عرب لندن 

نقلت شبكة "بي بي سي"، قصة أكبر عملية احتيال عرفتها بريطانيا، تقدر بـ 50 مليون جنيه إسترليني. 

وبحسب القصة كانت سيدة بلغارية تدعى غالينا نيكولوفا، تعمل في متجر بسيط يقدم مجموعة متنوعة من منتجات البقالة يدعى "أنتونيا فود"، غير أن نيكولوفا لم تكن امرأة عادية، بل كانت واحدة من العقول المدبرة لأكبر عملية احتيال على الإطلاق في المملكة المتحدة.

وعندما داهمت الشرطة منزلها، عثرت على 750 ألف جنيه إسترليني نقدًا، مخبأة في أماكن مختلفة من المنزل. 

وكان اعتقال نيكولوفا تتويجا لتحقيق استمر لمدة عامين حول عصابة منظمة من قبل مسؤولي مكافحة الاحتيال في وزارة العمل والمعاشات التقاعدية (DWP). 

وبدأت عملية الاحتيال بسفر آلاف من البلغار إلى لندن، غالبًا بالطائرة على نفقة العصابة، لتقديم مطالبات للحصول على "يونيفرسال كريديت" أو الائتمان العالمي وهو دفعة شهرية تساعد في تكاليف المعيشة. 

وجرت العملية من خلال استخدام هوياتهم للمطالبة بالائتمان العالمي، قبل أن تقوم العصابة بدعم الطلب عن طريق اتفاقيات إيجار زائفة أو كشف يدل على التوظيف أو أدلة على وجود أطفال في المنزل. 

وقامت العصابة بسحب المبالغ على شكل دفعات شهرية نقدا من مئات الحسابات المصرفية المختلفة. 

ولم يتوصل التحقيق إلى هويات هؤلاء المشاركين في العملية، لكن يعتقد أن بعضهم عادوا على الفور إلى وطنهم بلغاريا.

وبدأت نيكولوفا بهذه العملية المتعلقة بالائتمان العالمي في أكتوبر 2016، قبل أن تتغير القواعد وفقا لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، حيث كان للأوروبيين الحق بالمطالبة بالمزايا في بريطانيا. 

كما كانت نيكولوفا تعمل مع العقل المدبر المدعو جونيش علي. لكن علي كان يعمل بطريقة مختلفة حيث نشر مقاطع فيديو للترويج عن إحدى شركاته "Delux Advisors"، التي زعم أنها متخصصة في الأعمال المحاسبية، على الرغم من أنه وصف نفسه "بالنجار" سابقا في عام 2015، يعمل في "Companies House". 

أما في مقطع فيديو آخر نشره علي عام 2020، على مواقع التواصل الاجتماعي، أعرب عن خططه لفتح مكاتب في المدن الكبرى في لندن، وعرض تقديم المساعدة لأي شخص يتمتع بوضع مستقر أو وضع ما قبل الاستقرار بموجب مخطط يسمح بالبقاء في المملكة المتحدة لمدة 5 أعوام وفقا اتفاق ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

وبينما دعا الناس للتواصل معه، كان يسرق ملايين الجنيهات من دافعي الضرائب البريطانيين. 

وقبل ذلك، لأسباب لا تزال غير واضحة، قرر كل من علي ونيكولوفا فض شراكتهما التجارية عام 2018، وقامت الأخيرة بتأسيس شركتها الخاصة "G Translations and Advice Limited". 

وعلاوة على أن نيكولوفا أخذت إحدى موظفات علي وهي بلغارية كذلك تدعى باتريسيا، سلبت أيضا المهارات التي تعلمتها من علي حول كيفية الاحتيال على نظام الرعاية الاجتماعية وبدأت العمل من غرفة خلفية في متجر "أنتونيا فود".

وقال بن ريد، المدعي العام المختص في الإدارة الاقتصادية والمنظمة الدولية التابعة للنيابة الملكية: "من الواضح أن علي كان زعيم العصابة".

