عرب لندن
تعرض الكاتب البريطاني سلمان رشدي، الذي أصدر مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني فتوى بهدر دمه عام 1989 بسبب روايته "الآيات الشيطانية"، للطعن في العنق الجمعة خلال مؤتمر في غرب ولاية نيويورك.
وأعلنت شرطة نيويورك في بيان أن رشدي تعر ض للطعن في العنق في هجوم استهدفه قبيل إلقائه محاضرة الجمعة، مشيرة إلى عدم توفر معلومات حول وضعه ومؤكدة توقيف المشتبه به.
وجاء في بيان للشرطة أن نحو الساعة 11,00 (15,00 ت غ) "هرع مشتبه به إلى المنصة وهاجم رشدي ومحاوره. تعر ض رشدي للطعن في العنق وتم نقله بالمروحية إلى مستشفى في المنطقة. ولا معلومات حتى الآن حول وضعه".
وقالت حاكمة ولاية نيويورك الديموقراطية كاثي هوتشل إن رشدي على قيد الحياة ووصفته بأنه "فرد أمضى عقودا يواجه السلطة بالحقيقة". وتابعت "ندين كل أشكال العنف، ونريد أن يشعر الناس أنهم أحرار في قول الحقيقة وكتابتها".
وقام عنصر مكلف ضبط أمن المحاضرة باعتقال المشتبه به، فيما تعر ض محاور رشدي لإصابة في الرأس. وأظهرت تسجيلات فيديو تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصا يسرعون لنجدة الكاتب بعد تعرضه للاعتداء.
وقال أحد الشهود على مواقع التواصل "حدث رهيب وقع للتو في مؤسسة تشوتوكوا، تعرض سلمان رشدي لاعتداء على المنصة (...) تم إخلاء المكان".
وعلى الأثر أكدت مؤسسة تشوتوكوا التي تعنى بالفنون والأدب في منطقة تقع على بعد 110 كيلومترات إلى الجنوب من بافالو، في بيان أنها تنسق مع عناصر إنفاذ القانون وأجهزة الطوارئ.
واشتهر رشدي البالغ حاليا 75 عاما بعدما أصدر روايته الثانية "أطفال منتصف الليل" في العام 1981 التي حازت تقديرات عالمية وجائزة بوكر الأدبية. وتتناول الرواية مسيرة الهند من الاستعمار البريطاني إلى الاستقلال وما بعده.
لكن روايته "الآيات الشيطانية" التي صدرت في العام 1988 أثارت جدلا كبيرا واصدر مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله روح الله الخميني فتوى بهدر دمه. واعتبر بعض المسلمين أن الرواية مسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم.
واضطر رشدي الملحد والمولود في الهند لأبوين مسلمين غير ممارسين للشعائر الدينية إلى التواري بعدما رصدت جائزة مالية لمن يقتله، ولا تزال سارية.
ووضعت الحكومة البريطانية رشدي تحت حماية الشرطة في المملكة المتحدة وتعرض مترجموه وناشروه للقتل او لمحاولات قتل.
وفي العام 1991 قتل الياباني هيتوشي إيغاراشي الذي ترجم كتابه "الآيات الشيطانية" طعنا.
وبقي رشدي متواريا نحو عقد وقد غير مقر إقامته مرارا وتعذر عليه إبلاغ أولاده بمكان إقامته.
ولم يستأنف رشدي ظهوره العلني إلا في أواخر تسعينيات القرن الماضي بعدما أعلنت إيران أنها لا تؤيد اغتياله.
ورشدي مقيم حاليا في نيويورك وهو ناشط في الدفاع عن حرية التعبير وقد دافع بشدة عن صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة الفرنسية بعدما استهدفها إسلاميون بهجوم عام 2015، قاموا خلاله بتصفية موظفين فيها ولا سيما أعضاء هيئة التحرير.
وكانت الصحيفة أعادت نشر رسوم للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أثارت ردود فعل غاضبة في العالم الإسلامي.
وبقي إطلاق التهديد والمقاطعة يلاحقان المناسبات الأدبية التي يشارك فيها رشدي، كما أثار منحه لقب فارس في بريطانيا في العام 2007 احتجاجات في إيران وباكستان حيث قال أحد الوزراء إن التكريم يبرر التفجيرات الانتحارية.
لكن فتوى هدر دمه لم تثن رشدي عن الكتابة وعن إعداد مذكراته في رواية بعنوان جوزيف أنطون وهو الاسم المستعار الذي اعتمده إبان تواريه، وقد كتبها بصيغة الغائب.
وروايته "أطفال منتصف الليل" الواقعة في أكثر من 600 صفحة تم تكييفها للمسرح والشاشة الفضية، وترجمت كتبه إلى أكثر من 40 لغة.
وفي خريف العام 2018 قال رشدي "مر 31 عاما"، وأضاف "الآن كل الأمور تسير بشكل جيد. كنت في الـ41 حينها (حين صدرت الفتوى)، حاليا أبلغ 71 عاما. نعيش في عالم تتغير فيه دواعي القلق بسرعة كبيرة. حاليا هناك أسباب كثيرة أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون يتعين قتلهم...".
وأعلنت رئيسة منظمة "بين أميركا" سوزان نوسل أن المجموعة التي تعنى بالدفاع عن حرية التعبير "تحت وقع الصدمة" جراء الهجوم "المرو ع".
وذكرت نوسل في بيان أن "رشدي راسلني بالبريد الإلكتروني صباح الجمعة قبل ساعات من الهجوم للمساعدة في إيجاد مسكن لكتاب أوكرانيين يبحثون عن ملاذ آمن هربا من المخاطر الكبيرة التي يواجهونها".
وأعربت عن "تضامن" المؤسسة مع "سلمان الشجاع" متمنية له "الشفاء العاجل والتام"، وأضافت "نعرب عن أملنا وقناعتنا بأن صوته الرائد لا يمكن ولن يتم إسكاته".