يكفي أن تطالع العناوين لكي تفهم الوجهة التي يتخذها الإعلام الفرنسي إزاء ما يقع في غزة وغلافها، منذ أيام، إثر ما يصار يعرف بطوفان الأقصى، وبعده الحرب الإسرائيلية على القطاع، وما أدت إليه من فظائع إنسانية مشهودة.
فمعظم الصحف والمجلات الفرنسية، إن لم تكن كلها، أظهرت تعاطفا واضحا مع إسرائيل، واصفة حماس بالتنظيم الإرهابي، الذي يمارس العنف الوحشي، لفائدة إيران، منفذا ما تطلبه الأخيرة، لأغراض توسعية في المنطقة.
ويكفي التوقف عند يومية لوموند، ذائعة الصيت، والتي تعتبر أيقونة الإعلام الفرنسي، وتكاد تمثل مواقف الدولة الفرنسية، ليعرف القارئ، والمتتبع، كيف يفكر أصحاب القرار الفرنسيون. فضمن عددها ليوم الخميس، كتبت على صدر صفحتها الأولى:"في إسرائيل.. حجم المذبحة التي تعرض لها المدنيون"، ثم توسعت، بالكلمة والصورة، في إلقاء الضوء على ما وقع من تداعيات بعد هجمة حركة حماس، دون أي توقف عند ما ارتكبته إسرائيل من فظاعات.
ولم تحد مجلة لونوفيل أبسيرفاتور، اليمينة، عن الخط الذي ذهبت فيه لوموند، إذ وثقت للحدث بصورة على صدر غلافها، توضح الرعب الذي عاشه الإسرائيليون، وكتبت بعنوان عريض:"زمن الرعب"، متوسعة، في صفحاتها الداخلية، التي خصصتها للملف الأسبوعي، للحديث عن اللحظات التي عاشها الإسرائيليون إثر هجمة حماس، متوقفة عند رد فعل حكومة بنيامين نتنياهو بالكلمة والصورة، أيضا.
مجلة ليكسبريس، الشهيرة أيضا، كانت واضحة هي الأخرى من عنوانها، وهي تضع، على كامل غلافها، راية لإسرائيل عليها قطرات من الدماء، ثم وهي قول، في عونانها العريض، إن إسرائيل (وقعت) في فخ حماس، قبل أن تسهب في الشرح والتوضيح عبر صفحاتها الداخلية، المتوقفة كلها إلى جانب إسرائيل.
مجلة فالور (قيم)، لم تخرج عن الخط، بدورها. فقد وضعت صورة كبيرة، على غلافها، لأحد أعضاء الجناج العسكري لحركة حماس، القسام، وكتبت عنوانا يدل على كل شيء:"مجانين الله"، ثم تحتها ببنط أصغر:"بانوراما للجهاد العالمي.. حماس، الذراع المسلح لإيران". وهو عنوان دال بمفرده على الوجهة التي اختارتها المجلة، بحيث يفهم منه أن ما فعلته حماس ليس دافعا عن فلسطين، بقدر ما هو تحرك أملته إيران، لأغراض تهمها في المنطقة.
ويمكن القياس على ذلك بخصوص بقية الصحف والمجلات، التي جاءت كلها تتحدث عن جانب واحد، ونسيت أن هناك قطاعا ظل يعيش، طيلة سنوات، على وقع الحصار، في غياب أبسط شروط العيش، فضلا عن تعرض المقدس للهجمات من المستوطنين، واستمرار بناء المستوطنات، رغم كل التعهدات الإسرائيلية.