وأضاف: "قام علي بتعليم العصابة طريقة العمل، ثم تفرعت نيكولوفا إلى نسختها الخاصة. لقد قامت بتكرار ما كان يفعله علي على نطاق واسع، فقد أخذت أفكاره الأصلية وتوسعت فيها."

وقال ريد إن سبب اكتشاف الاحتيال هو أن المحققين تمكنوا من اكتشاف الأنماط المتكررة في الطلبات. 

حيث كانت المطالبات المتعددة ترسل من عنوان واحد، وهو أمر غير منطقي بالنسبة لمطالبة المزايا؛ مطالبات متعددة جميعها باستخدام رقم هاتف محمول واحد للاتصالات.

وبينما بدأت المطالبات الاحتيالية في أكتوبر 2016، تمكنت العصابة من الاستفادة بشكل خاص من تخفيف قواعد المزايا أثناء جائحة كورونا، أي بعد نحو 3 أعوام من بدء العملية.

فخلال الجائحة، تم تعطيل عمليات التحقق من الأشخاص وجها لوجه للحصول على الائتمان العالمي، وذلك لأن وزارة العمل والمعاشات التقاعدية (DWP)  كانت ضمن الدوائر التي عليها الالتزام بقواعد معينة تلك الفترة. 

وخلال فترة الجائحة، تضاعف عدد الأشخاص المستفيدين من البرنامج، بنحو 6 ملايين، خلال الأشهر الأربعة بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2020. كما ارتفع عدد عمليات الاحتيال خلال تلك الفترة 2020-2022.

وقد أظهرت الأرقام الرسمية أنه تم خسران 10.2 مليار جنيه إسترليني بسبب الاحتيال المتعلق ببرنامج الائتمان العالمي. 

وفي مايو 2021، داهم ضباط من شرطة العاصمة جنبًا إلى جنب مع محققي DWP ثلاث شركات في منطقتي Wood Green وStoke Newington في شمال لندن - بما في ذلك Antonia Food - بالإضافة إلى العديد من العناوين السكنية.

كما داهمت الشرطة شركة علي الوهمية "Deluxe Advisors" المكونة من ثلاثة طوابق" وعثر المحققون على كمية جسيمة من الأدلة.

 كانت هناك أجهزة كمبيوتر، بعضها مفتوح على صفحة طلب الائتمان العالمي، وخزائن ملفات مليئة بحزم المطالبات، ومجلدات تحتوي على سجلات مطالبات المزايا.

وكان هناك مئات من الهواتف المحمولة غير الذكية، وجميعها مشحونة، إلى جانب الآلاف من بطاقات شرائح الجوال"Sim Cards".

 وعلى ظهر معظم الهواتف كانت هناك أسماء وعدد مطالبات المتقدمين الذين أشارت إليهم الهواتف.

على سبيل المثال، تم استخدام هاتفين في 100 مطالبة احتيالية كأرقام لأصحاب العقارات الوهميين.

كما عثروا أيضًا على ميكروفون يعمل على تغيير الصوت، افترض المحققون أنه استُخدم لتغيير صوت المحتالين كلما اتصل مسؤول المزايا للتحقق من تفاصيل المطالبة.

وفي الطابق العلوي، عثروا على دلو مربوط بحبل يشتبهون في أنه تم استخدامه لنقل الهواتف بين الطوابق على عجل، عن طريق إسقاطه من خلال النافذة، للسماح للمتواطئين بالتظاهر كمطالبين أثناء المكالمات.

وعندما فحصوا الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بالعصابة، وجدوا جداول بيانات تحتوي على تفاصيل دقيقة لآلاف المطالبات. 

ونُقلت جميع المواد إلى مركز شرطة إدمونتون، حيث وضعت في الملف ذاته الذي يحتوي على أدلة من المداهمات الأخرى.

