خبراء في لندن يدعون لخارطة طريق تُخرج مصر من أزمتها
لندن - عرب لندن
في الذكرى السادسة لمظاهرات ٣٠ يونيو والانقلاب العسكري الذي تبعها بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ضد الرئيس المعزول محمد مرسي، اجتمعت نخبة من مختلف ألوان الطيف السياسي المصري بلندن بدعوة من منتدى التفكير العربي، للتدارس في واقع مصر، وإلى أين تسير، وماهي خيارت المعارضة المصرية بمواجهة النظام العسكري.
لا نهضة عربية ولا تحرير لفلسطين دون مصر
وفي كلمة افتتاحية قال رئيس منتدى التفكير العربي محمد أمين بأن المنتدى اختار هذا التاريخ لعقد الندوة لأهميته وخطورة ما ترتب على الانقلاب في مصر من انعكاسات على مسار الأحداث ليس في مصر فقط بل في مختلف الدول التي شهدت انتفاضات شعبية تأثرت وانتكست جراء الانتكاسة التي حلت بثورة ٢٥ يناير،موضحا بأن التحولات التي حدثت بعد اجهاض الثورة المصرية كانت بالغة الضرر والأذى على مسيرة التحول الديمقراطي في الساحات العربية كلها،ودلل أمين على ذلك بالانتكاسات التي حلت بالثورة السورية والليبية واليمنية عقب انقلاب مصر،وصعود محور الثورات المضادة، وعودة وجوه النظم القديمة لتصدر المشهد من جديد،ما يؤكد دونما ذرة شك بأن لا نهضة للأمة العربية والإسلامية دون مصر، ولا خلاص لشعوب المنطقة دون استعادتها.
وقال أمين بأن الانتكاسة التي أصابت الثورة المصرية جعلت دول أخرى تملأ الفراغ الذي نجم عن خروج القاهرة من معادلة الفعل،وانتهت تلك الدول لمحاولة جر الأمة لمحور مشبوه تصطف فيه مع إسرائيل، ويتم في سبيل تشكيله الترويج للتطبيع والتقارب مع الصهاينة وتجميل صورتهم ومحاولة اقناع المواطن العربي بتقبل دمج إسرائيل في المنطقة، والقفز على إرادة الفلسطينيين بمختلف أطيافهم الرسمية وغير الرسمية، لتعميد إسرائيل وفقا لمبدأ المال مقابل السلام، بعد أن كانوا في الماضي ينادون ب "الأرض مقابل السلام". وانتهى رئيس المنتدى للإشارة إلى أن عملية وأد الربيع العربي الذي هتفت فيه الشعوب العربية للحرية ولفلسطين معا، هي عملية تقاطعت فيها مصلحة النظم المستبدة مع مصلحة إسرائيل،فتحرر الإرادة العربية كما يقول أمين هو الخطوة الأولى في مسيرة تحرير فلسطين.
السيسي هو آخر شخص يمكن لومه!!
وبدأ الكاتب والصحافي وائل قنديل كلمته بسؤال نقدي مباشر: هل سيكون صادمًا لو قلت إن آخر شخص يمكن توجيه اللوم له في جريمة 30 يونيو هو عبد الفتاح السيسي؟
وخاطب قنديل الحضور بالقول "إن التاريخ ينبئنا بأن مهنة الجيش الأصلية هي الحروب، حماية للحدود، وأن هواه وهوايته الأولى هي الانقلابات العسكرية، وخصوصًا في دولنا العربية المنكوبة بعقيدة فاسدة تقول إن الجيش هو الدولة والدولة هي الجيش، تلك الأكذوبة التي تتردد على وجه خاص بشأن مصر حين يقال إن مصر جيش نتأت له دولة، أو تحول إلى دولة".
وتابع قنديل في سياق تشخيصه لما حدث في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وما تبعه من أحداث أنه من المنطقي حين تذهب نخب سياسية فشلت في المعارضة بالوسائل المحترمة، وتطلب من الجيش التدخل لإزاحة منافسها، فهل يتخيل أحد أن الجيش يمكن أن يترك هذه الفرصة تفلت منه؟
وبحسب قنديل فإن هذا ما جرى في ذلك اليوم التي استسلم فيه الضمير الثوري لمخدر الصراع على السلطة، فمنح السلطة والثورة، معًا للجيش.
ويضيف قنديل في كلمته في الندوة بأنه يمكن تلخيص 30 يونيو/حزيران 2013 ، بأنها لحظة تعرت ضمائر ما تسمى النخب الثورية والسياسية، فاختارت التغيير بصندوق السلاح، بدلًا من التغيير بصندوق الانتخاب، ولفت قنديل بأن تلك المعارضة فشلت في أن تكون معارضة حقيقية فادعوا أن من بالحكم فاشل وبنوا على هذا الادعاء مؤامرة، استدعوا وتواطأوا فيها مع من يعلمون أنه يريد الانقضاض على السلطة والثورة، ويملك القوة اللازمة، فعلوا ذلك وهم الأكثر قراءة واطلاعًا على مآلات الثورات حين تسلم نفسها لقاطعي الطريق.
