عرب لندن
بعد ستة أشهر من إصابته بجروح بالغة إثر تعرضه للطعن في الولايات المتحدة، أصدر الكاتب البريطاني سلمان رشدي رواية جديدة بعنوان "فيكتوري سيتي" (Victory City أو "مدينة النصر)، تتناول "قصة ملحمية لامرأة" من القرن الرابع عشر تقيم مدينة، وتعاني النفي والتهديد في عالم ذكوري.
وأنجز الكاتب الهندي الأصل هذه الرواية المرتقبة جدا قبل تعرضه للاعتداء، وهي بحسب ما ورد في التعريف عنها، ترجمة لملحمة تاريخية عن الشابة اليتيمة بامبا كامبانا التي تتمتع بقوى سحرية منحتها إياها إلهة، وأسست مدينة بيسناغا، ومعناها حرفيا مدينة النصر.
وأوضح مدير أعمال رشدي أندرو وايلي في تصريح نشرته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية أن الكاتب لن يلجأ إلى أي جهد ترويجي لروايته الخامسة عشرة التي تصدر الثلاثاء في الولايات المتحدة والخميس في بريطانيا، مع أن "ثمة تقدما في تماثله للشفاء" منذ الهجوم الذي تعر ض له في 12 آب/أغسطس 2022 وكاد يكلفه حياته.
وكان رشدي يهم يومها بإلقاء كلمة خلال مؤتمر في تشوتوكوا، شمال ولاية نيويورك، عندما هاجمه شاب بسكين كان في حوزته.
وأعلن ويلي في تشرين الأول/اكتوبر أن الكاتب الذي حصل على الجنسية الأميركية ويعيش في نيويورك منذ 20 عاما، فقد بصره في إحدى عينيه وخسر القدرة على استخدام إحدى يديه.
وأثار الهجوم صدمة في الغرب، لكنه حظي في المقابل بالإشادة من جهات متشددة في دول إسلامية مثل إيران وباكستان.
وابتعد المؤلف مذ اك عن وسائل الإعلام لكنه عاود نشر التغريدات عبر حسابه على شبكة تويتر الاجتماعية منذ كانون الأول/ديسمبر الفائت، وهي في الغالب مراجعات صحافية وقراءات نقدية لروايته الجديدة.
إلا أن من المقرر أن تواكب أنشطة عدة صدور "مدينة النصر"، ومنها مؤتمر ينقل عبر الإنترنت يشارك فيه الكاتبان البريطانيان نيل غايمان ومارغريت أتوود.
ويشدد رشدي مجددا في "مدينة النصر" على "قوة الكلمات"، هو الذي تحول رمزا لحرية التعبير، إذ يعيش تحت تهديد فتوى صدرت عام 1988 بهدر دمه بسبب كتابه "آيات شيطانية".
وأوضحت دار "بنغوين راندوم هاوس" الناشرة للكتاب في ملخصها عنه أن مهمة بطلة الرواية والشاعرة بامبا كامبانا التي ستعيش نحو 250 عاما تتمثل في "توفير موقع للمرأة مساو (للرجل) في عالم ذكوري"، مشيرة إلى أنها ستشهد على "تكبر من هم في السلطة "، وعلى صعود بيسناغا ثم تدميرها.
إلا أن الإرث الذي ستتركه كامبانا للعالم هو قصتها الملحمية التي تدفنها كرسالة للأجيال المقبلة. وتنتهي الرواية بالجملة الآتية: "الكلمات هي المنتصر الوحيد".
واعتبر صديق رشدي الكاتب الأميركي كولوم ماك ان في صحيفة "نيويورك تايمز" أن المؤلف "يقول شيئا عميقا جدا في +مدينة النصر+ (...) وهو أن +من غير الممكن أبدا حرمان الناس القدرة الأساسية على سرد القصص+". وأضاف أن رشدي "الذي يواجه الخطر، نجح في أن يقول حتى في مواجهة الموت، إن كل ما لدينا هو القدرة على سرد القصص".
ولد رشدي في بومباي عام 1947، ونشر روايته الأولى "جريموس" في عام 1975 وارتقى إلى النجومية العالمية بعد ست سنوات مع فيلم "أطفال منتصف الليل" الذي فاز بجائزة بوكر في المملكة المتحدة.
ولد سلمان رشدي عام 1947 في بومباي بالهند وأصدر روايته الأولى "غريموس" عام 1975، ثم بدأ يشتهر مع صدور روايته الثانية "أطفال منتصف الليل" التي فاز عنها بجائزة بوكر عام 1981 في بريطانيا. وتلتها "العار" التي حازت جائزة أفضل كتاب أجنبي في فرنسا عام 1985، و"تنهيدة المغربي الأخيرة" و"الأرض تحت قدميها" و"شاليمار المهرج" و"ساحرة فلورنسا" وغيرها.
وروى في مذكراته بعنوان "جوزف أنطون" الصادرة عام 2012 كيف انقلبت حياته رأسا على عقب في 14 شباط/فبارير 1989 حين دعا آية الله الخميني مسلمي العالم إلى قتله إذ اعتبرت روايته "آيات شيطانية" مسيئة للقرآن وللنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وانطلاقا من ذلك التاريخ، اضطر إلى التواري والعيش في السرية تحت حماية الشرطة، متنقلا من مخبأ إلى مخبأ تحت اسم مستعار هو جوزف أنطون، اختاره تكريما لكاتبيه المفض لين جوزف كونراد وأنطون تشيخوف.