عرب لندن
في سن الخامسة والعشرين، تصور بول ماكارتني حياة تقاعدية هادئة في أغنية "ون أيم سيكستي فور"... لكن نجم البوب البريطاني الشهير لا يزال نشطا للغاية، وهو يحتفل، السبت، بعامه الثمانين قبل أسبوع من حفلة من المقرر أن يحييها في غلاستونبيري.
وسيصبح ماكارتني إثر هذه الحفلة أكبر النجوم الرئيسيين سنا في تاريخ هذا المهرجان العريق، الذي يستقطب عشرات آلاف الأشخاص في جنوب إنكلترا الغربي.
وكتب ماكارتني عبر تويتر نهاية آذار/مارس "الحشود في غلاستونبيري لطالما ذكرتني بمشاهد القتال في القرون الوسطى".
وتقام هذه الحفلة بعد حوالى عشرة أيام على إنتهاء جولته "غوت باك تور" والتي ملأ خلالها مدرجات بأكملها في الولايات المتحدة على مدى شهر ونصف شهر.
ورغم أنه ليس مستعدا على ما يبدو للابتعاد عن الساحة، اضطر نجم فرقة "بيتلز" الذي يقدم عروضا إفرادية منذ أكثر من نصف قرن، إلى أخذ استراحة خلال جائحة كوفيد-19.
وهو انتقل مع عائلته للعيش في مزرعة بجنوب غرب إنكلترا مع ابنته ماري وأربعة من أحفاده الثمانية.
لكن هذه الاستراحة القسرية لم تردعه عن الاستمرار في العمل الموسيقي، إذ استغل الوضع لتسجيل ألبوم في منزله بعنوان "ماكارتني 3"، صدر في كانون الأول/ديسمبر 2020 وتصدر المبيعات في سباق الأغنيات البريطاني.
وفي العام التالي، سجل ماكارتني نسخة جديدة من هذا الألبوم بالتعاون مع كوكبة من الفنانين، ونشر كتابا يعرض لأبرز محطات مسيرته، بعنوان "ذي ليريكس"، وكتابا آخر لوصفات طعام نباتية صرفة مع ابنتيه ماري وستيلا، وقصة للأطفال... فيما طرحت "ديزني بلاس" سلسلة بعنوان "ماكارتني 3,2,1" تضم لقاءات مع المنتج ريك روبين، إضافة إلى وثائقي بيتر جاكسون بعنوان "ذي بيتلز: غت باك".
وعشية احتفاله بعيده الثمانين، لا يزال جدول أنشطة بول ماكارتني مكتظا أكثر من أي وقت مضى.
ورغم السنوات الطوال والمآسي التي ظللت حياته، يحتفظ ماكارتني بلياقة بدنية عالية وبالنظرة الثاقبة عينها التي تميز بها خلال سنوات "البيتلز".
جيمس بول ماكارتني مولود في مدينة ليفربول الإنكليزية سنة 1942 في عائلة متواضعة. وقد توفيت أمه التي كانت تعمل قابلة قانونية، حين كان في سن الرابعة عشرة.
وفي العام التالي، التقى جون لينون وشاركه العزف ضمن فرقة "كواري من" التي أصبحت لاحقا "بيتلز" مع وصول جورج هاريسون ورينغو ستار.
وأثار الشبان الأربعة بقصات شعرهم المميزة هستيريا جماعية لدى الملايين، لتغزو حمى "البيتلز" (ما عرف بـ"بيتلمانيا") العالم.
ومع جون لينون، ألف ماكارتني أغنيات ضاربة كثيرة بينها "هاي جود" و"بيني لاين"، إضافة إلى "يسترداي" التي س جل منها 1600 نسخة مختلفة.
لكن صداقة الطفولة تحطمت، وشك ل تصوير "لت إت بي" التي حمل اسمها ألبوم شهير للفرقة، مناسبة لانفراط عقد "الرباعي المذهل" (Fab Four) في العاشر من نيسان/ابريل 1970، ما أثار حزنا كبيرا لدى محبي الفرقة.
وأنشأ ماكارتني فرقة "وينغز" مع زوجته، المصورة ليندا إيستمان على آلة الكيبورد. ومعها، أصبح الموسيقي رب عائلة نباتيا . وربى الزوجان أربعة أبناء هم ماري وستيلا (التي أصبحت مصممة أزياء معروفة)، وجيمس وهيذر المولودة من زواج سابق لليندا.
وبعد 29 سنة من الزواج، توفيت ليندا سنة 1998 جراء مضاعفات إصابتها بسرطان الثدي.
بعد هذه المأساة العائلية، كر س ماكارتني حياته للقضايا المحقة والأعمال الخيرية: من البيئة إلى الحيوانات مرورا بحقوق الإنسان. وخاض غمار الموسيقى الكلاسيكية والرسم والنحت.
وتعر ف إلى هيذر ميلز، وهي عارضة أزياء سابقة ب تر جزء من ساقها في حادث، وتزوجها سنة 2002, وأنجب الزوجان طفلة سمياها بياتريس قبل أن يتطلقا وسط ضجة إعلامية كبيرة سنة 2008.
وخلال مسيرته المكللة بالنجاح، حصل بول ماكارتني على مكافآت عدة، بينها 18 جائزة "غرامي"، كما نال تكريما من الملكة إليزابيث الثانية سنة 1997.
وتسري شائعات عن إمكان منحه لقب "لورد"، في دليل جديد على التقدير للبصمة الثقافية التي تركها هذا الكاتب والمؤلف والمغني الغزير الإنتاج.
ومن بين الأعضاء الأربعة في "بيتلز"، لم يبق على قيد الحياة سوى ماكارتني وزميله رينغو ستار الذي يواصل بدوره إقامة الجولات الفنية في سن 81 عاما.