بريطانيا تستعد لإعادة التفاوض بشأن قوانين السلامة على الإنترنت لتفادي التعريفات الجمركية

عرب لندن 

تستعد الحكومة البريطانية لإعادة النظر في قانون السلامة على الإنترنت لتجنب فرض إدارة دونالد ترامب، رسوما جمركية عليها.

ويواجه القانون، الذي ينظم الخطاب عبر الإنترنت، معارضة شديدة من الإدارة الأمريكية، حيث يفرض غرامات ضخمة على شركات التكنولوجيا الأمريكية في حال عدم امتثالها لإزالة المحتوى الضار من منصاتها.

وبحسب تقارير "التلغراف"، فإن داونينج ستريت تستعد للتفاوض بشأن بعض بنود القانون من أجل إبرام صفقة تجارية مع الولايات المتحدة إذا ما تم طرح الأمر خلال المحادثات.

وتتعرض الحكومة لانتقادات واسعة من قبل المدافعين عن حرية التعبير والاقتصاديين، الذين يرون أن أحكام القانون الواسعة لمعالجة المحتوى الضار قد تؤدي إلى رقابة مفرطة وتثني شركات التكنولوجيا الأمريكية عن الاستثمار في بريطانيا.

وقال المراقبون أن إيلون ماسك، أحد أقرب المستشارين للرئيس ترامب، يبدي قلقًا كبيرًا بشأن تنظيم الإنترنت في المملكة المتحدة.

وتشير مصادر في الحزب الجمهوري بالكونغرس إلى أن ماسك يدفع ترامب لإثارة مسألة القيود على وسائل التواصل الاجتماعي خلال المحادثات التجارية مع بريطانيا.

وتفرض القوانين الحالية غرامات تصل إلى 18 مليون جنيه إسترليني أو 10% من الإيرادات السنوية على شركات التكنولوجيا الكبرى في حال عدم إزالة المحتوى الضار.

وتعزز العلاقة الوثيقة بين ترامب وكبار مسؤولي شركات التكنولوجيا، مثل ماسك ومارك زوكربيرج، موقف الرئيس في الدفاع عن سياسات حرية التعبير في الدول الأخرى.

وتوضح مصادر مقربة من إدارة ترامب أن قانون السلامة على الإنترنت يُنظر إليه على أنه "قمعي" الطابع، حيث يرى بعض المسؤولين الأمريكيين أن بريطانيا باتت مكانًا يقيد حرية التعبير حول القضايا غير الرائجة.

وأكد مسؤول في الإدارة الأمريكية وفقا للصحيفة: "تكره الإدارة هذا القانون. وقد أعرب الكونغرس عن مخاوفه منذ إقراره، ويزال  المسؤولون في البيت الأبيض يقولون الشيء ذاته."

ويستعد ماسك لمواجهة مع هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "Ofcom"، التي ستُمنح سلطات جديدة بموجب القانون في الأسابيع المقبلة.

ويستخدم ماسك منصته X (تويتر سابقًا) لقيادة حملة ضد القيود المفروضة على حرية التعبير في المملكة المتحدة، مدعيًا أنها تتزايد وسط ما وصفه بـ"تصاعد الإسلاموية" في البلاد.

ويدعو ماسك إلى الإفراج عن الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون، الذي سُجن بتهمة ازدراء المحكمة بسبب ترويجه لمزاعم كاذبة عن لاجئ سوري.

وعلّق ماسك على دخول القانون حيز التنفيذ في مارس المقبل قائلًا: "لحسن الحظ، سيكون دونالد ترامب رئيسًا في الوقت المناسب."

ويواجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر انتقادات متزايدة في الولايات المتحدة بسبب خططه لحظر المحتوى الذي يُعتبر ضارًا حتى لو لم يكن غير قانوني.

وتختلف قوانين حرية التعبير في المملكة المتحدة عن تلك الموجودة في الولايات المتحدة، حيث يضمن الدستور الأمريكي حرية التعبير بشكل صارم.

بدوره، حذر اللورد يونغ أوف أكتون -توبي يونغ-، مؤسس اتحاد حرية التعبير، من أن الحكومة البريطانية تسير في مسار تصادمي مع عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين، قائلًا: "إذا حاولت (Ofcom) فرض غرامات تصل إلى 10% من الإيرادات العالمية على (X) أو( فيسبوك) بسبب عدم إزالة محتوى لا يعد غير قانوني، فأتوقع مواجهة بين إيلون ماسك و مارك زوكربيرج والحكومة البريطانية."

وأضاف قائلًا: "إذا حدث ذلك، سيقف ترامب إلى جانب رفاقه في التكنولوجيا، وسيقول لـستارمر بأنه إذا كان يريد صفقة تجارية، فعليه التراجع."*

ووصف أندرو هيل، محلل سياسات التجارة في مؤسسة "Heritage Foundation" القانون بأنه "عقبة رئيسية" أمام أي صفقة تجارية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وأكد قائلًا: "كل اجتماع لي مع مسؤولين في الإدارة أو الكونغرس حول التجارة يتضمن هذه القضية. الجميع يرون فيها عقبة كبيرة."

ويتعهد حزب العمال في بيانه الانتخابي بـ"استكشاف تدابير إضافية لحماية الجميع على الإنترنت، خصوصًا عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، مع منح المحققين سلطات أكبر للوصول إلى بيانات الشركات التكنولوجية في حال وفاة طفل."

وتم تمريير القوانين الحالية في أواخر عام 2023 بعد حملة واسعة من "التلغراف"، بدعم من مجموعات حقوقية وأولياء الأمور، ونواب من جميع الأحزاب، الذين طالبوا بإجراءات أكثر صرامة ضد المحتوى "القانوني لكن الضار" عبر الإنترنت.

وبينما ازدادت المخاوف في داونينج ستريت من أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية جديدة على بريطانيا قريبًا،أكد ترامب أنه يمكن التوصل إلى "تفاهم" مع ستارمر، مشيرًا إلى أنهما "يتفاهمان جيدًا".

ويأمل ستارمر ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، استرضاء ترامب من خلال تقديم تنازلات، بعد عطل الرئيس الأمريكي مؤقتًا فرض تعريفات جمركية على المكسيك وكندا عقب محادثات مع قادتهما