ورفض قنديل توصيف محمد سودان أمين العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة لثورة ٢٥ يناير بأنها انقلاب عسكري، معتبرا أنها ذرة تاج النضال الوطني المصري، داعيا الإخوان إلى اجراء مراجعة لما جرى،وأن استشهاد الرئيس محمد مرسي ينبغي أن يجعلهم يقومون بنقد وتقييم حقيقي للتجربة.
توحيد الصف الثوري
من جهته رأى أمين العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة محمد سودان بأن المطلوب حاليا هو توحيد الصفوف لأن أكثر ما أفاد العسكر هو نجاهم في نظرية "فرق تسد" والحل برأيه يكمن في نسيان الماضي ونبذ الخلاف تماما وتوحد أطياف المعارضة على برنامج وطني لمواجهة النظام العسكري، مشيرا إلى أن الرئيس الذي بسببه كان الليبراليون واليساريون وغيرهم يبدون تخوفهم من عودة التيار الإسلامي للحكم قد استشهد.
واعتبر سودان أن العصيان المدني أداة ضرورية، وقال أنه لا يمكن الحديث عن المستقبل معتبرا أن ما جرى في ١١ فبراير ٢٠١١ كان انقلابا عسكريا وأن عبد الفتاح السيسي أعد سلفا لقيادة مصر بعد مبارك، وأن العسكر ظنوا أن أحمد شفيق سيفوز في الانتخابات ليسقط في يدهم بفوز محمد مرسي الذي تحالفت الامارات والسعودية وإسرائيل وبدعم أمريكي لاسقاطه بسبب مواقفه من فلسطين ومن سوريا.
واعترف سودان بأن الاخوان ارتكبوا أخطاء، لكنه قال ينبغي التوقف عن اعتبارهم ملائكة، وينبغي أن يتم تقييم شامل لما جرى خلال الست سنوات الماضية للجميع وليس فقط الاخوان، وأن الفرقة والاختلاف بين قوى المعارضة هي عملية أدارها المجلس العسكري.
التسابق على الغنائم
من جهته انتقد عضو ائتلاف شباب الثورة سابقا وليد عبد الرؤوف تسابق الثوار على الغنائم والسلطة قبل انتهاء الثورة، ورأى وليد أن المخرج حاليا يكمن في رحيل كل القيادات القديمة من كل التيارات وتسليم القيادة للشباب، وحمل الناشط الاخوان المسلمين مسؤولية ما حدث في ٣٠ يونيو، بداية من استفتاء مارس الذي كسر التكتل الذي كان موجودا، إضافة للتماهي مع العسكر والدفاع عنهم، ووصف من يطالب بإسقاط المجلس العسكري وقتها بالخونة،معبرا عن اعتقاده بأن ٣٠ يونيو كانت تحركا شعبيا استغلته قوى الثورة المضادة لدعم انقلابها في ٣ يوليو /٢٠١٣ حيث لم تنزل الشعوب لإجراء انقلاب بل للدعوة لانتخابات مبكرة.
التفكير في المستقبل
أما الدكتور سعد جواد الأكاديمي العراقي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة لندن فنبه إلى ضرورة عدم الحديث عن الماضي بل التفكير في المستقبل وهو الأمر الأهم برأيه والذي ينبغي أن تنشغل فيه الحركة الوطنية المصرية بكافة أطيافها، مضيفا أن وضع مصر الآن ليس على ما يرام وقد فقدت دورها المركزي، واعتبر جواد أن ما يهمه هو عودة مصر لما كانت عليه في السابق،معبراعن اعتقاده بأن النظام المصري جرف مصر من نخبها وتياراتها الوطنية، وأن قوة مصر قد انهارت وذهب دوها لدول عربية لا تملك سوى المال، وانتهى للتعبير عن عدم تفاؤله بوجود تقارب بين الحركة الوطنية المصرية، جراء الاستمرار في النبش في الماضي وتبادل الاتهامات، ودعاها إلى التوحد على برنامج وطني إذا ما أرادت الإصلاح الحقيقي.
الندوة والتي تزامنت بالأمس مع ذكرى ٦ سنوات على تظاهرت ٣٠ يونيو- ٢٠١٣ والتي انتهت بانقلاب عسكري أطاح بأول رئيس مدني منتخب في مصر، شهدت نقاشا معمقا وجدلا وأسئلة من الجمهور المصري والعربي ، حول خارطة الطريق المطلوبة لاستعادة ثورة ٢٥ يناير، وإعادة مصر إلى الطريق الصحيح في مسار التحول الديمقراطي، وانتهى المشاركون إلى أن الخطوة الأولى تكمن في صياغة برنامج عمل وطني موحد، يجمع كل أطياف المعارضة بعيدا عن التخندق الحزبوي.