عرب لندن
دعا الملك تشارلز الثالث، اليوم الجمعة، قادة العالم إلى جعل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب28) المنعقد في دبي، نقطة تحول ترقى إلى مستوى اتفاق باريس، لتسريع التحرك المناخي، قبيل بدء أسبوعين من المفاوضات الشاقة بين الدول حول مستقبل النفط والغاز والفحم.
وقال ملك بريطانيا، الذي يشارك في مؤتمر مناخ للمرة الأولى منذ اعتلائه العرش، مستذكرا مشاركته في كوب21 الذي أفضى إلى اتفاق باريس التاريخي، إنه "غالبا ما يتم تحطيم الأرقام القياسية لدرجة أننا بتنا لا نتأثر بما تقوله لنا".
وأضاف "أرجو من كل قلبي أن يكون مؤتمر كوب28 نقطة تحول أخرى نحو انتقال (أخضر) حقيقي"، معددا الأعاصير التي دمرت الجزر المعرضة للخطر والفيضانات في الهند وبنغلادش وباكستان والحرائق القياسية التي تجتاح دولا كثيرة من الولايات المتحدة إلى اليونان.
وأكد أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، "نقوم بتجربة مخيفة لتغيير كل الظروف البيئية في الوقت نفسه، بمعدل يفوق قدرة الطبيعة"، قبل أن يدعو إلى تمويل عالمي لصالح الانتقال إلى الطاقات الخضراء.
وختم الملك المعروف بدفاعه عن القضايا البيئية، بالقول "الأرض ليست ملكنا، نحن الذين ننتمي إلى الأرض".
وسيعتلي أكثر من 140 رئيس دولة أو حكومة، الجمعة والسبت، واحدا تلو الآخر منصة مؤتمر كوب28 ليكشفوا عن الطريقة التي ينوون فيها زيادة التزاماتهم لحصر ارتفاع حرارة الأرض بنحو 3 درجات مئوية مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية.
وقبل الملك تشارلز، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن "العلم واضح: سقف 1,5 درجة مئوية لا يمكن الحفاظ عليه إلا إذا توقفنا عن استهلاك كافة أنواع الوقود الأحفوري". وشدد على أن "المؤشرات الحيوية للكوكب تنهار: انبعاثات قياسية وحرائق شرسة وحالات جفاف مميتة والعام الأكثر حر ا على الإطلاق".
وترخي الحرب في غزة بظلالها على المؤتمر. إذ أعلن عن تغيب الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي عن المؤتمر احتجاجا على دعوة إسرائيل للمشاركة فيه، وفق ما أوردت وكالة إرنا الرسمية.
ثم أعلن لاحقا عن انسحاب الوفد الإيراني من المؤتمر احتجاجا بالمثل على وجود وفد إسرائيلي، باعتباره يتعارض مع "أهداف المؤتمر وتوجهاته".
ووصل الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى دبي يوم أمس الخميس، وسيحضر المؤتمر الجمعة في إطار حملة دبلوماسية واسعة النطاق ترمي إلى الدفع من أجل الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة. من الجانب الفلسطيني، سيمثل وزير الخارجية رياض المالكي الرئيس محمود عباس الذي أعلنت الأمم المتحدة في وقت سابق مشاركته في المؤتمر.
كذلك وصل وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الجمعة إلى دبي.
وبعد ظهر الجمعة، يلقي كل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والعاهل الأردني عبدالله الثاني كلمة خلال المؤتمر.
وبدأت أعمال الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب28) الخميس بنجاح، بإعلان تفعيل صندوق "الخسائر والأضرار" للدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ. ويعتبر القرار إنجازا تاريخيا رغم أن الوعود الأولى المرتبطة بالتمويل (حوالى 400 مليون دولار) ما زالت رمزية في مواجهة الاحتياجات التي تقدر بمئات المليارات.
وأعلن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الجمعة إنشاء صندوق خاص "للحلول المناخية" بقيمة 30 مليار دولار خلال افتتاح قمة رؤساء الدول في المؤتمر.
وإلى جانب هذا المؤشر الإيجابي الضروري لتخفيف حدة التوترات بين دول الشمال والجنوب، لا يزال يتعين خوض مفاوضات شاقة حتى نهاية المؤتمر في 12 كانون الأول/ديسمبر، لتصحيح المسار الذي يأخذ البشرية نحو احترار مناخي يراوح بين 2,5 و2,9 درجة مئوية، مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية.
في المقام الأول، ينبغي مراجعة "دور الوقود الأحفوري" كما أقر الخميس رئيس كوب28 الإماراتي سلطان الجابر الذي يتعر ض لانتقادات نظر ا إلى كونه يشغل أيض ا منصب رئيس شركة "أدنوك" النفطية الحكومية العملاقة.
ويبدو أن نتائج اليوم الأول عززت ثقة الجابر المقتنع بأنه قادر على تحقيق ما لم يحققه أي من مؤتمرات المناخ السابقة.
ونصت نسخة أولية ن شرت الجمعة لمشروع اتفاق سيناقشه مفاوضو نحو مئت ي دولة خلال المؤتمر على أنه ينبغي "خفض/التخلي عن الوقود الأحفوري".
على الصعيد المناخي، ينبغي أن يقد م المؤتمر تقييما رسميا أوليا لاتفاق باريس. ولكن رغم أن حصر الاحترار المناخي بـ1,5 درجة مئوية صعب المنال فإن العالم لم يبلغ بعد ذروة انبعاثات الغازات الدفيئة مع أنها باتت قريبة، فيما تتوقع الأمم المتحدة أن يكون العام 2023 الأكثر حرا على الإطلاق.
وستتم مناقشة الجمعة مسألة الغابات التي تخزن الكربون ولكنها مهددة.