عرب لندن
كشف الحاخام الأرثوذكسي المناهض للصهيونية، الحنان بيك، أن إسرائيل “فشلت في توفير الأمن لليهود” لدرجة أنها أصبحت المكان “الأخطر” عليهم، مشيرا إلى أن المسلمين أنقذوا عبر التاريخ اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد في أجزاء مختلفة من العالم، وأن تحرير فلسطين لا بد أن يكون “من البحر إلى النهر”.
وقال بيك، والذي يعد أحد أبرز رجال الدين في بريطانيا، في مقابلة مع الأناضول: “سافروا حول العالم وفي النهاية سترون أن أخطر مكان لليهودي اليوم، هو إسرائيل”. وأضاف أنه يعيش في بريطانيا منذ 36 عاما، وخلص إلى أن اليهود “يعيشون بسلام وأمان في كافة أنحاء العالم، حتى في البلدان المسلمة”. وتابع: “اليهود يعيشون بسلام خارج إسرائيل، ليس في الغرب فحسب، بل في العالم الإسلامي أيضا”.
ولفت بيك، وهو عضو في حركة “ناطوري كارتا” (حرّاس المدينة) اليهودية المناهضة للصهيونية، أن الأخيرة “تتعارض تماما مع العقيدة اليهودية، وأن اليهود الأرثوذكس كانوا دائما ضد الصهيونية وتأسيس إسرائيل”.
ويعرف اليهود الأرثوذكس بأنهم المحافظون المدافعون بشكل صارم عن الشريعة اليهودية.
وفي السياق، وصف بيك الصهيونية بأنها “خيانة لله”، مبينا أن إنشاء إسرائيل بشكل عام “خيانة لله وسوف تفشل في نهاية المطاف”. وتساءل: “كم دولة تأسست خلال السنوات الـ 75 الماضية؟ هل لاحظتم أن جميع الدول التي تأسست تعيش في سلام؟ لكن المكان الوحيد في العالم الذي لا سلام فيه ليوم واحد هو إسرائيل”. وشدد الحاخام بيك على أن اليهود الأرثوذكس “يقفون ضد إسرائيل وينتظرون زوالها”.
ولفت الحاخام الأرثوذكسي، في حديثه للأناضول، إلى الدور الذي لعبه المسلمون عبر التاريخ في حياة الشعب اليهودي، وقال: “تعرضنا للاضطهاد في أجزاء كثيرة من العالم، وأنقذنا المسلمون عبر التاريخ. لقد أعطونا مكانا مثاليا للعيش فيه”.
ورأى أن “الصهاينة يحاولون دائما الادعاء بأن المسلمين يريدون إبادة جميع اليهود وإلقاءهم في البحر”، معتبرا هذه المزاعم بمثابة “هراء”. وأوضح: “من يعرف قليلا عن التاريخ، يعلم أن اليهود عاشوا حياة رائعة في البلدان الإسلامية. لقد تعرضنا كيهود للاضطهاد في معظم أنحاء العالم ولطالما أنقذنا المسلمون من ذلك الاضطهاد”، وعليه، نفى الحاخام بيك الاتهامات الموجهة ضد المسلمين بمعاداة السامية.
واستدرك: “رغم مرور 75 عاما على احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، ما زال اليهود يعيشون بسلام في العالم الإسلامي”، مشيرا إلى المجتمعات اليهودية في كل من “المغرب وتونس والجزائر وإيران وتركيا واليمن”.
وإلى جانب موقفه من الصهيونية وتأسيس إسرائيل، انتقد بيك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لدوره في “الإبادة الجماعية” التي ترتكبها تل أبيب في غزة. وقال إنه لا يعتبر نتنياهو “يهوديا”، واصفا إياه بأنه “رئيس وزراء الشعب الذي تمرد على الله”، وفق تعبيره. وتابع: “لا أستطيع أن أتحمل رؤية شخص يمكنه إضفاء الشرعية على الإبادة الجماعية، أو على ارتكابها”.
