عرب لندن
أشارت أنباء إلى اختفاء رجل بعد دخول مركز تقارير الهجرة التابع لوزارة الداخلية في هونسلو، غرب لندن للحصول على موعد روتيني ظهر يوم الخميس، كما يُطلب من معظم طالبي اللجوء في بريطانيا أن يفعلوا.
وكان الرجل بصحبة شقيقه الذي ينتظره في الخارج، لكن الوقت مر دون ظهور أي أثر له، هكذا حتى مر أكثر من 3 ساعات وبعد سؤاله المركز أخبروه أنه احتجز وفي الغالب سُيرحل إلى رواندا، بحسب ما نشرته صحيفة الجارديان “The Guardian”.
وجاء هذا عقب إعلان وزارة الداخلية البريطانية، في وقت سابق من الأسبوع الماضي البدء في عمليات احتجاز المهاجرين لترحيلهم إلى رواندا خلال فترة تتراوح بين 9 و11 أسبوعا، وعزمها على البدء في تنفيذ سلسلة من الاعتقالات المفاجئة في الأسابيع المقبلة للتسريع من ترحيل المهاجرين وطالبي اللجوء إلى رواندا.
وبينت الوزارة أن الخطة ستشمل الخطة اعتقال طالبي اللجوء أثناء حضورهم مواعيد روتينية في مراكز طلبات اللجوء، ومن ثم وضعهم في مراكز الاعتقال وترحيلهم.
وظهر على إثر اعتقال الرجل دعوات عديدة للمساعدة على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يمكن احتجازه لعدة أشهر قبل وضعه على متن رحلة الترحيل، فقد كانت هناك حاجة إلى المتظاهرين بشكل عاجل.
وقد تجمع المئات بالفعل لذات الغاية خلال الفترة الماضية، ومن ضمنها التظاهرات التي حدثت في بيكهام، جنوب شرق لندن، في فندق يؤوي طالبي اللجوء، حيث كانت حافلة معتمدة لوزارة الداخلية لأخذ الأشخاص من الفندق إلى بارجة بيبي ستوكهولم الراسية في دورست.
فيما جلس العشرات من المتظاهرين على الطريق وأيديهم متشابكة للاعتراض والصد، وببعد اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين وطاقم المدربين، ألقي القبض على 45 شخصا.
وحقق الاحتجاج أهدافه بشكل مؤقتًا على الأقل، إذ تمكنت الحافلة من المغادرة بعد سبع ساعات من وصولها، ولم يكن هناك أي طالبي لجوء على متنها.
وفي حادثة أخرى مماثلة، في هونسلو ومركز الهجرة في إيتون هاوس، حاول عدد من المتظاهرين التصدي لنقل محتجزين أيضًا، إذ بات هذا المشهد يتكرر في جميع أنحاء المملكة المتحدة خلال الأسبوع الماضي، الأمر الذي أشعل غضبًا واستياء كبيرًا.
وكجزء من "حملة القمع" المستمرة، تقول وزارة الداخلية إنها زادت من سعة الاحتجاز وجندت 500 مرافق لاعتقال طالبي اللجوء الذين تقول إنهم مؤهلون للترحيل إلى رواندا.
والعديد منهم أشخاص فروا من الحرب والاضطهاد في دول مثل إيران والسودان وأفغانستان، وبعضهم موجودون في المملكة المتحدة منذ عام على الأقل في انتظار قرار بشأن ما إذا كان سيتم النظر في طلب لجوئهم أم لا.
وفي يوم الاثنين الماضي في سوليهال، ويست ميدلاندز، تم احتجاز خمسة من طالبي اللجوء في مركز ساندفورد هاوس لتقارير الهجرة بعد حضورهم موعدًا روتينيًا، بينما تجمع المتظاهرون في الخارج. ومن بين المعتقلين رجل مسيحي فر من إيران إلى بريطانيا قبل عامين، بحسب صحيفة برمنغهام ديسباتش.
ويوم الأربعاء في لوبورو، ليسترشاير، تم اقتياد مجموعة من الرجال أثناء حضورهم مواعيد روتينية، ووضعوا في شاحنة اقتادتهم بعيدًا.
كما تفاخرت وزارة الداخلية أيضًا بمداهمات المنازل والفنادق، حيث نشرت أول مقطع فيديو يوم الثلاثاء الماضي، مع موسيقى مبهجة، يظهر رجلاً يتم اقتياده من منزله مكبل اليدين.
وفي السياق، قال المحامية التي تقود مشروع رواندا في مؤسسة العطاء الخيرية (كفالة محتجزي الهجرة)، التي تدعم حوالي 15 شخصًا محتجزين كجزء من خطط ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، آرا وولف، إن الاعتقالات تسببت في "الكثير من الخوف، والشعور بالعجز".
كما أن العدد الدقيق للمحتجزين غير واضح ولم تُقلع أي رحلات للترحيل إلى رواندا بعد، وقيل إن الشخص الذي رُحل طوعًا حصل على مبلغ 3000 جنيه إسترليني كجزء من خطة الإزالة الطوعية.
