عرب لندن
تؤكد بيرسيفوني ريزفي، الشابة البريطانية، أن حياتها كانت تتلخص في شيء واحد، هو نهاية الأسبوع، وحفلاتها الصاخبة، وما الذي يتعين عليها أن ترتديه، وأي الهويات ستستعملها كي تلج العلب الليلية، إلى أن صادفت تحديا بالصيام مع زميلة لها مسلمة في الجامعة، تسمى حليمة، غيرها رأسا على عقب.
تقول بيرسيفوني، "عندما كنت مراهقة كنت مثل ثور هائج في متجر للأواني الخزفية... كانت الحفلات أهم ما في عطلات نهاية الأسبوع، وكل شيء يدور حولها. في تلك الأيام كان ما يشغلني هو: هوية من سأستخدم؟ (بسبب شرط العمر لدخول النوادي الليلية)، ماذا سأرتدي؟ ثم يأتي دور السؤال بخصوص المكان الذي سنشرب به قبل الحفلة، وثم من سيأخذنا إلى المدينة؟ وتزيد:"كنت ألجأ إلى الكحول كوسيلة للتعايش مع مشاكلي، وأمر بتجارب استنزاف عاطفي، ولم أستطع حقا فهمها أو التعامل معها. كنت أعاني لكي أجد لحياتي هدفا، وأردت أن أقوم بما هو أفضل لنفسي. ولم أكن أعرف ما الذي أفعله".
وصدفة جاء اللقاء بحليمة، الشابة المسملة، فتقول عنه بيرسيفوني:"كنت قد التحقت بالجامعة في الصيف الذي سبق ذلك، وعملت خلال العطلة الصيفية في مركز اتصالات. وكانت إحدى صديقاتي هناك تدعى حليمة وهي مسلمة. فصمت معها شهر رمضان، وكان ذلك أول تعرّفي على الدين الإسلامي"، وتوضح أكثر:"لم أكن في تلك المرحلة أفكر في أن أعتنق الدين، لقد كان الأمر بالنسبة لي يتعلق بتحد شخصي. وكان غروري الشخصي يقول لي، "إنها 30 يوما من الصيام، يمكنك القيام بذلك... عندما بدأت الصيام للمرة الأولى كنت لا أزال أذهب إلى الحفلات وأشرب الكحول، لكن نظرتي وقناعاتي بدأتا بالتغير. وأصبحت تراودني أفكار من قبيل "أنا أفضل من هذا، أو قيمتي أكثر من هذا. لقد ولّد لدي شهر الصيام مشاعر الإيثار والامتنان، وأعطاني الوسيلة للاهتمام بنفسي والتي كنت في أمس الحاجة إليها. كان ذلك بمثابة بطاقة دخولي إلى الإسلام".
بيرسيفوني، التي تربت في بيئة لا تهتم كثيرا بالتدين، أوضحت أنها كانت خلال سنتيها الأولى في الجامعة تبحث بجدية لتعرف أكثر عن الإسلام وتعاليمه"، وقالت:"(كنت) أفكر في أن أصبح مسلمة. كنت أتنقل بين الجامعة في سالفورد ومنزل والديّ في هدرسفيلد، لكنهما لم يعرفا مدى اهتمامي بالإسلام. أخفيت الأمر جيدا إلى أن اقتحمت المنزل ذات يوم مرتدية حجابي وأنا أصيح "إنني مسلمة الآن!"، وأضافت:"أصيب والداي بالصدمة والارتباك، لكنهما لم يكونا غاضبين. طرحا علي الكثير من الأسئلة بخصوص اختياراتي، وأرادا التأكد من أنني كنت أتخذ القرار الصحيح. اعتبر أبي أنني مبالغة في حماسي، وعندما أنظر إلى الوراء الآن أرى أنني فعلا لم أكن معتدلة، أردت أن أفعل كل شيء من خلال الكتاب من دون فهم تفسير القرآن بشكل صحيح. أردت أن أبذل قصارى جهدي وأن أفعل كل شيء عن قناعة".
وتحكي بيرسيفوني، حسبما نشر في بي بي سي عربي، وقائع نطق الشهادة، فتقول:"كنت لا أزال في الجامعة عندما نطقت الشهادة. لم أكن أخطط لذلك، لكنني ذهبت إلى مسجد إكليز في سالفورد وأنا احمل قائمة من الأسئلة للإمام. أجابني عليها، وقال "كرري ورائي ..."، ففعلت، قال لي "مبروك، أنت مسلمة الآن!". كنت مرتبكة للغاية، لكنني مسرورة لأنني فعلت ذلك أخيرا. رحبت بي الجالية المسلمة بحرارة. وقابلت عددا من صديقات العمر من خلال الإسلام - ذكرنني بما يفترض أن تكون عليه الأخوة. يمكننا التحدث إلى بعضنا بصراحة تامة، نشعر بالاسترخاء معا وأنه لا داعي للحذر، كما أننا نستمد العزاء من بعضنا البعض حين نمر بأوقات صعبة. صديقاتي هن أقوى نظام دعم لي، وقد تعلمت مع مرور السنوات أهمية اختيار الأشخاص الذين يحيطون بك".
ولأن الإسلام غير حياتها بالفعل، بعد انتكاسات بسيطة، فهي تقول:"والداي يدعمانني بقوة، لقد شاركاني في الحقيقة الصوم عدة مرات. كان قلقهما الرئيسي هو أن أتغير بحيث لا أعود أنا نفسي، لكن كما شاهدا على مر السنوات، ما زلت أنا، لكن فقط بنسخة ثانية! أصبحت أكثر احتراما، وسلاما، متصالحة مع نفسي، وأكثر إدراكا للعالم وكيف تؤثر أفعالي على الآخرين"، وتزيد:"أعتقد أن أمي استمتعت بالفعل بتحدي نفسها لتعرف ما الذي أعتبره أزياء محتشمة مناسبة لي. فقد كانت دائما مستشارتي الخاصة للموضة. وصديقاتي المسلمات لا يمكنهن تصديق أن ملابسي أخذتها في الحقيقة من خزانة أمي، وارتديتها بطريقة لتناسب أسلوبي المحتشم".
أما وهي تتذكر ماضيها السيء، وكيف حاولت إنهاء حياتها بفعل الأفكار السوداء التي كانت تنتابها إثر الإفراط في الشراب، فتخلص إلى التالي:"هذا ما يجعلني أقول إن الإسلام فعلا أنقذني، لأنني الآن أعرف أفضل الطرق للتعامل مع تلك الأوقات العصيبة. لم أكن لأستطيع التأقلم لولا الصلاة والاهتمام بصحتي النفسية والجسدية. لولا الإسلام".