عرب لندن
مع وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وجد أصحاب نظريات المؤامرة فرصة لا تضاهى لتطبيق تكتيكاتهم الاعتيادية بهدف زرع البلبلة والشكوك على الإنترنت، في نموذج ملفت لطريقة بث التضليل الإعلامي في ظل أحداث كبرى.
وفيما تبكي المملكة المتحدة ملكتها التي توفيت عن 96 عاما، تنتشر على الإنترنت شائعات كاذبة وصور مفبركة تنسب وفاتها إلى اللقاح ضد كوفيد-19 أو حتى تشير بالاتهام إلى الضحية الاعتيادية لهذه النظريات، هيلاري كلينتون.
وهذه الفرضيات ليست جديدة، بل ظهرت في العديد من المناسبات السابقة، فواكبت الغزو الروسي لأوكرانيا وأحاطت بوفاة رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين، الذي انتحر في السجن في نيويورك حيث كان محتجزا لاتهامه باغتصاب قاصرات.
وبدأت المعلومات المضللة تنتشر فور ورود مخاوف على وضع الملكة الصحي، فظهرت حسابات على تويتر تنتحل اسم وسائل إعلام معروفة مثل البي بي سي، لتعلن مسبقا وفاة إليزابيت الثانية.
وأوضح دان إيفون من جمعية "نيو ليتراسي بروجكت" أنه "في جميع أنحاء العالم، علم الناس بوفاة الملكة وتأثروا بهذا الخبر، ما شكل بالنسبة إلى مروجي المعلومات الكاذبة خزانا لا ينضب من القصص الخاطئة يمكنهم أن يغرفوا منه".
ومن هذه القصص الزائفة فيديو يعود إلى شهر، يظهر فيه أشخاص يرقصون أمام قصر باكنغهام، فأعيد بثه على أنه يظهر إيرلنديين يرقصون فرحا بعدما علموا بوفاة الملكة، ومنشور كاذب يد عي فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن الملكة منحته لقب فارس في مراسم خاصة، وصورة مفبركة لميغان ماركل زوجة الأمير هاري ترتدي قميص تي شيرت يحمل عبارة "الملكة ماتت".
ونسب البعض وفاة إليزابيث الثانية إلى اللقاح ضد فيروس كورونا، مثلما سبق أن فعلوا عند وفاة الممثلة الأميركية بيتي وايت والممثل بوب ساغيت.
ورآى آخرون أن المسؤولة عن وفاة الملكة هي هيلاري كلينتون، زاعمين أن إليزابيث الثانية كانت تملك ملفات تدين المرشحة السابقة للبيت الأبيض وكانت على استعداد لفضحها، وهي في الواقع نظرية مؤامرة قديمة تتهم هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون بتصفية خصومهم السياسيين.
ويوضح مايك كولفيلد اختصاصي التضليل الإعلامي في معهد "سنتر فور إن إنفورمد بابليك" في جامعة واشنطن كلما يحصل حدث هام في العالم، ثمة دائما ناشطون يبحثون عن زاوية معينة تدعم نظرياته.
وأوضح على سبيل المثال أن "الناشطين المعارضين للقاحات يسعون لإيجاد وسيلة لاعتبار اللقاح السبب خلف وفاة شخصية عامة".
وربط أتباع حركة "كيو آنون" من اليمين المتطرف وفاة الملكة بقناعاتهم بوجود مؤامرة عالمية تدبرها مجموعات من عبدة الشيطان وشبكات استغلال جنسي للأطفال، وهي قناعة تقوم عليها حركتهم.
ولفتت رايتشل موران العضو في "سنتر فور إنفورمد بابليك" إلى أن "العائلة المالكة لطالما أمدت أتباع حركة كيو أنون بالحجج على ضوء العلاقات الوثيقة المعروفة للأمير أندرو مع جيفري إبستين".
وانتشر فيديو على تيك توك حقق شعبية واسعة بين أتباع كيو أنون، بظهر على حد قولهم فتى يهرب عاريا من قصر باكنغهام، تبين لاحقا أنه شريط ترويجي قديم لبرنامج تلفزيوني.
وخلال الأسبوع الذي أعقب وفاة إليزابيث الثانية، أفادت شركة "زيغنال لابس" عن 76 ألف ذكر للملكة على ارتباط بجيفري إبستين وشريكته غيلاين ماكسويل التي أدينت بدورها بتهمة الإتجار جنسيا بقاصرات، على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت كما عبر الإذاعة والتلفزيون وفي الصحافة.
كذلك وردت روايات تربط الملكة بوقائع استغلال جنسي للأطفال وبهيلاري كلينتون وباللقاح 42 ألف مرة وثمانية آلاف مرة وسبعة آلاف مرة على التوالي.
ورأت كارين دوغلاس أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة كنت في المملكة المتحدة، أن سيل الأنباء المتواصل عن الملكة ونفوذها الواسع في العالم يفسران جزئيا مدى شعبية نظريات المؤامرة حول وفاتها. وتابعت أن "تقبل التفسير الاعتيادي لحدث بهذه الأهمية قد يكون أقل قدرة على الإقناع أو أقل جاذبا".
لكن هناك وسائل تساعد على عدم الوقوع في فخ التضليل الإعلامي.
وفي هذا السياق، توصي منظمات التوعية على وسائل الإعلام مثل "سنتر فور إنفورمد بابليك"، بالمقارنة بين المنشورات الواردة على الإنترنت ومصادر أخبار موثوقة، والتوقف للتفكير قليلا قبل مشاركتها.
وشدد غوردن بينيكوك من جامعة ريجينا في كندا على أن "حتى بضع لحظات من التفكير يمكن في غالب الأحيان أن تحدث فرقا كبيرا".