملة العاملين في مجال رعاية المهاجرين عندما يعود البرلمان.
وقال لقائم بأعمال الأمين العام لـ RCN، البروفيسور نيكولا رينجر، إن استغلال العاملين في مجال رعاية المهاجرين يعد فضيحة وطنية ولكن لم يتم فعل الكثير لمعالجتها.
وأضاف: "لقد أدى قطاع الرعاية الاجتماعية الذي يعاني من نقص مزمن في عدد الموظفين إلى زيادة توظيف الموظفين من الخارج، كما سمح الافتقار إلى التنظيم والإنفاذ لبعض أصحاب العمل بالاستفادة من سوء معاملة المهاجرين".
ويرى أنه يجب أن يتم إجراء تحقيق حكومي عاجل في الاستغلال عبر قطاع الرعاية الاجتماعية أولوية لمن يفوز في الانتخابات العامة، على أن يبدأ في أسرع وقت ممكن.
وقال ديفيد نيل، الذي دق ناقوس الخطر بشأن نظام تأشيرات الرعاية عندما كان مفتشًا للحدود الحكومية: "بمجرد أن نظرنا إلى تأشيرات الرعاية الاجتماعية، أدركنا أن هناك استغلالًا مستمرًا".
وأوضح: "طوال زيارتي كنت أفكر في فضيحة ويندراش وهناك أصداء لها هنا: الدولة تدعو العمال للقدوم إلى هذا البلد لمساعدتنا في سوق العمل ثم تتخلى عنهم”.
وأكد محامون إن ما يقوم به مقدمي الرعاية في المملكة المتحدة الذين يعدون بالعمل المنتظم بدوام كامل ثم يعرضون وظائف استغلالية أو منخفضة الأجر عند الوصول يعد انتهاك للقانون. فضلاً عن مساوئ نظام الكفالة والتي تعزز العبودية الحديثة.
وبهذا السياق بينت المحامية في وحدة مكافحة الاتجار واستغلال العمالة، جوانا وايت، أن هناك الكثير من الحالات تتعرض للخداع حيث تم إعطاء الأفراد معلومات كاذبة ووعود لحثهم على دفع رسوم كبيرة مقدمًا للوكلاء للحصول على فرصة للعيش والعمل في المملكة المتحدة، مما يجعلهم عرضة للعمل القسري أو الاستغلال المالي أو كليهما.
جدير بالذكر أن صناعة الرعاية تحولت إلى العمال الأجانب بمئات الآلاف في السنوات الأخيرة لحل نقص العمالة الناجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء كوفيد. ومنحت الحكومة 350 ألف تأشيرة صحية ورعاية في عام 2023 للعمال ومعاليهم، وهو ما يمثل 75% من جميع تأشيرات العمال المهرة الصادرة.