عرب لندن
تجنب الاقتصاد البريطاني الدخول في ركود، بعدما بقيت نسبة النمو صفر في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2022، لكن وزير المال جيريمي هانت حذر، يوم الجمعة، من أن المملكة "لم تتجاوز الصعوبات بعد" على خلفية ارتفاع معدلات التضخم.
وسجل إجمالي الناتج الداخلي نموا نسبته صفر في الفصل الرابع، بما يتوافق مع التوقعات بعدما انكمش بنسبة 0,3 في المئة في الأشهر الستة السابقة، وفق ما أفاد المكتب الوطني للإحصاءات في بيان.
ويتناقض النمو البالغة نسبته صفر في الفصل الرابع مع وضع ألمانيا، أكبر قوة اقتصادية في أوروبا التي انكمش إجمالي الناتج الداخلي فيها بنسبة 0,2 في المئة في الفترة ذاتها على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.
وبالمجمل، تحسن اقتصاد المملكة المتحدة بنسبة 4,1 في المئة العام الماضي بعد نمو نسبته 7,4 في المئة في 2021، بحسب بيان المكتب الوطني. لكن أسعار السلع الاستهلاكية المرتفعة بشكل كبير أثارت أزمة تكاليف معيشة في بريطانيا وأدت إلى إضرابات واسعة النطاق.
وأظهرت البيانات أن الإضرابات في قطاع النقل أثرت سلبا على الناتج في كانون الأول/ديسمبر. وقال هانت "لم نتجاوز الصعوبات بعد، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالتضخم"، لكنه أشار إلى أن اقتصادنا أكثر صمودا مما كان يخشاه كثيرون".
يعرف الركود تقنيا على أنه نمو سلبي على مدى فصلين متتاليين.
وقالت المحللة لدى "أي جي بل" لورا سوتر: "بينما لا يمكننا وضع علامة ركود على الاقتصاد، إلا أنه من الواضح أن المملكة المتحدة تعاني ويشعر الجميع بالضائقة في اقتصاد البلاد". وأضافت أن "هذه المنطقة المحايدة حيث لم يسجل أي انكماش أو نمو لن تؤدي إلى احتفال الناس في الشارع".
وأعرب حاكم بنك انكلترا آندرو بيلي، يوم الخميس، عن قلقه حيال التضخم المرتفع بشكل مستمر حتى وإن كان ذلك في ظل مؤشرات على تراجع حدة معد ل ازدياد الأسعار.
وعززت التصريحات التي أدلى بها أمام لجنة نيابية من مختلف الأحزاب التوقعات بشأن إمكانية رفع المملكة المتحدة معدلات الفائدة مجددا، بحسب المحللين.
وفي آخر اجتماع بشأن سياسته النقدية عقد الأسبوع الماضي، رفع "بنك انكلترا" معدل الفائدة للمرة العاشرة على التوالي فيما تسارع السلطات في مختلف بلدان العالم للسيطرة على التضخم الجامح.
ورفع المصرف تكاليف الاستدانة بنصف نقطة إلى أربعة في المئة، وهو أعلى مستوى منذ أواخر العام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية.
أدى ذلك إلى ازدياد قيمة الرهون العقارية وغيرها من عمليات سداد القروض، ما يؤثر بشكل كبير على النشاط الاقتصادي ويفاقم أزمة تكاليف المعيشة.
لكن الأشخاص الذين يملكون ما يكفي من المبالغ النقدية للادخار يستفيدون من رفع المعدلات.
تباطأ التضخم في المملكة المتحدة إلى 10,5 في المئة في كانون الأول/ديسمبر، لكنه ما زال عند مستويات هي الأعلى منذ 40 عاما وما زال أعلى بأكثر من خمس مرات من هدف بنك انكلترا المحدد عند 2%.
وتعهدت حكومة رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك التي تدعم جزئيا فواتير الطاقة للأعمال التجارية والمنازل خفض التضخم في المملكة المتحدة إلى نصف معدله هذه السنة، رغم أن الجزء الأكبر من القرار يعود إلى سياسة البنك المركزي وقوى السوق.
ويسعى سوناك لإحداث تغير في ثروات حكومته المتراجعة بشدة حاليا قبل الانتخابات العامة المتوقعة العام المقبل.
وتظهر الاستطلاعات أن حزب العمال المعارض يتقدم بفارق كبير على المحافظين الذين يتولون السلطة منذ العام 2010.
وما زال شبح الركود يخيم على المملكة، إذ أفاد بنك انكلترا الأسبوع الماضي بأن الاقتصاد البريطاني سينكمش في كل فصل من العام 2023.
وقال المحلل لدى "كابيتال إيكونوميكس" بول ديلز يوم الجمعة: "نشتبه بأن تداعيات التضخم المرتفع ومعدلات الفائدة المرتفعة ستتسبب بركود هذا العام".
وسدد صندوق النقد الدولي ضربة أخرى لسوناك عندما توقع أن تكون المملكة المتحدة الدولة الوحيدة ضمن بلدان مجموعة السبع التي تسجل نموا سلبيا في 2023.
وسجلت المملكة المتحدة عام 2020 أكبر انكماش ضمن مجموعة السبع جراء تداعيات كوفيد. وما زالت البلد الوحيد في المجموعة الذي لم يعد الناتج فيه بعد إلى مستويات ما قبل الوباء.
وأكد مكتب الإحصاءات الجمعة أن النشاط الاقتصادي البريطاني أقل بنسبة 0,8 في المئة من المستويات التي سج لها في 2019.