فيديو/ مسجد لندن المركزي يعقد مؤتمرا حول إسهامات المسلمين البريطانيين في العصر الفيكتوري
حازم المنجد-عرب لندن
عقد المركز الثقافي في مسجد لندن المركزي يوم الأحد 3-12-2023 مؤتمرا هاماً ناقش بعيون بريطانية بدايات انتشار الإسلام في المملكة المتحدة إبان العصر الفيكتوري، وقدم نبذة عن الإرث التاريخي والإسهامات الحضارية لشخصيات بريطانية لعبت دورا محورياً في تشكيل نواة أول مجتمع إسلامي في قلب إمبراطورية تعيش أوج توهجها آنذاك، وأظهرت قدرتها على التأثير والتكيف في ظل بيئة متشددة دينيا تسودها أمراض اجتماعية خطيرة كالجريمة والطلاق والإدمان على شرب الكحوليات، ومعادية لأي تمايز ثقافي عن الآخر، ولا تتقبل أي نمط اجتماعي مغاير.
كما ألقى المؤتمر الضوء على المسيرة النضالية والتجارب الملهمة لتلك الشخصيات الإسلامية التي تركت بصمات واضحة ونجاحات باهرة في مجال العمل الدعوي والخيري، وتمكنت من إنجاز خدمات جليلة في عدة قضايا تهم المسلمين البريطانيين، وتنظم شؤونهم السياسية والاجتماعية والدينية، امتدت لتشمل دولاً وبلدان إسلامية أخرى. ومن أبرزهم عبدالله كويليام مؤسس أقدم مسجد ومعهد إسلامي في مدينة ليفربول عام 1886، وقد أطلق عليه السلطان عبد الحميد الثاني لقب "شيخ إسلام الجزر البريطانية"، ومحمد مارمادوك بكتال صاحب أول نسخة مترجمة من القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، والتي تعد واحدة من أشهر الترجمات بعدما نالت قبول وموافقة جامع الأزهر في مصر، وفاطمة إليزابيث كيتس أول امرأة بريطانية اعتنقت الإسلام، وكابدت مشقات جمة وتعرضت للإساءة والتهكم والأذى الجسدي والمعنوي على يد عائلتها بعد إشهار إسلامها، وكذلك روبرت ستانلي الذي شغل منصب عمدة مدينة ستايبريدج في مدينة مانشيستر.
وحاضر في المؤتمر كل من البروفيسور رون جيفيز الباحث في مركز كارديف للدراسات الإسلامية، وكريستينا لونجدون مؤلفة كتاب سيرة إسلام جدها "روبرت ستانلي"، وحميد محمود مدير أكاديمية فاطمة إليزابيث، وصموئيل بارتليت.
وفي كلمته الافتتاحية قال الدكتور أحمد الدبيان المدير العام لمسجد لندن المركزي " أن الحديث عن الإسلام في الحقبة الفيكتورية يعد موضوعا مثيرا للاهتمام، الغاية منه تعريف الناس على صفحات مشرفة من التاريخ الإسلامي في بريطانيا، لاسيما أن غالبية ساحقة من المسلمين يجهلون تفاصيل ومعلومات هامة عن حياة الرواد الأوائل وما بذلوه من مجهودات عظيمة في سبيل نشر الإسلام ودعوة الناس إلى اعتناقه.
وأشار الدبيان إلى أن العلاقة بين الإسلام وبريطانيا تأثرت بعدة عوامل كان أهمها فترة استعمار الإمبراطورية البريطانية لعدد من دول العالم الإسلامي مثل الهند ومصر، ومن ثم نمت وتعمقت العلاقة في بدايات القرن العشرين مع ازدهار حركة الترجمة لكتب مفكرين وفلاسفة وعلماء عرب ومسلمين إلى اللغة الإنجليزية، وما تبع ذلك من تبادل ثقافي ودبلوماسي ساعد على توطيد ونمو تلك العلاقة بين الجانبين، تمكن المسلمون البريطانيون على إثرها في العقود الماضية الاندماج في البيئة الجديد، وتفاعلوا مع مجتمعاتهم المحلية، وأضحوا جزءاً من هويتها ونسيجها الاجتماعي، يتمتعون بكامل حقوق وواجبات المواطنة، ونجحوا في تقديم إسهامات مميزة في مجالات عديدة.
وتابع المدير العام في حديث خاص لموقع عرب لندن " أن الهدف من عقد هذا المؤتمر هو ربط الحاضر بالماضي وتشجيع النشء الجديد على تقفي أثر أسلافهم والسير على خطاهم، وكذلك من أجل تعريف البريطانيين من غير المسلمين "وسط تصاعد خطابات الكراهية وتنامي موجات الإسلاموفوبيا" بأن وجود الإسلام عريق في هذه البلاد، وأنه ليس مجرد دين وافد أو مختلف عن الأديان السماوية الأخرى.
وفي معرض حديثه وجه الدبيان رسالة خاصة إلى الجالية العربية في بريطانيا على اختلاف توجهاتها وأطيافها تحثهم على الاهتمام بالنواحي التعليمية والتربوية، وتدعوهم إلى التكاتف والتعاضد مع بقية الجاليات الإسلامية للاستفادة من مقدرات المجتمع البريطاني والمساهمة بعمل إيجابي وترك بصمات وإنجازات تحتفي بها الأجيال القادمة، معتبرا أن الجالية العربية نشطة في الجانب الاقتصادي، لكن ما يؤخذ عليها هو ضعفها على الصعيد السياسي والثقافي والإعلامي.
وأوضح الدبيان أن ثمة تصاعداً كبيراً في أعداد البريطانيين ممن يعتنقون الإسلام مؤخراً، الأمر الذي يلقي على عاتق القائمين والمشرفين على المركز مسؤوليات جمة، ويفرض عليهم توفير خدمات متعددة، تتمثل في تنظيم دورات مستمرة لشرح ماهية الإسلام وتعليم كيفية أداء الصلاة والحج والزكاة ومسائل فقهية أخرى، فضلا عن تعليم اللغة العربية والدروس الخاصة للأطفال، مؤكدا حرص المركز ودأبه على عقد ندوات توعوية تتناول مشكلات المسلمين الجدد وما يواجهونه من تحديات في واقعهم ومستقبلهم، كون اعتناق الإسلام ليس أمرا طارئا، وإنما هو رحلة جديدة تشمل مختلف أصناف ومتطلبات الحياة بما يضمن فوز الفرد بالدارين الدنيا والآخرة، خاتما حديثه بالقول إن الانفتاح والتلاقي مع المسلمين وغير المسلمين هو الغاية الأسمى التي ينشدها مسجد لندن المركزي.