عرب لندن
تشهد بريطانيا نقاشًا حادًا حول مشروع قانون الموت بمساعدة الدولة في إنجلترا وويلز، الذي من المقرر أن يُطرح للتصويت في مجلس العموم يوم الجمعة المقبل، وسط انقسام كبير بين السياسيين، القادة الدينيين، والقانونيين.
وبحسب ما ذكرته صحيفة الغارديان ”The Guardian“ بدورها هاجمت وزيرة العدل، شابانا محمود، مشروع القانون، محذرة من أنه قد يقود البلاد إلى "منحدر خطير نحو الموت عند الطلب".
وفي رسالة وجهتها إلى ناخبيها في دائرة برمنغهام ليديوود، التي تضم عددًا كبيرًا من السكان المسلمين، عبّرت محمود عن "قلقها العميق" تجاه الآثار الأخلاقية والثقافية المترتبة على هذا المشروع.
وقالت محمود: "دور الدولة يجب أن يكون حماية الحياة، لا إنهاءها. تقديم الموت كخدمة يمثل تحولًا جذريًا في ثقافتنا. الخطر الأكبر هو أن يشعر كبار السن والمرضى بأنهم عبء على أسرهم والمجتمع، فيختارون الموت ليس لأنهم يريدونه، بل لأنهم يظنون أن الآخرين يفضلونه لهم“.
وأضافت: "الحق في الموت للبعض سيتحول حتمًا إلى واجب على الآخرين. لا يمكننا قبول وفاة البعض بشكل خاطئ مقابل توفير خيار الموت للآخرين".
كما انتقدت الوزيرة ضعف الضمانات القانونية ضد الإكراه في مشروع القانون، مؤكدة أنه يفتقر إلى معايير واضحة لضمان نزاهة العملية القضائية.
ومن جهة أخرى، أعلن وزير الصحة، ويس ستريتينغ، معارضته للمشروع، محذرًا من تداعياته المالية على هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS). وأشار إلى أن مشروع القانون قد يؤدي إلى دفع المرضى الذين يعانون من أمراض مميتة إلى اتخاذ قرار إنهاء حياتهم مبكرًا لتقليص التكاليف على النظام الصحي.
وإذا أُقر مشروع قانون الموت بمساعدة الدولة، فسيُسمح للبالغين فوق سن 18 عامًا الذين يتمتعون بالأهلية العقلية والذين يتوقع أن يموتوا خلال ستة أشهر بالحصول على مساعدة طبية لإنهاء حياتهم. يتطلب هذا المشروع موافقة طبيبين مستقلين وتوقيع قاضٍ في المحكمة العليا.
وفي رسالة إلى صحيفة الأوبزرفر، عبّر عدد من كبار القانونيين عن دعمهم للمشروع، مؤكدين أنه يتضمن ضمانات قوية لحماية الفئات الضعيفة، مثل تقييم القرار من قبل طبيبين مستقلين وقاضٍ. وكتبوا: "هذا التشريع سيحمي قدسية الحياة أكثر من القوانين الحالية، ويسمح للأفراد باتخاذ قرارات مستنيرة بشأن نهاية حياتهم".
من جهة أخرى، عبر زعماء دينيون بارزون مثل الكاردينال فنسنت نيكولز والحاخام الأكبر إفرائيم ميرفيس عن قلقهم بشأن المخاطر المحتملة للإكراه وإساءة استخدام المشروع. وقالوا: "نشعر بقلق عميق من تأثير المشروع على الفئات الأكثر ضعفًا، وفتح الباب أمام إساءة استخدام خطيرة قد تهدد الأرواح".
وأشارت التوقعات إلى أن المشروع قد يحظى بدعم الأغلبية في القراءة الثانية يوم الجمعة، وفقًا لتقديرات مسؤولي الأحزاب. وإذا أُقر، سينتقل المشروع إلى اللجنة لدراسة الضمانات القانونية، ثم يُعاد للتصويت النهائي في أبريل المقبل على أقرب تقدير.
وأثارت معارضة وزيري العدل والصحة، شابانا محمود وويس ستريتينغ، تساؤلات حول كيفية تنفيذ المشروع في حال إقراره. وقال مصدر حكومي: "وجود وزيرين رئيسيين يعارضان قانونًا اجتماعيًا كبيرًا يثير تساؤلات جدية حول كيفية تنفيذه".
وسيكون تصويت يوم الجمعة نقطة فارقة في الجدل الوطني حول الحق في الموت، حيث يستمر الانقسام بين المؤيدين والمعارضين للمشروع.