كذلك تمت مصادرة كمية كبيرة من السلع الفاخرة، مثل الأحذية باهظة الثمن، وساعات وملابس، بالإضافة إلى سيارة "Audi". 

والمثير في الأمر أن الشرطة أطلقت سراح المجموعة على ذمة التحقيق، إلا أن علي فر إلى بلغاريا، مما أثار حفيظة المحققين، الذين صمموا على إعادته. 

وفي البداية، رفضت المحاكم البلغارية تسليم علي، غير أن المحكمة العليا ألغت القرار عام 2023، وأعيد علي إلى المملكة المتحدة. 

كما حاولت تسفيتكا تودوروفا، وهي عضوة أخرى في العصابة، الفرار ولكن تم القبض عليها في مطار ستانستيد. 

ويبدو أيضًا أن نيكولوفا كانت تخطط للمغادرة؛ لكن تم القبض عليها لمحاولتها الحصول على جواز سفر بلغاري جديد مزيف، بدعوى أنها فقدت جواز سفرها الأصلي.

بعد أن دفعوا في البداية ببراءتهم في جلسات استماع مختلفة على مدار 13 شهرًا، اعتبارًا من مارس 2023، اعترفت النساء الثلاث بالإضافة إلى علي ورجل آخر، هو ستويان ستويانوف، بالاحتيال على نظام المزايا. 

وفي حديث حصري لبي بي سي، وصف فريق التحقيق في DWP ومسؤولو النيابة العامة هذه القضية بأنها القضية الأكثر تعقيدًا على الإطلاق.

واعترفت العصابة بمطالبات احتيالية بقيمة 53.9 مليون جنيه إسترليني، وفي محكمة وود جرين كراون اليوم الخميس، تلقى اثنان من أعضاء العصابة ما يُعتقد أنه أطول الأحكام التي تم إصدارها على الإطلاق بتهمة الاحتيال في المنفعة.

وأُدينت نيكولوفا، 39 عامًا، بأنها مسؤولة عن خسائر بقيمة 25 مليون جنيه إسترليني لدافعي الضرائب، وحُكم عليها بالسجن ثماني سنوات. كما حُكم على أربعة آخرين من أعضاء العصابة بالسجن لمدد تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات.

فقد حُكم على جيونيش علي،(34) عاماً، بالسجن سبع سنوات وثلاثة أشهر. وحكم على ستويان ستويانوف (28 عاما) بالسجن لمدة أربع سنوات وعلى تسفيتكا تودوروفا (53 عاما) بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

وحُكم على باتريسيا بانيفا، (27 عامًا)، بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهرين، مع أخذ القاضي اعتبارا بأنها كان تبلغ من العمر 19 عامًا عندما تم استغلالها لأول مرة من قبل نيكولوفا، وكانت تحصل في البداية على 80 جنيهًا إسترلينيًا في اليوم من قبل العصابة.

قال جيم ماكنتاير، ضابط الشرطة الذي عمل على هذه القضية بالذات و الذي كان حاضرا في المداهمة: "لم أر شيئًا كهذا من قبل". 

“لقد تعاملت على مدار السنوات مع قضايا احتيال منظمة. ولكن هذا أكبر بـ 100 مرة."

وقالت كارولان مونجان، مسؤولة الإعانات التي قادت التحقيق حول العصابة: "إن الاستيلاء على هذا القدر من المال في يوم واحد أمر لم يُسمع به من قبل". 

"لقد كان تحت السرير، خلف الثلاجة، مخبأ في حقائب السفر. لقد عملت في بعض القضايا الكبيرة، ولكن ليس كحجم هذه القضايا".

 

السابق "إطلاق نار" أدى إلى إصابة ثلاثة بالغين وطفل واحد في حالة خطيرة في المستشفى!!
التالي تغريم مالك عقار بلندن 10,000 جنيه إسترليني لسبب مثير!!