عرب لندن
انخفض معدل التضخم السنوي في بريطانيا بشكل حاد إلى أدنى مستوى له في 13 شهرا مسجلا 8,7 بالمئة في نيسان/أبريل، لكن الأسعار لا زالت مرتفعة في خضم أزمة غلاء معيشة تشهدها البلاد، وفق ما أظهرت بيانات رسمية الأربعاء.
وتباطأ معدل ارتفاع الأسعار بعدما بلغ 10,1 بالمئة في آذار/مارس، وهو ما ساهم في خفض التضخم إلى ما دون 10 بالمئة للمرة الأولى منذ آب/أغسطس من العام الماضي، وفق بيان لمكتب الإحصاءات الوطنية.
ومعدل 8,7 بالمئة هو الأدنى للتضخم منذ آذار/مارس من العام الماضي حين استقر عند 7 بالمئة.
وقال حاكم المصرف المركزي البريطاني آندرو بايلي في ندوة نظمتها صحيفة وول ستريت جورنال عبر الإنترنت إن البيانات، الصادرة الأربعاء، تظهر "انخفاضا مرحبا به إلى ما دون عتبة عشرة بالمئة".
وأشار إلى أن مجلس حكام المركزي البريطاني "توقع الانخفاض لأننا شهدنا تأثيرا على أساس سنوي جراء تراجع أسعار الطاقة" بعدما بلغت ذروتها العام الماضي على أثر الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكن كبير الخبراء الاقتصاديين في المكتب غرانت فيتزنر أشار إلى أن "الأسعار عموما لا زالت أعلى بكثير مما كانت عليه العام الماضي، إذ يناهز التضخم السنوي لأسعار المواد الغذائية أعلى معد لاته التاريخية".
وعلى الرغم من هذا التراجع الحاد، يرجح خبراء أن يعمد المصرف المركزي البريطاني "بنك اوف إنغلاند" إلى رفع معد لات الفائدة مجددا في اجتماعه المقبل لأن بيانات نيسان/أبريل أعلى من معد ل 8,4 بالمئة الذي كان المركزي قد توق عه الشهر الماضي.
ومعد ل التضخ م السنوي في بريطانيا هو الأعلى بين دول مجموعة السبع التي تشمل أغنى اقتصادات العالم وتضم إضافة إلى المملكة المتحدة، كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة.
ولا زال معد ل 2 بالمئة المستهدف للمصرف المركزي بالنسبة للتضخم بعيد المنال، في حين تتوقع حكومة المملكة المتحدة تراجعه إلى حوالى 5 بالمئة بحلول نهاية العام.
وقال فيتزنر إن معدل التضخم "تراجع الشهر الماضي بشكل كبير إذ لم تتكرر زيادات أسعار الطاقة التي سج لت العام الماضي... لكن هذا الأمر قابله بشكل جزئي ارتفاع أسعار السيارات المستعملة والسجائر".
ويأتي صدور البيانات غداة تعديل صندوق النقد الدولي توق عاته للاقتصاد البريطاني، مشيرا إلى نمو متوق ع هذا العام بعد شهر على توق عه انكماشا اقتصاديا في المملكة المتحدة.
وبات الصندوق يتوق ع أن يسجل الاقتصاد البريطاني نموا نسبته 0,4 في المئة في العام 2023، مشيرا إلى أن تراجع أسعار الطاقة هو أحد العوامل لهذا النمو.
وبذلك عدل الصندوق توقعاته السابقة العائدة إلى نيسان/أبريل والتي تحدثت عن انكماش نسبته 0,3 في المئة.
عقب صدور البيانات الأربعاء قال وزير المالية البريطاني جيريمي هانت إن "صندوق النقد الدولي قال بالأمس إننا تح كنا بشكل حاسم للتصدي للتضخم، لكن على الرغم من إيجابية انخفاضه إلى ما دون عشرة بالمئة، لا زالت أسعار المواد الغذائية تسجل ارتفاعا سريعا جدا".
واستقر تضخم أسعار المواد الغذائية في نيسان/أبريل عند 19 بالمئة، وهو معدل يناهز أعلى مستوى منذ 45 عاما.
وقال الخبير في مركز "إينرجي أند كلايمت إنتليجنس يونيت" توم لانكاستر إن "ظواهر الجفاف والفيضانات في أوروبا وأنحاء أخرى تحدث اضطرابات على مستوى سلاسل التوريد وترفع أسعار المواد الغذائية".
وأسعار الغاز المستخدم في صناعة الأسمدة، لا زالت مرتفعة مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.
وتابع لانكاستر "الأسمدة التي تستخدم للمحاصيل ستزيد من تكاليف الأغذية التي سيتم حصادها في وقت لاحق من العام".
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين المكلفين ملف المملكة المتحدة في مركز "كابيتال إيكونوميكس" بول ديلز "ثبت أن التضخم أكثر ترسخا" من توقعات المركزي، وبات "من شبه المؤكد أن المصرف سيرفع معد لات الفائدة من 4,5 بالمئة إلى 4,75 بالمئة في حزيران/يونيو".
ورفع المصرف المركزي البريطاني هذا الشهر معدلات الفائدة الرئيسية بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 4,5 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ نحو 15 عاما في خضم مساع يبذلها لاحتواء التضخم المتفلت.
وتعرضت الحكومة البريطانية المحافظة برئاسة ريشي سوناك لنكسة في انتخابات محلية مؤخرا، في تصويت عقابي على خلفية غلاء المعيشة على الرغم من جهود الحكومة على صعيد توفير دعم جزئي لفواتير الطاقة.
في العام الماضي شهدت البلاد سلسلة إضرابات خصوصا في قطاعات السكك الحديد والبريد وأيضا القطاعين التعليمي والطبي، مع تآكل القدرة الشرائية من جراء ارتفاع التضخم.
ويبذل واضعو السياسات حول العالم جهودا لمكافحة ارتفاع التضخم الناجم خصوصا عن ارتفاع فواتير الطاقة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا العام الماضي.