في ذات الوقت من غير المتوقع حدوث عمليات ترحيل قسري، حتى يوليو/تموز على الأقل، لكن تكثيف الاعتقالات من المتوقع أن يستمر بوتيرة سريعة.
وقالت وولف إن أولئك الذين تم اعتقالهم تم أخذ هواتفهم الذكية وممتلكاتهم الأخرى ويواجهون الآن انتظارًا لمدة أشهر حتى يعرفوا مصيرهم، كما فُتشوا وقيدوا أيديهم.
بالإضافة إلى أن الكثيرين تُركوا دون اتصالات بالإنترنت أو الهاتف أثناء الاحتجاز، مما جعلهم يكافحون من أجل الحصول على المشورة القانونية والدعم من الجمعيات الخيرية، بحسب وولف.
وترى: "هناك شعور بالذعر واليأس والناس لا يعرفون سبب اعتقالهم". لقد نجحت بالتأكيد في إثارة الخوف بين مجتمع اللاجئين بأكمله”.
ومن جهتها، تشير مؤسسة Detention Action، وهي مؤسسة خيرية تساعد 10 أشخاص آخرين محتجزين لدى وزارة الداخلية، إن النساء محتجزات أيضاً مثل الرجال. ومن ضمن المحتجزين شخص كان ينتظر قرارًا بشأن ما إذا كان سيتم النظر في طلب لجوئه في المملكة المتحدة أم لا، وقيل له إنه قد يتم ترحيله إلى رواندا، وبدأ بعدها إضرابًا عن الطعام.
وقال إنه وعائلته تعرضوا "للتعذيب والاضطهاد" بسبب دينهم في إيران وجاءوا إلى المملكة المتحدة لأنها معروفة بحقوق الإنسان والسلامة.
وتعتقد رئيسة الخدمات السريرية في منطقة التحرر من التعذيب شمال غرب إنجلترا، آن سالتر أن هذه الاعتقالات كانت صادمة مرة أخرى حتى بالنسبة لأولئك الذين من غير المرجح أن يتأثروا بسياسة رواندا.
وقالت سالتر: "لقد سمعنا روايات عن أشخاص في مساكن مشتركة سمعوا طرقًا على الباب، وجاء مسؤولو وزارة الداخلية لأخذ الناس بعيدًا. وعقبت على ذلك: إنه أمر مرعب للغاية ويعيد خلق مناخ الخوف، حيث لا يعرفون متى سيطرق الباب، أو متى سيتم انتشالهم من الشوارع.
وبينت الجمعيات الخيرية للاجئين بهذا الصدد أن التهديد بالاحتجاز قد يدفع الناس إلى الانفصال عن النظام، وقد يكونون أقل عرضة لإبلاغ وزارة الداخلية، وكذلك الحصول على الرعاية الصحية أو الذهاب إلى الشرطة إذا كانوا في خطر، مما يجعلهم عرضة للاستغلال.
وهناك أيضًا تقارير عن أشخاص غادروا أماكن الإقامة في وزارة الداخلية بسبب الخوف، وفي مثال على ذلك: في أحد الفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء في إليفانت آند كاسل، جنوب لندن، ورد أنه تم اعتقال 10 أشخاص، وفقاً لشاب يقيم هناك، إذ أن الناس خائفون للغاية لدرجة أنهم يغادرون للنوم في الحدائق العامة.
وقالت مديرة منظمة Migrant Voice، نازك رمضان، إن الناس يُجبرون عمداً على الشعور بالخوف والارتباك حيث إن الافتقار إلى التواصل من وزارة الداخلية يعني أن حتى أولئك الذين من غير المرجح نظرياً ترحيلهم إلى رواندا يشعرون بخطر ترحيلهم، كما إن احتجاز الأشخاص الذين يقدمون تقاريرهم إلى وزارة الداخلية من شأنه أن يجعل الناس أكثر خوفًا من حضورهم.
وإذا لم يحضروا المواعيد المطلوبة -كشرط لكفالة الهجرة- فسيكونون معرضون لخطر الاعتقال وقطع الدعم المالي، ومع ذلك فإنه ليس خيارًا سهلاً.
فيما شهدت القائمة على منظمة الحق في البقاء الخيرية، ماجي مويو تأثير هذه السياسة عن كثب خارج مركز إعداد التقارير التابع لوزارة الداخلية في سالفورد. حيث أمضت، وهي طالبة لجوء سابقة، ساعات الأسبوع الماضي في توزيع منشورات على الأشخاص الذين يذهبون إلى مواعيد روتينية، مع تفاصيل عن الجمعيات الخيرية والمشاريع القانونية التي يمكنهم الاتصال بها وانتهى بهم الأمر إلى الاحتجاز.
وقالت من وحي تجربتها إن البعض لم يسمع عن مخطط رواندا على الإطلاق، خاصة وأن أماكن إقامة اللاجئين لا يوجد فيها تلفزيون ولا راديو، بالإضافة إلى وجود عائق اللغة.