بدعم من حكومة المحافظين.. البرلمان البريطاني يمرر قانوناً يحظر مقاطعة المنتجات الإسرائيلي
حازم المنجد-عرب لندن
تمضي حكومة حزب المحافظين بعيداً في مواقفها المتواطئة والداعمة بلا حدود لدولة الاحتلال الإسرائيلي في جرائم حرب الإبادة والتطهير العرقي التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني من خلال توفيرها الغطاء السياسي والاقتصادي والعسكري لحليفتها المتطرفة في تل أبيب، حيث رفض البرلمان البريطاني في جلسة تصويت مساء الأربعاء 10-01-2024 تعديل كان حزب العمال قد تقدم به يدعو إلى وقف مشروع قانون يحظر على المجالس والهيئات العامة في المملكة المتحدة مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية القادمة من الأراضي المحتلة بما في ذلك مرتفعات الجولان السورية، وقد صوت 284 نائبا لصالح القانون مقابل 228 نائبا صوت ضده، أي بأغلبية 56 صوتاً.
وبالتزامن مع جلسة التصويت، وبدعوة من حملة التضامن مع فلسطين، خرجت مظاهرة حاشدة أمام مبنى البرلمان شارك فيها عدد من النواب والشخصيات السياسية والحزبية وتيارات واسعة في المجتمع المدني بما فيها جماعات يهودية، نددت بمواقف حكومة سوناك، ودعوا إلى مقاطعة الكيان الصهيوني وفرض عقوبات اقتصادية والكف عن تزويده حكومته المتطرفة بالأسلحة والمعدات العسكرية، مطالبين بوقف فوري للحرب وإطلاق النار في غزة، ووضع حد لكارثة المدنيين الإنسانية المتواصلة منذ 100 يوم.
كما شدد بعض السياسيون والحقوقيون خلال المظاهرة على أهمية فرض العقوبات الاقتصادية ودور سلاح المقاطعة في مجابهة دولة الاحتلال، على غرار ما حصل في جنوب أفريقيا بعدما أفضت المقاطعة الدول الاقتصادية والسياسية في نهاية المطاف إلى سقوط نظام الفصل العنصري في تسعينيات القرن الماضي، كما أشادوا في ذات السياق بالدعوة القضائية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لمحاسبة نتنياهو ووزراءه المتطرفين وجنرالات حربه الدموية جراء ارتكابهم عمليات القتل والإبادة الجماعية، ونيتهم الواضحة في التطهير العرقي وتهجير شعب كامل من أرضه، معتبرين أن تلك الأفعال انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، وترقى بدون أدنى شك إلى جرائم حرب مكتملة الأركان والصفات.
وباعتبار أن هذا العام هو عام الانتخابات العامة في بريطانيا، والتي يتحدد من خلالها مصير الأحزاب السياسية داخل البرلمان والفائز برئاسة الحكومة، دعا المشاركون في المظاهرة الشارع البريطاني للوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ، وتشجيعهم على تطبيق سياسة العقاب الانتخابي، وحجب أصواتهم عن جميع النواب والسياسيين الذين اتخذوا مواقف مناهضة لحقوق الشعب الفلسطيني، ومؤيدة لجرائم الحرب الإسرائيلية واستمرار عمليات القتل وإطلاق النار.
نبذة عن بعض المواقف من مشروع القانون
مايكل جوف وزير المجتمعات المحلية زعم أن "مشروع القانون لا يتعارض مع السياسة الخارجية لحكومة المملكة المتحدة، ولا يمنعها بأي حال من الأحوال عند الاعتقاد بوجود نشاط وعنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة من التدخل واتخاذ إجراءات وفرض عقوبات وحظر سفر ضد أولئك الذين ارتبطوا في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان".
من جهتها قالت أنجيلا راينر، نائبة زعيم حزب العمال "أن حزبها يعارض تماماً سياسة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل، لكنها وصفت الصياغة التي تم بها مشروع القانون بأنها "معيبة للغاية"، وأضافت "أن المساواة الصريحة بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان هي خطوة غير مسبوقة، وتقوض دعم بلادنا الطويل والمتسق بين الأحزاب لحل الدولتين، أشعر بخيبة أمل كبيرة، هناك لحظات تجتمع فيها جميع الأطراف في هذا المجلس معاً لحل المشكلات العميقة التي تواجه مجتمعاتنا، كان من الممكن أن يكون هذا واحداً منها، ولكن بدلاً من ذلك رفضت الحكومة الاستماع، لذا عندما جرت قراءة مشروع هذا القانون للمرة الثالثة، توجب علينا تقديم تعديل منطقي كنداءٍ أخير لوزير الخارجية بغية إعادة النظر فيه"، وكان زميلها في الحزب آندي سلوتر توقع أن مشروع القانون بعد عرضه على مجلس اللوردات للتدقيق، لن يرى النور قبل الانتخابات العامة.
وكانت الحكومة قد واجهت أيضاً معارضة من مقاعدها الخلفية، حيث أكد الوزير المحافظ السابق كيت مالتهاوس أنه سيصوت ضدها في المجلس البرلماني، معتبراً أن مشروع القانون من شأنه تقويض المكانة الدولية للمملكة المتحدة، مخاطباً النواب "هذا.. سبب فزع كبير لحلفائنا في العالم العربي، الذين نحتاجهم بالطبع في الوقت الحالي أكثر من أي وقت مضى للانضمام إلينا في السعي لتحقيق السلام وإنهاء الصراع المروع الذي يدور في الشرق الأوسط.. إن قيامنا بتقويض مكانتنا كتجار عادلين في هذا الجزء من العالم يبدو خطأً غير مقصود".
وأما عضو الحزب الوطني الاسكتلندي كريس ستيفنز، فقد اعتبر "أن المساواة بين إسرائيل والأراضي المحتلة هو أمر فريد من نوعه في أي تشريع.. ويشكك في الموقف الراسخ المتمثل في أن المملكة المتحدة لديها توافق حزبي مشترك في دعم حل الدولتين على أساس حدود 1967".
وقال عضو البرلمان عن هامر سميث بعد تمرير القانون "بالتأكيد لا ينبغي ذلك، سيكون إرثا مخزياً حتى بالنسبة لهذه الحكومة". كما أوضحت النائبة المستقلة عن مقاطعة ليستر إيست، كلوديا ويب " إن ذلك القرار سيمنع المجالس المحلية من تنفيذ إرادة الناخبين الذين انتخبوها"، مضيفة "لقد وجدت هذه الحكومة نفسها مرة أخرى على الخطأ من القضية.. دعم الظالم ضد المظلوم وإعطاء النظام الإسرائيلي الرخصة لقتل عشرات الآلاف".