وبيّن أن نتنياهو “كان يحاول تصوير نفسه على أنه علماني، من خلال انتهاك الحرمات اليومية للعقيدة اليهودية”. وأوضح أنه خلال زيارة نتنياهو الأخيرة إلى بريطانيا “تناول (نتنياهو) الطعام في مطعم يقدم أطعمة ومشروبات محرمة وفق (العقيدة) اليهودية”.
وعلى هذا النحو، أوضح بيك أن معاداة السامية “لم تعد مصدرا لتهديد الشعب اليهودي منذ انتهاء الهولوكوست”، مشككا في الوقت نفسه في المزاعم التي تقول “إن إسرائيل تعمل على إنقاذ الشعب اليهودي من خطر معاداة السامية”.
وقال إن أي سياسي استخدم لغة ضد اليهود “تم إنهاء حياته السياسية”، وأعطى مثالا على ذلك بالزعيم السابق لحزب العمال البريطاني جيريمي كوربين، إذ “وصمه الصهاينة بأنه معادٍ للسامية، وجرى إنهاء حياته السياسية”.
وأضاف: “كوربين ليس لديه مشكلة مع اليهود، لكنه يعارض فقط احتلال إسرائيل لفلسطين. انظروا ماذا فعلوا به، أنا أعرفه شخصيا، وهو صديق جيد للشعب اليهودي”.
واعتبر بيك أن “الصهيونية ساهمت بشكل كبير في معاداة السامية”، لافتا إلى أن الهجمات الإسرائيلية على غزة “أداة حقيقية للإبادة الجماعية”.
وبالحديث عن عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “حماس” ضد مستوطنات غلاف غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شدد بيك للأناضول على أن الصراع في فلسطين “لم يبدأ بهجوم حماس”.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت حتى الجمعة “21 ألفا و507 شهداء و55 ألفا و915 إصابة معظمهم أطفال ونساء”، ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وأشار بيك إلى أن الصراع “بدأ في 15 مايو/ أيار 1948″، مبينا أنه بالنسبة للفلسطينيين “بدأ الأمر بالنكبة حيث تعرض الفلسطينيون لجرائم القتل والإبادة الجماعية”.
وأكد أن ما حدث في 7 أكتوبر كان “نتيجة” للسياسة الإسرائيلية، داعيا زعماء العالم إلى “فتح أعينهم ليفهموا أن مساعدة إسرائيل ليست في مصلحة الشعب اليهودي”. ولفت الحاخام بيك إلى أن القتل والاحتلال لا يمكن أن يبررا “شن حرب إبادة جماعية أخرى”.
وانتقد الدول الغربية قائلا: “نفهم أنهم يريدون مساعدة إسرائيل لأنهم يريدون مساعدة الشعب اليهودي، ويشعرون بالذنب تجاه ما حدث في الحرب العالمية الثانية، حيث قتل أكثر من 6 ملايين يهودي. لكن ما يفعلونه الآن خاطئ تماما”.
وسلط الحاخام بيك الضوء على أنه وفقا للعقيدة اليهودية الأرثوذكسية “لا يُسمح لليهود بحكم حتى شبر واحد من الأرض” (في إشارة إلى فلسطين). وأشار في حديثه للأناضول إلى أن طائفته “لا تدعم حل الدولتين، لأنها تؤمن بضرورة زوال دولة إسرائيل، وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، وأن مشكلتها تكمن مع الاحتلال والمحتلين”، على حد وتعبيره.
ومن “النهر إلى البحر” هو شعار سياسي داعم للقضية الفلسطينية وتحرير الأراضي المحتلة، ويشير إلى المنطقة الجغرافية ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط.
وفي السياق، شدد بيك على أن موقف طائفته من تأسيس إسرائيل “لا يعني قتل اليهود أو ترحيلهم، بل بإمكانهم مواصلة حياتهم بشكل طبيعي، كما هو حال اليهود في الدول الإسلامية الأخرى”.