عرب لندن
تعاني بريطانيا، مثل غيرها من الكثير من الدول الغنية، من تدفق المهاجرين الفارين من الاضطهاد في بلادهم أو الذين يبحثون عن حياة أفضل. وفي مواجهة ذلك، تبنت الحكومة مجموعة من القيود الجديدة لمنع طالبي اللجوء من دخول أراضيها.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، في مقال افتتاحي، أن مثل هذه السياسات قد تساعد رئيس الوزراء ريشي سوناك في الحفاظ على التأييد الذي يحظى به بين المحافظين الذين طالبوا بأن “يوقف القوارب”. ومن المرجح أيضا أن تؤدي هذه السياسات إلى جعل المشكلة أكثر سوءا.
ويتمثل محور استراتيجية الحكومة في قانون الهجرة غير القانوني، الذي يلزم وزير الداخلية البريطاني باحتجاز واستبعاد أي شخص يصل بدون تأشيرة، بما في ذلك ضحايا العبودية الحديثة. وسوف يتم إعادة المهاجرين إلى دولهم إذا رؤي أن الوضع فيها آمن بالنسبة لهم، أو إلى دولة أخرى توافق على استقبالهم. وأمام أولئك الذين يواجهون خطر ضرر شديد بالنسبة للدولة التي تقرر إرسالهم إليها، أسبوع للاعتراض على عدم الموافقة على لجوئهم، على الرغم من أن الحكومة لا تقدم أي توجيه أو تجري أي مقابلات.
والغريب هو أن الاعتراضات من جانب المهاجرين لأي أسباب أخرى يمكن أن تنظرها المحاكم فقط بعد إبعادهم. ويتم منع أولئك الذين يُكتشف أن طلباتهم للجوء غير مشروعة من دخول المملكة المتحدة مرة أخرى أو منحهم الجنسية.
وذكرت بلومبرغ أن بريطانيا ليست الدولة الوحيدة تقريبا بالنسبة لمحاولة إبعاد طالبي اللجوء. فالاتحاد الأوروبي يرتبط بعدد من اتفاقات العودة مع دول ثالثة، كما تطلب الولايات المتحدة من بعض طالبي اللجوء البقاء في المكسيك أثناء التعامل مع طلباتهم. وقد حددت بريطانيا 57 دولة يمكن إعادة أي طالب لجوء إليها. ومع ذلك فإن الدولة الوحيدة التي وافقت على قبول إرسال أشخاص إليها هي رواندا، التي قضت محكمة استئناف مؤخرا أنها لا تعتبر دولة ثالثة آمنة، وهي لا يمكن أن تستقبل سوى عدد ضئيل للغاية من بين عشرات آلاف المهاجرين المتوقع عبورهم القنال هذا العام فقط. ويبدو أن اقتراحا تم إحياؤه لإرسال طالبي اللجوء إلى جزيرة ذات صخور بركانية تسمى أسينسيون في جنوب الأطلسي هو مجرد حيلة سياسية؛ ومن المؤكد أن ذلك يؤكد صعوبة تكليف دول أخرى بالقيام بعملية التعامل مع الأمور المتعلقة باللاجئين.
وترى بلومبرغ أنه ما لم تقنع بريطانيا المزيد من الحكومات بقبول إعادة مواطنيها إليها، حيث هناك اتفاق حاليا مع ألبانيا، وتردد أن هناك اتفاقا يجري التوصل إليه مع تركيا كجزء من اتفاق أوسع نطاقا لمحاربة تهريب البشر، من المرجح أن يؤدي قانون الهجرة الجديد إلى زيادة الضغط على مراكز احتجاز المهاجرين في البلاد. كما أن ذلك يحمل في طياته خطر تجاوز قدرة نظام التعامل مع طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، الذي يعاني من عبء نظر عدد لا حصر له من الحالات.
واعترفت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافيرمان أن القيود البريطانية الجديدة على طالبي اللجوء قد تنتهك اتفاقية حقوق الانسان الأوروبية، ولكن هناك حاجة لإيجاد “حلول جذرية”. وتلك فكرة جذابة فقط إذا كانت الحلول أيضا فعالة وإنسانية.
وتضيف بلومبرغ أنه نظرا لفشل الحكومة البريطانية في وضع ضمانات ملائمة، فإنها ستفشل على الجبهتين وهما: زيادة أعداد المهاجرين المحتجزين في مراكز احتجاز تسودها الفوضى، وزيادة التكاليف على دافعي الضرائب، مع حرمان منح اللجوء لذوي الطلبات المشروعة. ولن يحل تجاهل اتفاق حقوق الإنسان، كما يطالب بعض المحافظين، هذه القضايا، ولكن من المرجح أن يزيد من صعوبة التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي.
وذكرت بلومبرغ أنه يتعين أن تبدأ أي استراتيجية هجرة فعالة بتقييمات أكثر سرعة لطلبات اللجوء والمزيد من المعاملة الإنسانية لمن ينتظرون القرارات، بما في ذلك السماح لطالبي اللجوء بالعمل. ويتعين تخصيص المزيد من الموارد الدبلوماسية لتأمين اتفاقيات عودة المهاجرين مع دول ثالثة، وضمان التدقيق القضائي بالنسبة لأي اتفاقات خارجية أوسع نطاقا. وينبغي أن يتم هذا جنبا إلى جنب مع توفير مسارات موسعة للهجرة القانونية وسياسات أفضل لدمج قادمين جدد، مما سيحقق مكاسب للاقتصاد البريطاني.
وقالت بلومبرغ في نهاية مقالها إن مثل هذا النهج لن يسفر عن نتائج بين عشية وضحاها، ولكنه خطوة ضرورية نحو وضع نظام هجرة يعكس المعايير القانونية والأخلاقية التي تعتز بها بريطانيا.